آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-12:40م

كيف احتفى الهنود باللغة العربية مع العرب!

الأربعاء - 23 ديسمبر 2020 - الساعة 11:32 ص

شرف الكبسي
بقلم: شرف الكبسي
- ارشيف الكاتب


يُعرفُ اليوم العالمي للغة العربية بأنه يوم تُقام فيه المهرجانات احتفالًا باللغة العربية وعلومها ، إلا أن ثمة احتفالات تختلف من بلدٍ الى بلد آخر - أكان عربيًا أو أعجميًا- فشمس العربية في بلاد العجم يسمو بالشغف و الشوق المفرط لتعلمها كما نراه على واقعنا ، والتفرد والمنافسة بشكل لافت .

وهذا ما رأيتُه في اليوم العالمي للغة العربية بدعوة نلتُ شرف حضورها أنا وبعض من الزملاء الأكاديميين من قبل رئيس الجمعيات العربية بالهند الأستاذ : ناصر محمد النهدي ، حيث أُقيمت احتفالية كرنفالية بنكهة هندية حضر فيها العديد من علماء ومشايخ ومعلمين ومعلمات وطلاب وطالبات أورنج آباد الهندية مع العديد من الطلاب العرب المقيمين هناك ، فلقد رسموا لنا أجمل صورة عن العربية وقداستها عندهم - الهنود- ولم يقتصر الأمر إلى هنا فحسب، بل نقلونا من الحب والشغف بالعربية ، إلى القداسة والإعتزاز بها .

بيد أنه قد يجول في بال القارئ الكريم عن سر هذا اليوم بالتحديد ، لماذا نحتفل بلغتنا في هذا اليوم 18 من ديسمبر كل عام ؟

الإجابة تنص على أن اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأم المتحدة القرار رقم (3190) والذي أعلنت فيه أنَّ اللغة العربية أصبحت لغة رسمية في العالم وأصبحت لغة من لغات العمل في الأمم المتحدة أيضًا لإدخالها إلى لغات المنظومة الأممية المعتمدة، إلى جانب الإنجليزية والصينية والإسبانية والفرنسية والروسية ، وكان هذا بعد اقتراح تمَّ تقديمه من قبل المملكتين المغربية والعربية السعودية، في الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو، ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ إعلان اللغة العربية لغة رسمية كان في عام 1973م ومنذ ذلك يوم يحتفل العالم العربي والإسلامي باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من ديسمبر من كلِّ عام.

ومما يجدر الإشارة إليه  أننا عندما  نتأمل في أهمية اللغة العربية في حينها ندرك أن لها تأريخ عريق وامتداد حضاري في نشر العلوم والفلسفات اليونانية والرومانية في عصر النهضة في أوروبا ، فضلًا عن دورها في إتاحة الفرص لحوار الثقافات والتبادل المعرفي من ساحل الهند الى القرن الأفريقي كما هو موضح في تأريخ اللغة.

لذلك فقد تجاوزت لغتنا العربية أكثر من 295 مليون شخص تقريبًا ممن يتحدث بها ، كما أنها من أكثر اللغات في العالم انتشارًا حسب التقارير الموضحة على الشبكة العنكبوتية ، فهي من اللغات السامية الأكثر غزارةً من حيث الألفاظ والكلمات ، ومن حيث القدرة على التعبير لذلك من سماتها المييزة أنها تتسم بالإيجاز أي القدرة على إيصال أطول المواضيع بأقصر الكلمات والجُمل .

ولم يقتصر دور العربية على إنتاج الأدب والتاريخ وكتب العلوم التي بدأت بالازدهار في بغداد والأندلس فحسب ، بل كان للعربية دور الوسيط الحافظ والضامن للفلسفات والعلوم الرياضية والفلكية القديمة، وهو ما أقرت الأمم المتحدة به، وهي في صدد شرح سبب الاحتفال بيوم عالمي للعربية، فقالت إن العربية ساعدت في نقل العلوم والمعارف والفلسفات اليونانية والرومانية إلى القارة الأوروبية في عصر النهضة ، وهو أمرٌ صعبُ المنال على أي لغة، لتتنكّب هذا العبء الثقافي العالمي الهائل، وتكون فيه صلة الوصل والناقل الأمين، من حضارةٍ إلى حضارة كانت العربية الحضارة التي تتوسطهما، تاريخيًا وثقافيًا وأدبيًا.. 

ومما لا يخفى كل مهتم باللغة العربية أنها تُعد بذاتها أهم مقوم من مقومات شخصية الإنسان حيث يعيش الإنسان في إطار( لغة ودين وتأريخ )، وكل هذه المقومات هي في الأساس قائمة على اللغة العربية التي هي لغة التراث ، فبهذا يمكننا القول أن مقومات شخصية الإنسان لا تكتمل إلا باللغة العربية. 

وهي اللغة الكريمة ذات الجود والعطاء ، فلا تبخل عن صاحبها في الشدة أو الرخاء ، حيث انها لم تخذل العاشق ولا المحارب ولا المقاتل ولا صاحب الفخر والمدح والراثي .


ختامًا وأخيرًا : فهي اللغة التي ستبقى ولن تندثر مهما طال الزمن أو قصُر ؛لانها مرهونة بوجود كتاب الله وسنة نبيه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ..

فالله الله بلغتنا ، والاستمرار على تعليمها وتعلمها  لتضل مصدر عزٍ وشرفٍ لكل عربي ومسلم حيثما كان .