آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-02:49م

مدن الهضاب بحضرموت خطط طموحة .. وأحلام مشروعة

الثلاثاء - 11 مايو 2021 - الساعة 07:58 م

د. عبدالعزيز صالح جابر
بقلم: د. عبدالعزيز صالح جابر
- ارشيف الكاتب


مشروع كبير جدا تم الإعلان عنه من قبل السلطة المحلية بوادي حضرموت من خلال دعوة للشباب المهندسين الطموحين ممن لديهم شغف ونظرة مستقبلية وطموح لتطوير التخطيط الحضري في حضرموت للعمل على تصميم مدن جديدة في الهضبة الشمالية و الجنوبية لوادي حضرموت في مديريات ( سيئون - تريم - القطن - ساه - شبام ) ،حيث سيكون العمل بإشراف مباشر من الأستاذ عصام حبريش الكثيري وكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء مع الإشارة إلى أنه  سوف يكون هناك دورا مهما لشركات أجنبية متخصصة  في المشروع بحسب ما ورد في صفحة السكرتير الإعلامي لوكيل المحافظة لشؤون الوادي والصحراء الزميل جعفر بلفاس عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك .

مشروع طموح واستراتيجي طال انتظاره .. فهذا المخطط الاستراتيجي الشامل نتمنى أن يكون بمثابة مرجع استراتيجي ينظم التنمية المستقبلية لهذه المدن ويضبط جميع العوامل المؤثرة فيها ، من خلال مرجعية تنظيمية ومخططات هيكلية وسياسات حضرية ، وخطة إدارة حضرية جديدة تحقق الاستقرار الاجتماعي والرخاء الاقتصادي بقصد إعادة توزيع السكان عـن طريق إعداد مناطق جذب سكنية وصناعية واستثمارية مستحدثة خارج نطاق المدن والقرى القائمة حاليا بالوادي ، وذلك عبر إنشاء مجتمعات جديدة حضرية بما يطلق عليها المدن الجديدة ، في هذه المساحات الشاسعة من الهضاب الجنوبية والشمالية لوادي حضرموت ( سيؤن - تريم - القطن - شبام - ساه ) والتي سوف يقام عليها المشروع .

لقد كانت الأصوات تنادي بهذا المشروع منذ فترة طويلة ولم يتم الإنصات أو الاستجابة لها  ، ولكن ظهرت الحاجة لهذا المشروع  مع كارثة فيضانات عام 2008م وما أحدثته من دمار وازاهاق للأرواح ، وكذا مع اشتداد التغيرات المناخية وازدياد الحالات المدارية والأعاصير ، تضاف لها المشاكل المعقدة  للزحف المتسارع على الأراضي الزراعية، وتدهور النسيج الحضري وتدني جودة المعيشة في المناطق في وسط الوادي و خاصة مع حالة الفوضى التي شهدها التخطيط الحضري وتفاقم مشاكل الأراضي والعقار ، وحالات السطو والبسط على الأراضي وإدعاءات الملكية ، علاوة على تفشي ظواهر الفساد والتي أثرت على التنمية والاستثمار والنسيج الاجتماعي ، وهذا أفقد السلطات المحلية موارد مالية كبيرة كانت كفيلة بتحسين الخدمات وإحداث نقلة تنموية واقتصادية تعود بالنفع على الدولة والمواطن على حد سواء .

لذا جاء الإعلان عن أولى خطوات هذا المشروع ومع ما يحمله من طموحات وأهداف وغايات سامية والتي انطلق منها ووضع لبنات أساسية له بتوجيه الدعوة  من السلطة المحلية بالوادي لاشراك الشباب الحضرمي من المهندسين المبدعين لوضع اسسه، ونتمنى ألا يقتصر على هذه الفئة فقط بل من الضرورة بمكان إشراك القانونيين وأصحاب الراي والخبرة حتى يسهم الجميع في وضع اسس المخطط الاستراتيجي للتخطيط والتصميم الحضريين بما يسهم  في تعزيز التنمية الحضرية المستدامة في حضرموت، من خلال وضع المنهجية الحديثة التي تضع اسس الأفكار العامة لما يجب أن يكون عليه هذا المخطط من خلال اعتماد المساحات الكافية لشبكة شوارع تتميز بالكفاءة وتستوعب تقنيات العصر ، وتحديد المناطق الحضرية  ذات الكثافة السكانية الملائمة، مع التنوع في آلية الأغراض للأراضي وتخصيص استخدامها وفق منهجية مبتكرة، وأن يكون الهدف الرئيسي منه هو تحقيق التنمية المستدامة لتلك المناطق والمدن استنادًا إلى استراتيجية شاملة مدعومة برؤية علمية .. ناهيك عن وضع خطط تطوير البنية التحتية وتحسين البيئة الحضرية ككل بحيث يمثل المخطط التطلعات على الأمد القصير، والمتوسط، والطويل.

ومن الأهمية بمكان أن يكون هذا  المخطط بعد إنجازه بمنزلة مرجع استراتيجي ينظم التنمية المستقبلية لهذه المدن الحديثة ويضبط جميع العوامل المؤثرة في نموها، من خلال مرجعية تنظيمية، ومخططات هيكلية، وسياسات حضرية، وخطة إدارة حضرية، تمثل في مجموعها برنامج العمل المشترك لجميع المؤسسات العاملة في هذه المدن ، ومرجعية استراتيجية لجميع البرامج التنفيذية للمؤسسات والإدارات الحكومية بغية توجيه جميع فعاليات النمو في المدن الجديدة نحو رؤية مستقبلية محددة، وعلى أن يتضمن المخطط للمدى البعيد  وضع رؤية مستقبلية للخمسين عاماً القادمة ، وصياغة إطار استراتيجي متوسط المدى للعشرين سنة القادمة لقيادة التنمية الحضرية في جميع قطاعاتها من تخطيط حضري واقتصاد و إسكان وبيئة ومرافق عامة ونقل وسياسات حضرية و إدارة حضرية، إضافة إلى وضع خطط تنفيذية قصيرة المدى للعشر سنوات القادمة ، على أن يعمل هذا المخطط على تعزيز قنوات الاتصال والتنسيق بين جميع الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص والسكان في العملية التخطيطية للمدن، ويرتكز في تكوينه على المعلومات الحديثة والميدانية المتعلقة بجميع القطاعات المختلفة بالاستفادة من التجارب الحديثة في التخطيط الاستراتيجي والتقنيات المتطورة  في هذا المجال في بعض تجارب المدن الجديدة الناجحة إقليميا ودوليا .

ولمواكبة هذا الطموح ولضمان البيئة القانونية السليمة وحتى يبنى المشروع وفق إطار قانوني سليم  يضمن انسيابية العمل وتشجيع رؤوس الاموال للاستثمار ،فإن السلطة المحلية بالوادي والمحافظة عليها قبل البدء والشروع في المشروع سرعة العمل على استصدار قرار جمهوري من رئيس الجمهورية بانشاء الهيئة العامة لتطوير مدن هضبة حضرموت كجهة مستقلة وللمرونة في العمل والتخلص من البيروقراطية وتداخل المهام  وتنازع الصلاحيات بين الجهات الحكومية ، ويكون من مهام الهيئة رسم السياسات العليا لتطوير وتوجيه نمو هذه المدن ، ووضع الخطط الشاملة والبرامج التطويرية التي تلبي احتياجاتها الحالية والمستقبلية ، وتكون الجهة المخولة قانونا بهذا المشروع وعلى أن تكون هذه الهيئة تابعة للسلطة المحلية بحضرموت إداريا وماليا وإشرافيا بعيدا عن المركزية المقيتة التي كانت اس وأساس كل الفشل في المراحل السابقة .. وأن يكون من مهامها كذلك التخطيط الاستراتيجي الشامل لهذه المدن ووضع قاعدة تخطيطية استراتيجية تستوعب جميع العوامل المؤثرة في نمو المدن الجديدة من الناحية الحضرية والعمرانية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وقضايا النقل والإسكان والخدمات والمرافق كافة ، وإعداد الإطاراً التنظيمي والتخطيطي والتنفيذي للجهات العاملة في هذه المدن، وتنظيم العمل المشترك والتخطيط للمستقبل والعمل على توفير الخدمات لساكني المدن ، والرفع من مستوى العيش فيها ، وتجاوز حالة العشوائية والعبث التي سادت في حضرموت فيما يتعلق بالتخطيط والصرف للأراضي منذ عام 1990 وإلى اليوم ويدفع ثمنها الوطن والمواطن على حد سواء .

إنها فرصة ثمينة أن تبدأ السلطة المحلية بالوادي المشروع على اسس صحيحة لتخطيط هذه المدن بعيدا عن العشوائية والتخبط والاستعجال ، وأن تعمل برؤية وتان وتستند لتجارب من سبقنا من الدول كمصر ودول الخليج  في هكذا مشاريع عملاقة ناجحة، وتبتعد عن الحسابات الضيقة وتنظر للمستقبل برؤية ثاقبة ، وهذه النقاط التي تم التطرق اليها في سياق هذا المقال فإنني على ثقة أن الأستاذ  عصام حبريش الكثيري وكيل محافظة حضرموت شؤون مديريات الوادي والصحراء  سوف يقف أمامها بحرص المسؤول المتطلع أن يكتب اسمه في سجلات التاريخ بأحرف من نور  ليكون لحضرموت مدن يشار لها بالبنان تعيد لحضرموت مجدها وتاريخها وحضارتها التليدة .