آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:12م

صديقي الافتراضي!

الخميس - 28 يناير 2021 - الساعة 12:48 م

عامر السعيدي
بقلم: عامر السعيدي
- ارشيف الكاتب


في منتصف يناير، صادفت منشورا لصديق افتراضي مصاب بفيروس كورونا، فهمت من المنشور أن صاحبه في حالة حرجة، أحسست تلقائيا وكأنني أعرفه من قبل الزمن رغم أنه لا توجد بيننا معرفة ولا أي نوع من التواصل، لكن كلماته كانت حزينة حد الموت، ولا أدري ساعتها أي جرأة دفعتني لأن أقوم بمراسلة رجل مخنوق لا يعرفني حتى، لكنني دخلت على الخاص وقمت بتسجيل رسالة صوتية وأنا لا أحب الرسائل الصوتية بالمطلق، أخبرته أن قلوبنا معه ودعواتنا حوله وأنه قوي وسيكون بخير، ولم يكن يخطر ببالي أثر تلك الرسالة على الرجل لكنها كانت فارقة بالنسبة لرجل يترنح بين حياتين.. الدنيا والآخرة.

لم يكن الحب والعلاقات والقربى شرطا للإنسانية، كما لم يكن الكلام دائما تعبيرا عنها.

فيما بعد، عرفت أن صديقي الافتراضي هذا، دكتور وشاعر وناقد مصري كبير، وأ أن رسالتي العابرة كانت أوكسجين وهواء وعافية وعكاز أمل، كانت قوة وطوق نجاة حسب قول الرجل، وكانت أيضا قدرا حاسما وكأن الله ألهمني لأن أقف بالقرب من قلب إنسان متعب خلف البحر، ومن خلفه أربع بنات في عمر الزهور لو بوسعهن لافتدينه بالدنيا وأهلها ليعود أباً للصغيرات لا يتماً يكبر معهن.

تواصل بي الليلة محمود حسن وقد تماثل للشفاء وعاد جهازه التنفسي للعمل من جديد، أخبرني أنها لم تكن مجرد كلمات ولا مواساة عابرة، بل حياة جديدة أعادته إلى البيت والبنات والقصائد، ومنها هذه القصيدة التي كتبها لي بعزلته الكورونية التي كادت تودي به، وبقدر سعادتي بالقصيدة التي أهداها إلي، بقدر ما أسعدني خبر عودته بالسلامة وتحايا صغيراته ودعواته ومحبته التي جعلتني أحزن كثيرا على كل لحظة كان يمكن أن ألمس فيها بكلمة قلبا منهكا ولم أفعل.

لا تبخلوا بالكلمات الطيبة حين تجدون من تعني لهم شيئا، لا تهدروا الكلام في المهاترات والخصومات والحروب، ادخروا كلمات الحب لإنقاذ القلوب والأروح حتى وإن كانت للبعيدين أو العابرين في السبل والمتاهات.
كلمة طيبة، قد تضمد حياة نازفة، أو تنقذ مستقبلا مخنوقا.
ما كنت لأفكر في أن أشير لهذه الرسالة يوما لو لم أجد هذا المنشور أدناه أمامي، - في أول تعليق - لكنها فرصة لأن نربت حتى على أكتاف خصومنا حين يمرون بلحظات ضعفنا الإنساني المشترك.

الحمدلله على سلامتك يا صديقي وقد أصبح صديقا عزيزا بعد أن كانت صداقة عابرة بين أكوام من الأسماء المجهولة والوجوه المستعارة..

سعيد بك كما لو أننا اليمن ومصر تحت علم.