آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-03:31ص

تاريخ البسط في الجنوب.

الثلاثاء - 08 يونيو 2021 - الساعة 01:22 ص

صالح الحنشي
بقلم: صالح الحنشي
- ارشيف الكاتب


طبعا كان تاريخ حافل  ويمكن ان يؤرخ لبدايته من العام1972 ودشنته دولة الحزب الاشتراكي بماسمي قانون التأميم.. حين بسطت على البنوك وشركات الطيران والمحلات التجارية  والمنازل والبقالات والاراضي الزراعية التي كانت ملك لأصحابها..

صادرت هذه الحقوق الشخصية. وقامت بتوزيعها على اخرين.. وشرعت لهم البسط على املاك الاخرين..

ومادام الدولة  هي التي مكنته وامنته وهو باسط فلن يشعر بانه قد ارتكب فعل خاطئ

هنا بداء البسط فعل مشروع . ولايخجل الباسط من تملكه لحق شخص غيره   ويسرح ويمرح امام صاحب الحق ولا احد يجرؤ ان يقول له انت اخذت حق غيرك

وفي احيان كثيرة . اذا كان العقار المؤمم عماره. يمنح المالك شقه واحدة . وتمنح باقي الشقق لباسطين .

وكان مالك العمارة الذي اصبح لا يملك غير شقة  واحده فيها مثله مثل غيره. هو الاقل حقوق من بين الساكنين  والاضعف ويخشى الباسطين الساكنين معه بنفس العمارة. واصبح يعايره الباسطين صباح مساء بانه برجوازي. وانه الوحيد الشاذ بين سكان العمارة.. فالجميع هنا فلاحين وعمال من اصحاب المصلحة الحقيقية من الثورة.

بينما هو البرجوازي الوحيد. وينتمي للقوى التي تتربص بالثورة والتجربة الوليدة.

هذا الوضع جعل هذا المالك يتمنى ينام الليل. ويصحو الصباح وقد اصبح باسط مثلهم. ومن اصحاب المصلحة الحقيقية من الثورة..

هنا اختلت المفاهيم وانقلبت . واصبح الباسط هو القوي  بينما المالك اصبح المستضعف  . ولايتمنى الا ان يتساوى مع هذا الباسط ..

استمر هذا الوضع لمايزيد عن عشرين عام. كانت قد ترسخت ثقافه الحق في الاستيلاء على حق الغير.. وان لا قداسة للملكية الشخصية..

عند صدور قانون التأميم في العام 72.ظهر احد المسئولين على التلفزيون يشرح للشعب قانون التأميم ويستقبل اتصالات المواطنين. فجاء اتصال من مواطن. قال

(انا اقترضت قرض من البنك. وبنيت منزل مكون من دورين. واسكن في الدور الاول. بينما قمت بتأجير الدور الثاني ليساعدني الايجار في سداد القرض.  فماهوا وضعي الان..)

كان رد المسئول ان الدور المؤجر قد اصبح مؤمم.. اما قرض البنك. فهو مشكلة شخصيه بينك وبين البنك. لادخل لنا بها..

 

في حافة حسين كان الحاج عثمان البديجي يملك مقهايه صغير وبها ثلاثة عمال. يعملوا معه بها.. وما ان سمعوا بقانون التأميم. حتى اعلن الشقاه الثلاثة الثورة ضد الحاج عثمان.  واعلنوا تأميم المقهاية. وطرح الحاج عثمان منها. فغادرها عائدا الى بيته. بينما تفرغ الشقاة الثوار الثلاثة ليزينوه جدران المقهاية بصور لينين وجيفارا وعلم الجبهة القومية.  معلنين سقوط المقهاية في يد الثوار. وانتزاعها من براثن البرجوازيه الصغيرة المتمثلة في الحاج عثمان البديجي..

كانت المقهاية الصغيرة هي مصدر الدخل الوحيد لعائلة الحاج عثمان البديجي.

ففي احد المرات مرت سيارة قيادي كبير في الدولة بحافة حسين وخرج زوجة الحاج عثمان ورمت نفسها امام سيارة القيادي هذا. وبعد توقف سيارته سألها ما قضيتها فأخبرته.

فوجه ان يعود الحاج عثمان الى مقهايته ويكون شريكا للثوار الثلاثة..

لهذا لا تستغربوا ان رايتوا اليوم صلف بعض الباسطين الجدد.. ورايتوا تواطؤ بعض قادة السلطات الامنية مع الباسطين. وحتى تبرير بعض المبررين.. فهذه رواسب ثقافة الحق في نهب ملكيات الاخرين