آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:39م

يس وي كان

الثلاثاء - 26 يناير 2021 - الساعة 10:50 ص

حيدره محمد
بقلم: حيدره محمد
- ارشيف الكاتب


هل يصلح بايدن ما أفسده ترمب ؟! سؤال عربي من داخل الصندوق الأمريكي وبنكهة عربية مؤمركة لا علاقة لها بالعرب ولا بمستقبلهم و لابتحدياتهم ولا بتطلعاتهم.. وللأسف أن معظم المثقفين والكتاب العرب منهمكين في مقاربة و مقارنة و قراءة المشهد السياسي الأمريكي وبكل أهتمام و إعجاب و حماسة على ضوء وصول الديمقراطيين لسدة الحكم في أمريكا. 

وفي تقديري أن "ساسة امريكا" مجتمعين ، لم يكونوا يوما مع العرب و لا مع الحقوق العربية ولا مع مصالح العرب و لا مع أمن و استقرار الشعوب و البلدان العربية و ليسوا إلا إمناء على مصالحهم و مصالح ربيبتهم الصهيونية المزروعة في قلب الأمة العربية فلسطين.

ويأتي الأهتمام العربي بالحقبة الامريكية الجديدة بعد سقوط كل سيناريوهات المؤامرة في الداخل الامريكي والتي لم يتماهى معها الامريكيون أنفسهم بقدر ما تماهى معها مثقفو وكتاب العرب ومعهم كافة أجهزة ومؤسسات "الإعلام العربي" وإلى الحد الذي وصل معه اغلبية صناع الرأي العربي للقول بان الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترمب" هو الرئيس الأمريكي الأخير لأمريكا و لن ترى امريكا رئيسا يحكمها بعد ترمب. 

وأن دل ذلك "الهراء العربي" المنتهية صلاحيته على شيء ، فإنما يدل على غياب الوعي لدى تلك الأبواق والأقلام العربية وهو مايتوافق مع واقعنا السياسي والاقتصادي والثقافي والفكري المتردي ولأسباب وعوامل ليست ببعيدة عن الهيمنة الأمريكية على شعوب ودول المنطقة العربية الغارقة في الوحل الأمريكي.

وبرغم ان الرأي العام الأمريكي مجمع اليوم على توصيف الحقبة البائدة للرئيس ترمب بالفصل السيء في التاريخ الأمريكي ، نجد أن أنظمة سياسية عربية و عبر غوغائياتها الإعلامية شديدة الأسف على زوال الولاية الجمهورية في امريكا و معها "السيء ترمب" !؟ وهي مفارقة تدلل على حجم ومدى "الانبطاح الرسمي العربي" على اعتبار ان ترمب والجمهوريين عمليا قد حققوا مكاسبا سياسية لم تحققها إدراة امريكية قبلهم وذلك بفضل تعاون و امتثال تلك النظم السياسية العربية المتباكية على حقبة ترمب و الجمهوريين. 

وليس هذا فحسب ، بل ان تلك النظم العربية المتهالكة و المستاءة على زوال الحقبة الجمهورية هي ذاتها من تتسابق على تقديم أوراق اعتمادها للإدارة الأمريكية الجديدة و تتنافس على كسب ثقة بايدن و الديمقراطيين في سبيل ضمان بقاء عروشها المهلهة و الهشة و على حساب مصلحة مواطنيها و جيرانها وأشقائها في المنطقة.

و بينما ينهمك بايدن و فريقه السياسي في البيت الأبيض بترتيب اوراق "اللعبة الامريكية القذرة على المنطقة العربية" و ينشغلون بوضع اللمسات الأخيرة لتوجهات السياسية الأمريكية داخليا و خارجيا و التي لا وجود للعرب في صدارة اولوياتها ، هرعت الابواق الاعلامية للانظمة العربية المنبطحة للتهليل و التبجيل بالدعوة الامريكية التي اعلنها بايدن والذي تعهد بأن إدارته ستدعم اتفاقيات تطبيع الدول العربية والتي وقعت في عهد ترمب مع الكيان الصهيوني و ستعمل على الإضافة لها و دعمها. 

وإن كانت دعوة بايدن و رؤيته للحل في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي قد رسخت و اعادت للاذهان استراتيجية الرؤساء الديمقراطيون والمعهودة منذ عقود والتي أعاد بايدن رسم معالمها بحسب القواعد القديمة لأسلافة حين تعهد بإعادة الدعم الاقتصادي للسلطة الفلسطينية في رآم الله و إعادة فتح ممثليتها الدبلوماسية في واشنطن و الإبقاء على السفارة الامريكية في تل أبيب و إيقاف العمل بقرار ترمب القاضي بنقلها للقدس الشرقية ، إلا ان كل تلك القواعد الديمقراطية القديمة تندرج تحت سقف الخيار الاستراتيجي للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط ألا و هو ضمان أمن إسرائيل.

وباعتقادي ان كلا الحزبين الحاكمين لسلطة القرار الأمريكي الجمهوري و الديمقراطي ليسا إلا حزبين استعماريين لفرض الهيمنة و الغلبة و السطوة الامريكية و يتبادلان الادوار لفرض الهيمنة الامريكية ، إذ يتكفل الجمهوريين بشن  الحروب و دعم الاقتصاد الامريكي بينما يتكفل الديمقراطيين برسم القواعد السياسة للهيمنة الامريكية الباردة على العالم .. و لن تكون ولاية بايدن الرئاسية إلا امتداد للهيمنة الامريكية و التي تضمن بقاء خيارات القوة و النفوذ الامريكي في مختلف مناطق المواجهات التي تخوضها و في كل الملفات الساخنة و الشائكة مع حلفائها قبل خصومها . 

و لعل التطورات الأخيرة في العراق و عودة "تنظيم الدولة" و الاحتجاجات العارمة للمعارضة الروسية في روسيا و الدعوة الإيرانية للدول الخليجية جميعها مؤشرات سياسية امريكية لبدء العد التنازلي للعبة الديمقراطيين القذرة و التي لطالما اتسمت بالهدوء والمكر لرسم معالم التوجهات الامريكية في الكثير من بؤر الصراع الاقليمية و الدولية تماما كالتي صنعها باراك اوباما في ولايتين رئاسيتين ديمقراطيتين كانتا الممهدتين للعبث السياسي الامريكي الذي خاضه ترمب لتبقى الهيمنة الامريكية تتحكم بالعالم .