آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-05:35م

اللغة اﻷم في يومها العالمي

الثلاثاء - 23 فبراير 2021 - الساعة 08:52 م

د. غازي الحيدري
بقلم: د. غازي الحيدري
- ارشيف الكاتب


اللغة وعاء الفكر ، ووسيلة التواصل ، وعز الشعوب ، وهي كائن حي كما يصفها بعض المفكرين .. ولو سئلت عن حالها في يومها العالمي لاشتكت من الإهمال والهجران ، والتطلع من قبل أبنائها لغيرها دون إدراك لقيمتها ، ناهيك عن حال معلميها في المدارس والمعاهد والجامعات ، إذ لم يعد الواحد منهم نموذجًا لتلاميذه كما ينبغي ، كي يتأسوا به ويستوعبوا مايقول ، فالالتزام بقواعدها كتابةً وحديثًا مفقود لدى الكثير منهم ، ناهيك عن الأساليب والطرائق التي من خلالها يوصلون المعلومات لتلاميذهم ، فهي مازالت تشكو الرتابة والجمود ، ولم يبذل أصحابها جهودهم للتفنن في الطرح والجاذبية في الشرح ، بل ربما زاد الواحد منهم الطين بلة فعقّد المسائل وزادها غموضًا ، وأبدع ان لم يكن ابتدع في الاختزال والتلخيص المخل لمقررات المنهاج لها وما أكثر الملخصات المخلة ، بل لربما نفّر من الاستزادة من خباياها وتفاصيلها بقصد أو بدون قصد ، بعيدا كل البعد عن التلذذ بها وبنصوصها التي تأخذ بالألباب وتسحر اﻷبصار

 

وأما عن مناهج التعليم وما حوته من مفاهيم وشروح فهي اﻷخرى لم تعد تُخدَم أو تُخرَج بالطريقة المطلوبة أو بالشكل المطلوب ، بل لايكاد القارئ لكتبها يخرج بفائدة أو بفهم واستيعاب لمحتواها إلا بوجود معلم يفك رموزها ،  ويفسّر حروزها ، بعكس المناهج القديمة التي ربما كانت أسهل بكثير من مناهج اليوم ؛ لاحتوائها على شروح وتفاصيل قد تغني الطالب عن المعلم  لما فيها من شروح وايضاحات ، إذ لاحاجة للمعلم إلا في المسائل المعقدة . 

وعلى ضوء ماورد من إشكالات وجوانب قصور تعانيها اللغة الأم ، بل وتقف عائقًا أو حجر عثرة دون تطورها ، أو على الأقل حبها والعناية بها خاصة في ظل التوجه وبشغف للغات الأخرى على حسابها ، فإن المطلوب من المحبين للغة والمعتزين بالهوية إعادة النظر في خدمتها ورعايتها  بشتى الطرق ومختلف الوسائل ، ابتداءً بالمنهاج ومرورًا بتأهيل وتدريب معلميها ، وانتهاءً بإيجاد وإخراج الوسائل التوضيحية المساندة في تدريسها ،  واستغلال التقنيات اللازمة لمواكبة العصر ، والاستشعار بأن كل جهد يبذل في هذا المضمار إنما هو خدمة لكتاب الله أولًا ، ثم اعتزازٌ بالهوية وتجنيبٌ لذل اﻷمة ثانيا وثالثاً ، فماذلّ شعب إلا بعد أن ذلت لغته .

 

والله من وراء القصد.

23فبراير2021م