آخر تحديث :الإثنين-13 مايو 2024-01:11ص

معذرة أمي3/21

السبت - 20 مارس 2021 - الساعة 07:41 م

د. غازي الحيدري
بقلم: د. غازي الحيدري
- ارشيف الكاتب


اسمحي لي أن أعتذر إليكِ بعدم تقديمي أي هدية مادية إليكِ في هذا اليوم ، لكني سأظل محافظاً على دعائي لكِ في صلواتي وخلواتي وجلواتي كالمعتاد.

لن أهديكِ شيئاً حتى لا أكون مطيعاً لأولئك الذين اخترعوا وابتدعوا يوم الحادي والعشرين من مارس ليكون عيداً لكِ.

واسمحي لي كذلك بأن أهمس  في أُذنيكِ لأقول: إن أولئك ماعرفوا قيمتكِ ، وماقدروا قدركِ ، وإن ظنوا بأن هم أكرموكِ لكنهم في الحقيقة هضموكِ ، أرادوا أن يكرموكِ لكنهم أهانوكِ ، وأرادوا أن يعلوا من شأنكِ لكنهم حطوا من مقامكِ .

أماه ..  لعل الواحد منهم لم يدرِ أو لم يدرك أن يوماً واحدًا لايوازي دقيقة واحدة من دقائق معاناة الحمل أومكابدة آلام الوضع ، ونسوا أوتناسوا(990) يومًا من أيام العمر التي تعد هي الأيام الأصعب بالنسبة لكِ ، والأهم بالنسبة لهم  *(وحمله وفصاله ثلاثون شهراً)* ناهيك عن بقية الأيام والأعوام التي لا يهدأ لك فيها قلب ولايقر لكِ فيها جفن إذا ما كانوا بعيدا عنكِ ، وإنّ شعوركِ وإحساسكِ الغريب بعَرَض أو مرض يلمّ بأحدهم خير دليل على ذلك الإحساس ، وكأنّ الحبل السري لم ينقطع بعد .

كيف يتخذون قراراً بإكرامكِ يومًا واحدا في العام ويستبعدون كل تلك الأيام ، إنه الظلم بعينه، وإنه الحيف جهلاً وتنكراً وغباءً .

عيد الأم .. لو أردنا لقلنا بأنه أشبه بكلمة حق أُريد بها باطل ، أرادوا تناسيكِ طوال العام ليتذكروكِ في هذا اليوم ، فقد هضموا حواء كعادتهم ، حين ادّعوا إكرامها فأهانوها من خلال مؤتمرات العولمة تحت شعار الحقوق والحرية والمساواة الجوفاء وما أكثرها ، ادّعوا حريتها فقيّدوها ،وادّعوا مساواتها بأخيها الرجل فلم يزيدوا من أنوثتها إلا تحقيرًا وإذلالاً .

فاعذريني أماه في هذا اليوم ، وان شئت أن لا تعذري من أطاعهم فافعلي  ، ودام عيدكِ في قلبي مع كل نبضة عصَب، ومع كل زفرة نفَس ، ودمت توأما لروحي على الدوام ، وفي مخيلتي طوال أيام العام والسلام.