آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-01:11ص

"لحن الإنسانية "

السبت - 23 مايو 2020 - الساعة 12:50 ص

رفيق علي هادي
بقلم: رفيق علي هادي
- ارشيف الكاتب


منذ شهرين إستضافتني عائلة أوروبية مكونه من ثلاثة أشخاص،

عائلة فقيرة بالمقياس الأوروبي
لكنها غنية بالإنسانية
أحبوني كأحد أبنائهم وأحببتهم كأبي وأمي وأهلي،

وكإن القدر يسلب منك وطناً وأهلاً ويمنحك البديل في جزء أخر من هذا الكوكب،
يملكون منزلاً متواضعاً مكون من ثلاثة طوابق في الطابق الأول صالة الطعام وصالة فيها آلة بيانوا وكنب للإستراحة وكمبيوتر عتيق،
في الطابق الثاني غرفتين أحدهم مكتبه والاخرى ممر الى الدور الثالث
والذي يوجد فيه غرفة واحده فقط،


العجيب إن هذا المنزل لايحوي إلا حمام واحد يقع في الطابق الأول بجانب المطبخ والصاله،
إحتفلنا بقدوم رمضان سوياً
وأنهالت عليّ الأسئلة ماهو الطعام المفضل وهل هناك وجبة خاصة يجب تناولها باوامر إلهيه في هذا الشهر الكريم،
شرحت لهم إن رمضان لايختلف عن غيره إلا بالصوم إما الصلاة وبقية العبادات فهو ستتم واحد على مدار العام،
ما أثار تعجبي بل وصدمني
إنهم كانوا يناموا أحيانا في الصالة
وابنتهم تنام في الغرفة ألتي تقع في الدور الأخير وكذلك العكس .


ومن بداية رمضان أخلوا الدور الأول تماماً لكي يفسحوا لي المجال بالذهاب الى الحمام وصنع طعام السحور إذ كان من نصيبي إختيار المكتبه كغرفه للنوم،
هنا الصدمة فقد نصبوا لهم خيمة في حديقة المنزل من بداية رمضان مدعين إنهم يعملوا ذلك كل عام
ليستمتعوا بشروق الشمس واصوات العصافير صباحاً،
وهنا موقفاً آخر
اعتادوا على فتح مقطوعة موسيقية اثناء غروب الشمس الى وقت العشاء
كل مساء،

وفي احد ايام رمضان كنت اراجع درس اللغة الفرنسية
فقالوا لم نعد نراك تضع سماعاتك كالعاده،
قلت في رمضان نتوقف عن الإستماع للاغاني والموسيقى،
أجبتهم بصدق ولم اكن اعلم ماذا سيكون ردة فعلهم .


وفي اليوم التالي وإلى اليوم لم تُفتح الموسيقى إطلاقاً،
هم لم يشاركوني صيامي
لكنهم شاركوني كل الطقوس بحب وإخلاص،
كذلك ليسوا على الإسلام لكنهم يدينون بالإنسانية ويقدسون الإنسان
لذاته
ويعتقدوا إن الله رب الجميع وإن هناك حياة أخره وإن العالم متساوون في الحقوق والحريات .


موقف أخير كطرفه
أعتدت الجلوس معهم أثناء العشاء وتبادل الحديث والإستماع والسؤال
مع بعض المداخلات البسيطة
رغبة في فهم ثقافة الآخرين ومستوى تفكيرهم،
وفي إحدى الأمسيات
كانوا يشربوا البيرة تناقشنا عن الخمر واضراره وفوائده وكذلك الخنزير،
هم لايؤمنوا بدين لكنهم يقيسوا الاشياء منطقياً،
قال لي أعتقد ان الخنزير هنا ليس حراماً لإنه يأكل اشياء نقية ويعيش في اماكن نظيفة عكس جنوب اميركا
والعالم العربي والأفريقي،
كما اظن ان سبب تحريمه هو ذلك.

ثم استطرق إلى الخمر
قائلاً
في الصيف يتوقف الكثير عن الشرب لأنه يسبب صداع
واذا رغب احد في الشراب يتناوله مساء وبحجم قليل بعكس الشتاء،
قال أظن سبب تحريم الخمر هو ان العرب يعيشوا في الصحراء فيأثر عليهم وعلى صحتهم
ولوا كان محمد صل الله عليه وسلم عاش في روسيا ربما كان له رائي آخر.

اخيراً الإنسانية مذهب الانقياء
كن إنساناً ثم عش كما شئت"