آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-06:39م

إلى صديقي عبدالكريم قاسم

الأحد - 14 فبراير 2021 - الساعة 03:20 ص

سعيد النخعي
بقلم: سعيد النخعي
- ارشيف الكاتب



الأخ العزيز/ عبدالكريم قاسم
أتابع بشغف كبير قراءة الحفريات المنقوشة على جدار ذاكرتك الستينية التي لم تفلت من قبضة الذاكرة، أوتضيع في سراديب الزمن،ولم تمحها عوادي الدهر،ونوائب الأيام،فكُتب لها التميز دون غيرها من أيام عمرك التي طوتها يد النسيان،فظلت أيام القهر،والحرمان صامدة وسط يباب حياتنا الخالية من أي بارقة للأمل؛التي لاتزال ملبدة بقيوم الانتقام،والثأر حتى اللحظة،فالناس هي الناس لم تتغير ولم تتبدل،والعقلية هي العقلية لم تشخ ولم تهرم .
عزيزي عبدالكريم لقد كانت كلماتك تقرع الجدار الخارجي لجمجمة رأسي قرعًا،وتهز أوتار أعصابي هزًا ،قبل أن يزيدها التفكير وجعًا إلى أوجاعها،وحسرة إلى حسرتها،لتستقبلها خلايا المخ مثقلة بالأوجاع، أكثر مما كانت عليه قبل تحليل معانيها،وترجمة مفرداتها، التي كانت تصتكُّ بجمجمة رأسي كما تصتكُّ قطرات المطر المنهمر ببيوت الصفيح؛ فتحدث صوتًا موازيًا، لحفيف الأشجار التي تهتز طربًا حين تلامس جذورها،فتسري القشعريرة في سيقانها عند ملامستها ذات القطرات التي يجود بها ضرع السحابة نفسها، بعد تصرمها لزمن طويل،رغم الفارق الكبير بين أصوات قرع الصفيح،وحفيف الأشجار في أللحن والأداء،لأن كلمات الحزن ليست هي ذات كلمات الفرح،وأللحان الحزن تختلف اختلافًا كليًا عن أللحان الفرح، لاختلاف صدى القلب البائس المكلوم ؛عن صدى القلب الجذلان الفرح .
فتعجبت من نفاق السنين، وعوادي الدهر المحملة بعواصف الخلاف، وأعاصير الصراع التي تضرب هذه البقعة المتئكة على البحر منذ أكثر من ثلاثة ألف سنة،لم تترك للإنسان شيئًا سوى بقايا من أحلام محطمة،لم يستطع ترميمها،أو تغييرها،لينفق مابقي من حياته،مبددًا أيامها بين محاولات ترميمها،أو تغييرها .
سعيد النخعي
13/فبراير/2021م