آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:26ص

اريد ان اعرف

السبت - 09 يناير 2021 - الساعة 11:56 م

هدى العطاس
بقلم: هدى العطاس
- ارشيف الكاتب


الحراكيون الذين لطالما صالوا وجالوا في ساحات النضال، ووقفوا بالساعات تحت لهيب الشمس وناموا في العراء خارج خيام الاحتجاج، ومشوا أيام بين الجبال والوهاد، وجرجر بعضهم إلى السجون، واستشهد زملاء لهم امام أعينهم، ومنهم من سال نزف الشهداء والجرحى على أكفهم، وبايديهم لملموا اشلاء زملائهم المبتورة واجسادهم المفتتة .
لدي فضول عارم ان اعرف:
ما الشعور الذي يخالجهم الآن، وهم مضطجعون بأبهة واستعلاء في كراسي عرباتهم الفارهة المصفحة، ومواكب الحراسات تسير قبلهم ومن خلفهم!
شعورهم وهم يتأملون فللهم وقصورهم الشاهقة الفسيحة، ويتحسسون اسرة نومهم الناعمة، ويراقبون الخط البياني لارصدتهم في البنوك!
اريد ان اعرف شعورهم وهم يتنقلون بين البلدان ويحلون في افخر الفنادق، ويأكلون مما لذ وطاب على موائد لا يحصرها نظرهم.
وطبعا المفارقة في الامر والمثير والدافع لفضولي ورغبتي في معرفة شعورهم، ان رغد العيش المترف "الحلمي" هذا الذي يعيشونه، يحدث لهم دون او قبل ان يحرروا وطن او يستعيدوا دولة او يتحقق هدف كان سابق نضالهم ا لأجله!
لدي فضول الروائي ان اعرف شعورهم الحالي بين حاضر عيشتهم الرغيدة الفارهة المفاجئة -غير المتوقعة حتى بالنسبة لهم- وذكريات ماضيهم الجاف المضني ايام شظف النضال وشدته!
اتحدث جادة.. اريد ان اعرف، وحديثي ليس بدافع السخرية، بل بدافع الكتابة. اريد ان اكتب ذلك في عمل روائي، لانها حالة جديدة في تاريخ النضال والمناضلين. حالة توصيفية غير مسبوقة لمناضلين اصبح نمط عيشهم في يوم وليلة "سبعة نجوم" وهم مازالوا في وطن لم يحرروه بعد! وفي نضال لم يحققوا ولو جزء بسيط من هدفه!
وهم كذلك بغرائبية يمارسون سلوكا "قارونيا" من قارون جامع المال، سلطويا "ملوكيا" جوار وامام شعب غريق في لجة مواته، ووطن مازال منتهكا فقيرا منهوبا متشظيا محاصرا بالفجائع والاعداء.