آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:45م

الثقل العماني

الثلاثاء - 15 يونيو 2021 - الساعة 08:44 م

عمر الحار
بقلم: عمر الحار
- ارشيف الكاتب


تستمد عمان الشقيقة قوة تحركها في ازمة اليمن من ثقلها التاريخي والجغرافي المترابط الاواصر والبنيان معها، مما يجعل حضورها اليوم ملحوظا في اروقة الدوائر المرتبطة بالشان اليمني، واصبحت عمان محط انظار كل المهتمين بهذا الشان الشائك والمتداخل الاطراف.

وكانت عمان المفاعل الدبلوماسي الاول الذي اشتغل على نار هادئة واثمر في وضع الخطوط المتقدمة لرؤى السياسة للازمة، ودفعت بارواقها مع المتحاروين الى العديد من محطات التفاوض العربية والدولية،وان لم تظهر ادورها في صورة ذلك الحراك الدبلوماسي النشط والمبكر، كما لم يكشف حتى الان عن كمية احتفاظها من مخزون المراجع اليمنية المؤثرة في مجريات الاحداث في ساحاتها الحربية والسياسية،مما يؤهلها من كسب النجاح المأمول في اللحظة الاخيرة لمفاوضات التسويات النهائية،دونما يعرضها للخسارة مع اي من اطراف الازمة او اهتزازه الثقة بها.

و اتقنت عمان اهمية لعبة وتوظيف الحاضنة المناسبة المتواجدة على اراضيها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء،على قاعدة اصلاح شانهم العام وكيفية خروج  بلادهم من الازمة باقل قدر من الخسائر التي منيت بها،وكبح محاولة البعض الاستئثار بالمواقف والدفع لتوظيف القتال في عمليات التسوية واقناعهم بضرورة العدول عن هذه الرؤية المنقوصة والفاقدة للصواب، وضرورة استمالة اطرافها على التخلي الطوعي عنها او اجبارهم على ذلك ولو بالاكراه.بصورة تمحي مغابن التسويات التي سادت ازمات اليمن في عهده الثوري المعاصر وابقتها رهينة لانصاف الحلول التي سرعان ماتستعيد جذوة اشتعالها من تحت رمادها المستور،وتعمل على اعادتها الى المربع الاول من الازمة وانبعاث جذور الخلافات التاريخية العميقة من جديد .

وتكمن خطورة الازمة اليمنية المستفحلة بالحرب من طبيعتها المركبة والمعقدة والشديدة التعقيد،وتداخلها وعجينها بالمتناقضات التاريخية و القيم الدينية والوطنية والاجتماعية والقبلية،ويصعب على كل متابع لها الخروج بتوصيف مناسب و ملامس لجوهرها الحقيقي،لدرجة لايمكن ان تؤمن الحلول المستدامة لها بقدر ما ستعمل على ايجاد الحلول الترقيعية المؤقتة لها والقابلة للانفجار في القادم من السنوات، على غرار الاحداث التي شهدتها اليمن في تاريخها المعاصر  .

واسندت القوى الدولية الخفية المدبرة للحرب، مهمة رأب الصدع الاخير بين اطراف الازمة لعمان الشقيقة على اعتبارات تربيتهم السياسية الراسخة لها كقدسية في سياسة الشرق،لها قدرة التأثيرات السحرية في مجريات الاحداث الجارية في اليمن وقربها الشديد من حجم متناقضاتها المذهبية على وجه التحديد،وان كانت بالتأكيد لن تخرج عن الاطار العام لرؤية مراكز القوى الدولية في الازمة،وهي تملك كلمة الفصل في مقرارتها النهائية وبما يخدم اهدافها الاستراتيجية منها.

وتظل التحركات الدبلوماسية العمانية محمودة ومقبولة من اطراف الصراع الغامض في اليمن،والذي لم يتبلور الكشف عن طابعه الحقيقي المفضي الى توفير القناعات المنطقية للمتحاربين بالقبول بالحلول او مواصلة الاقدام على نحر اليمن في ميادين القتال ورمي حاضرها في مزبلة العمالة ورهن مستقبلها لمشاريع الارتزاق المفتوحة على كل الجهات و الآفاق.