آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-07:52ص

فلكم حياتكم ولنا حياة .

الجمعة - 20 نوفمبر 2020 - الساعة 09:58 م

جاكلين أحمد
بقلم: جاكلين أحمد
- ارشيف الكاتب


في سنة من السنوات سألتني إحدى الزميلات : ماذا تستفيدين من الكتابة ،وكانت تلمزني في حديثها عن كون أمها تلف بتلك الصحف التي نكتب عليها ( الكبزرة و النعنع ) لتضعهم في ثلاجتها حتى إذا انتهت منهم رمت بهم في سلة القمامة . 

 

كانت تحاول أن تقنعني بعدم فائدة ما نكتب وأننا نضيع وقتنا وجهدنا هدر في شيء لايمت لواقعنا بصلة ، وأني أُضيع حياتي في تفاهات الكتابة التي لا طائل منها كما كانت تقول . وكنت في وقتها أسترسل معها في نقاشات وحوارات طويلة حول هذا الموضوع فقد كانت تردد وتكرر كلامها دون تغيير وكنت جاهدة أحاول أن أوصل لها فكرتي وأن أقنعها بخطأ فكرتها وسوداوية وجهة نظرها . 

 

والحقيقة أنها لو ناقشتني اليوم في نفس الموضوع لكنت رددت عليها بإيماءة من رأسي تخبرها (استمري ) ولن أخوض أي نقاش معها ولن أكلف نفسي فوق طاقتها في نقاش عقيم . فقد فهمت بعد كل هذه السنوات أنها لم تكن تحاول إقناعي بعدم فائدتي بل كانت تحاول جاهدة أن تجد مبررا لسلبيتها إزاء كل شيء في حياتها وتحاول جاهدة أن تقنعني أنا وغيري أن سلبيتها تلك صحيحة وأنها على حق وأن تفاعلنا تجاه أي موضوع في حياتنا مضيعة للوقت وأننا لانفعل شيء سوى إضاعة أوقاتنا فيما لايفيد ولاينفع مقابل سلبيتها التي تراها الأهم والأفضل . 

 

لم أكن سابقا أستوعب ماكانت عليه ورغم أني لم أقابلها منذ سنوات ولم أعد أعرف إن كانت مازالت ترى سلبيتها الأهم وأنها على حق ،لكني بدأت أقابل كثر في مجتمعنا على نفس المستوى وربما أكثر حدة حيث يدافعون عن سلبيتهم بكل قواهم ويحاولون إقناعنا بكل مايملكون من قوة أن سلبيتهم هي الطريقة الفُضلى لمواصلة الحياة ولتصبح حياتك مثالية وذات طابع مسالم محايد (لا يهش ولاينش) ،تحت حجة نحن نريد أن نعيش ولايهم أي نوع من أنواع العيشة المهم أنهم على قيد الحياة حتى ولو دفنوا بها . 

 

لكن الفكرة الأهم بالنسبة لي أني قد تغيرت ولم أعد أسعى لإقناع أحد بخطأ فكرته أو عدم صوابيتها ولم أعد أبذل جهد حتى أستنكر أو أوضح فكرتي فقد فهمت أن إيماءة من رأسي توصل رسالتي ( استمروا) .

 

فلكم حياتكم ولنا حياة .