آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-07:05م

أيام في ثانوية زنجبار

الخميس - 16 يوليه 2020 - الساعة 06:18 م

محمد ناصر العولقي
بقلم: محمد ناصر العولقي
- ارشيف الكاتب


عقب تخرجي من كلية التربية العليا بجامعة عدن عام 1989م تم تعييني في ثانوية زنجبار ( ثانوية الشهيد ناصر أحمد صالح ) التي درّست فيها عامين دراسيين متتاليين .

كنت المدرس الوحيد تقريبا من جعار وأصغر المدرسين سنا حتى أن حارس الثانوية في الأسابيع الأولى من عملي كان يمنعني من الدخول إذا جئت متأخرا ظنا منه إنني طالب ، وكانت الثانوية تضم خليطا من المدرسين والمدرسات من زنجبار والكود والمسيمير والجول ويافع وحضرموت وعدن وشيوعيين عراقيين وأكراد ومصريين وسودانيين وفلسطينيين ومن الجبهة الوطنية ( حوشي ) .

في ذلك الوقت كان لبس الخمار أو الحجاب والعباءة ممنوعا سواء بالنسبة للطالبات أو المدرسات أو الموظفات حتى أثناء الاستراحات كما كان الاهتمام بمادة التربية الإسلامية ضعيفا للغاية وكانت مجرد تكملة لعدد الحصص المقرر على المدرس تأديتها أسبوعيا الى درجة أن تم تكليف المدرسين الشيوعيين بتدريس المادة .

في البداية شعرت بالمسؤولية تجاه مادة الدين او التربية الإسلامية واتفقت مع بعض المدرسين المحليين والعرب أن نتطوع بتدريس المادة فوق النصاب المقرر علينا من الحصص لكي نسحبها من الشيوعيين ، وقد وافقت الإدارة على ذلك ثم سعيت لتأسيس جمعية خاصة بالتربية الإسلامية أسوة بالجمعيات الأخرى ورغم أن اللائحة المدرسية لم تتضمن ذلك إلا أن إدارة الثانوية مع الإلحاح تكرمت بالموافقة وتم إنشاء أول جمعية للتربية الإسلامية تقريبا في الجنوب في ذلك الوقت .

بعد ذلك امتد اهتمامي للخمار والعباءة وبدأت أحرض الطالبات على لبسه، وسمحت لهن بلبس الخمار والعباءة في الفصل أثناء حصصي والى جانبي فعل مدرسون آخرون نفس العمل ثم أنشأنا مجلة حائطية خاصة لجمعية التربية الإسلامية وفتحنا فيها النقاش حول لبس الخمار ونشرنا موضوعات حول ذلك وأجرينا استطلاعات مع الطالبات والطلاب والمدرسين وبعض أولياء الأمور والإدارة تتناول الموضوع ، وأسباب منع الطالبات من لبس الخمار ، كما نقلنا إثارة الموضوع الى الرأي العام المحلي من خلال مطبوعة ( دفاع الشعب) التي كان الأستاذ الكبير الصحفي عبدالله أحمد يحيى رئيس تحريرها وتصدر عن حي الشهيد الطميسي بزنجبار ومن خلال أيضا بعض أولياء الأمور وأئمة المساجد في المنطقة ، وكانت قد قامت مظاهرة لطالبات المكلا ضد منعهن من لبس الخمار فكانت مناسبة لنا لنجعلها تأكيدا لصحة ما نطالب به ... وهكذا بدأت الأمور تتحرك وللأمانة فقد كان عميد الثانوية الأستاذ عبدالله صالح متعاطفا مع الموضوع ومؤيدا للبس الطالبات للخمار خصوصا في الاستراحات والندوات الأسبوعية شريطة أن يكون موحدا بلون واحد هو الأبيض لجميع الطالبات والمدرسات والموظفات الراغبات في ارتدائه ولكنه كان يريد قرارا من الإدارة العامة بذلك حتى لا يحاسب على مخالفة اللائحة المدرسية .

ومع هذا الحراك في الثانوية ازدادت الحماسة وذات صباح خرج الطلاب والطالبات في مسيرة الى الإدارة العامة للتربية للمطالبة ببعض الاحتياجات للثانوية ومن ضمنها السماح للطالبات بلبس الخمار داخل الحرم المدرسي وكذلك لبس البالطوهات داخل الفصول المدرسية .

وفي خلال أسبوع دعاني الأستاذ عبدالله عميد الثانوية ذات صباح الى مكتبه ليبشرني بموافقة الإدارة العامة والسماح بلبس الخمار شريطة أن يكون موحدا باللون الأبيض .

ربما سيبدو الأمر عاديا اليوم عند البعض ولكنه في ذلك الوقت كان حدثا لافتا واستثنائيا وشديد الغرابة .