آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:36ص

أبجدية حُب

الخميس - 05 نوفمبر 2020 - الساعة 04:52 م

غالية عيسى
بقلم: غالية عيسى
- ارشيف الكاتب


لكنهم مازالون يعزفون تحت أزيز الحرب يا هيلين.


هيلين كيلر : حارب ضد الحرب، إنهم بدونك لا يمكنهم خوض أي معارك.

أظن أنني قد فهمت قصدك يا سيدة المبصرين يا هيلين؛ إن نمتلئ رغبةً بالحب والكتابة  والحياة ، أن نتأقلم مع واقعنا بحب حين نعجز عن تغييره،
أن ننتهج ثقافة البناء، وإن كان الهدم يحيط بنا من كل الجهات.
أن نعيد غرس البذور التي اقتلعوها آلاف المرات، أن نبتسم لوجود الشمس التي لم يستطيعوا حرقها، وأن نتهيأ لكتابة قصيدة عشق حالمة على شاطئ البحر الذي لم يستطيعوا  نهبه من جذور الأرض، أن نحتفي بالكتاب والأوراق ونوتات الموسيقى  والريشة والألوان.
وألا نتوقف عن العزف والغناء أمام أطفالنا وشيوخنا، فكل كائن حي على رمل بلاده يحلم بالحياة،
نعم هكذا هم مازلوا يحاربون  ضد الحرب يا هيلين .
 
ونحن في أبجدياتنا نردد صدى ما رأته عيناك المغمضتين ياهيلين. لأننا نؤمن أن الرؤيا تنبع من الداخل، لأن الموجودات  تظل كائنات مجسدة جامدة في حين تتجلى جدلية الروح والخفاء؛ فالخلايا الخفية تتجدد آلاف المرات والجزيئات الدقيقة تتحرك وتقفز وتتطور وتساهم في نمونا العقلي والحسي ونشع بالأمل وبريق  حين تبقى العين عدسه ناقلة لما هو كائن وجامد في عالمنا الخارجي، نعم الرؤية تنبع من الداخل ؛ لذلك ما نحتاجه فقط تطهير أرواحنا وتنقية أذهاننا وتحفيز ذواتنا وتعزيز أهدافنا الإنسانية النبيلة ثم توجيهها نحو مبدأ البناء والعطاء دون توقف، والعطاء ليس فقط عطائنا للآخرين، وإنما أيضًا  عطائنا لأنفسنا من حيث اهتمامنا بثقافتنا والجوانب الإنسانية في شخصيتنا وطرق باب النجاحات ومحاولة النهوض على سلم الفئل بعد كل سقوط وأن نتخذ من العثرات خيوط غيم نهتدي من خلالها إلى فضاءات آمالنا  اللا محدودة.

سنعدك يا هيلين أننا من خلال أبجديات عالمنا المعرفي والإنساني هذا أن نعزز ثقافة الرؤى الإيجابية وثقافة الطموح والإنجاز حتى لا يجف لنا حبرٌ ولا يخبو لنا وميضٌ، ولا تنجح مع حبنا حربٌ وأن نحاول بكل ما أوتينا من نظرة عميقة ومحبة أن نشد أواصرنا الإنسانية، ونعزز وحدة مجتمعاتنا العربية والدولية  إنسانيًا ومعرفيًا.