آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-10:10ص

الانتقالي يقود المرحلة .. لا محرم ولا مكروه

الأربعاء - 16 يونيو 2021 - الساعة 08:19 م

نزيه مرياش
بقلم: نزيه مرياش
- ارشيف الكاتب


منذ حرب 94 م وأقدام أرض الجنوب ليست فقط في حالة نزول من على سلم التطور والنمو الإقليمي والعالمي، بل أن كل درجة تم النزول منها قد نُسفت بكل مافيها من مؤسسات عسكرية ومدنية وخدمية وأيضاً بنية تحتية، وأهمها المعالم الأثرية التي يراد بهدمها محو الهوية الجنوبية من خارطة تاريخ العصور . 

منذ حرب 94 م وأرواح أبناء الجنوب بين رحيل وبقاء من جراء مد السياسة الوحدوية العنصرية وجزر السياسة الإقليمية والدولية، لأمواج المصالح التي جعلتهم يتكالبوا على خيرات بحر الجنوب ونهشها بفك اللإنسانية وأنياب بابا والأربعين حرامي .

منذ حرب 94 م ووطنية أبناء الجنوب، التي خلفت قوافل من الشهداء والجرحى، مازالت متعطشة للموت حتى وإن أُعيدت للحياة مرة أخرى، فالدماء والأرواح الجنوبية لن تبخل بأن تُزهق في سبيل رؤية نور شمس الحرية يلفح وجنات تراب أرض الجنوب، ليشرق مستقبل أولادنا وأحفادنا بكل أطياف الحياة من رخاء وسعادة وشرف وهيبة ننافس بها من بالأمس حرمونا منها . 

منذ حرب 94 م وعقول أبناء الجنوب في تنقل من سحابة حركة موج إلى سحابة حركة حتم إلى سحابة حركة تاج إلى سحابة الحراك الجنوبي إلى سحابة جمعية المتقاعدين إلى سحابة هزيمة الحوثي إلى سحابة المجلس الإنتقالي في سماء النضال المستمر إلى يومنا هذا، غير مُبالين ولا مُكترثين لعواصف الأغتيال والقتل ولصواعق التهميش ولكوارث حرمان الرواتب، هذه الأساليب الإضطهادية، التي نهجها أعداؤنا، كان يتذوقها المناضلين الجنوبيين البواسل كدواء يشفيهم من خلايا سرطان العبودية ويحيي أعضاء الحرية .

منذ حرب 94 م وأبناء الجنوب صغيرها وكبيرها رجالها ونسائها في نضال دائم ليس له مثيل على الارض، هذا النضال الذي نحت أروع وأرقى وأندر النقوش النضالية التي ستُدرس وستنفذ كأهداف وطرق سامية في جميع منابر النضال العالمية لاجل الحرية في جميع بقاع الارض، ولكن ولأجل أن نحصد ثمار النضال على الواقع ولأجل أن نثبت أن دماء شهداء الجنوب لم تذهب سُدى وعبثا، ولأجل أن تتحقق أهداف نضال الحركات الجنوبية منذ 94 م، يجب أن يخاوي النضال الثوري _ وبخطى متوازية _ النضال السياسي لأجل تحقيق الحرية المطلقة بجميع أركانها على أرض الواقع .

ففي حالة أستمر نضالنا الثوري دون مزجه بنضال سياسي، فإن نضالنا سيستمر لعشرات القرون ملونة بسيل من دماء أبناء الجنوب بدون تحقيق أي هدف من الأهداف التي قامت لأجلها ثورة الحرية منذ حرب 94 م . فنضالنا لم يعد محصور ضد السلطة الشمالية بل أيضاً مع دول أقليمية ودولية، التي لاتتطلب منا نضال ثوري ضدها بل نضال سياسي وربابنة سياسية الذين سيراوغون بسفينة قضية الجنوب بين موج بحر السياسة والمصالح الاقليمية والدولية، وان لايقفوا كصخرة صماء _ لا تفقه متطلبات الواقع _ في وجه الموج الذي لا يُقهر، فتغرق قضيتنا ويغرق معها أحلام أجيالنا . 

هذا النضال السياسي الذي توطن في أحضان المجلس الإنتقالي وتميز به عن بقية القوى النضالية الجنوبية السابقة والحالية، حيث أستطاع المجلس الإنتقالي أن يكمل نبش ملف القضية الجنوبية، الذي كُفن بالرمال منذ عام 1990م ، من مقبرة أرشيف مجلس الأمن والأمم المتحدة ويضعه على الطاولة الدولية لتُعاد الحقوق إلى أصاحبها .

فلا يمكن التجرؤ عن غض البصر عن الشامات السياسية المرصعة على جسد المجلس الانتقالي، المتمثلة بإيجاد داعم أقليمي ودولي للقضية الجنوبية، وهذه ضربة معلم لم يسبق لها أي كارزما جنوبية سوى رئيس المجلس الإنتقالي اللواء/ عيدروس الزبيدي، الذي أستطاع أيضاً أن يتشبث بالأرض ويفرض على الشرعية والتحالف والمجتمع الدولي في إشراكة في الحكومة، لتصدق الحكمة السياسية القائله: من يملك الأرض يملك القرار، وهذا شاهدناه أيضاً في المليشيات الحوثية المسيطرة على الأرض، والتي أستطاعت أن تجعل الشرعية والتحالف والمجتمع الدولي يطلبوا رضاه في إنهاء الحرب والجلوس على طاولة الحوار في مسقط مع التحالف ودون الحكومة الشرعية، بحسب شرط الحوثي الذي تم تنفيذه من قبل التحالف ودون تردد . 

فما المانع من بقية الأطراف الجنوبية أن يعطوا فرصة للمجلس الإنتقالي في قيادة هذه المرحلة الإنتقالية، التي ينطق فحواها في بناء مؤسسات الدولة للمرحلة القادمة التي ستحكمها الإنتخابات .

وما المانع من الأطراف الجنوبية أن ينظروا بعين الوطنية إلى الثقل والمكانة ( إختياره كممثل للمرحلة الحالية من قبل التحالف والمجتمع الدولي ) التي وصل إليها المجلس الإنتقالي، وأن تُستغل هذه الفرصة الأخيرة للجنوبيين عبر تلامس أكتاف جميع الأطراف ليشكلوا سلسلة جبلية التي بها سترسو سفينة الجنوب إلى بر الأمان .

فما نشاهده هذه الأيام من تحركات تدل على أن يد جنوبية واحدة لا تصفق، هذه التحركات من اللواء/ عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الإنتقالي، المتمثلة بإعادة ترميم مؤسسات الدفاع والأمن وإنشاء لجان لإعادة هيكلة قوات الدفاع والأمن الجنوبية بجميع أشكالها ومناطقها وتأهيلها، أيضاً إستقباله لشخصيات من جميع المناطق لإشراكهم في العمل السياسي والمدني لهذه المرحلة التي يعلم اللواء/ عيدروس الزبيدي أنها تتطلب تكاتف جميع أبناء الجنوب من جميع المناطق دون إستثناء لتحقيق ما يتمناه الجنوبيين لأحفادهم . 

فليس محرم ولا مكروه أن نغير نمط هذه المرحلة عن أنماط المراحل الجنوبية السابقة وذلك بتغير قيادة المرحلة من طرف خارجي ( لندن، موسكو، صنعاء) إلى طرف جنوبي يقود هذه المرحلة الحاسمة والمفصلية لمستقبل يحكمه أبناء الجنوب دون سواهم .