آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:36ص

عقل العاطفة

الأربعاء - 13 يناير 2021 - الساعة 12:17 م

حيدره محمد
بقلم: حيدره محمد
- ارشيف الكاتب


سيكون من الخطأ و بل خطأ جسيم و فادح إن قمنا بإسقاط واقع المشهد الجنوبي و "نحن نقرأ" الذكرى الخامسة عشر لأحياء مبدى التصالح و التسامح "الجنوبي الجنوبي" .. أقول نقرأ لا نحتفل ..!! وأقول أحياء لا أعلان ..!! ولطالما كان نهج التصالح و التسامح نهج عظيم و خيار حكيم في تاريخ الأمم الحية و الشعوب المناهضة للطغيان و الهيمنة و الاستبداد و الاستكبار .

 

والتصالح والتسامح عاطفة إنسانية نبيلة طالما انبثقت من رحم الشعور بالمسؤولية و نقد الذات و مواجهة المشاكل و التحديات بشجاعة اخلاقية و امانة معرفية تسمو فوق المآسي و النكبات و الانتكاسات و التصالح والتسامح  معركة اخلاقية في الاساس ولا يمكن ان يكتب لها النصر بدون عقل .

 

وهل للعاطفة السامية عقل ..؟ و كيف يقود العقل معركة اخلاقية بحجم معركة التصالح و التسامح ..؟؟ و هل كان قادة التجربة التي تمخضت عن أعلان جمعية ردفان الخيرية يعون و يدركون ماذا يعني ان يكون للعاطفة عقل و هل كانوا يدركون ويعون معنى القيام بنصف ثورة .

 

ومما لاشك فيه ان الالتفاف والاصطفاف الجماهيري حول مبدى اعلان التصالح والتسامح شكل نقطة التحول لدى قيادات "الحراك السلمي الأول" .. ولكن غياب "عقل العاطفة" كان يطل برأسه كلما عنت له الفرصة ، ليجدد عهود الفرقة و الانقسام والمناطقية و قيادات الصف الأول للحراك الجنوبي السلمي وحدهم من يعرفون و يعون ذلك جيدا .

 

ولكي لا يكون و قوفنا امام هذا المنجز الاخلاقي الإنساني مغمورا بالشعارات و الفرقعات الدعائية الخاوية من المضمون و التجديد ، لا بد ان نعترف بان هناك إختلالات عميقة أثرت في مسيرة الحراك الجنوبي و على رأسها إرساء مبدى التصالح و التسامح دون و عي و فكر يستطيع ان يقوده ويضمن صيرورته و نجاحه في تحقيق غاياته و مقاصده و نتيجة لذلك طغى الشق السياسي لمبدى التصالح و التسامح على الشق الإنساني .

 

وفي تقديري ان اعلان مبدى التصالح و التسامح كان في حقيقته اعلان سياسي في إطار إنساني إستهلاكي سرعان ما تهاوت أركانه عند أول موجة انقسامات بين اقطاب قياداته والتي لم تستوعب فيما بعد توالي الأخطاء المتعاقبة على هكذا استخدام سيء لمبدى عظيم و خيار استراتيجي كان يستحق منها جهد أكبر و تخطيط أوسع و تهيئة مجتمعية و طنية حقيقية لا علاقة للسياسيين بمعركتها بقدر ما كانت بحاجة لعقول أكاديمية متخصصة و من ثم تأتي معركة الساسة ، إن صح لنا القول بأن لدينا ساسة .

 

ومع ذلك لا يمكننا التقليل من قيمة و اعتبار تجربة التصالح و التسامح الجنوبي في عمومها و لكنها بحاجة للتجديد و هي مسألة إنسانية يجب ان نهذب تعاملنا الاخلاقي والموضوعي تجاهها وان نفسح المجال للمنتصرين الحقيقيين لمعانيها الفاضلة لا ان نتركها مطية لمطامع السياسيين .