آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-09:45ص

الجنوب العربي لازال الرهان قائماً!!!

الإثنين - 04 مايو 2020 - الساعة 09:58 م

حسن علي كرم
بقلم: حسن علي كرم
- ارشيف الكاتب


ما بين الحق والباطل ضاعت الحقيقة ، و ما بين الصدق والكذب ضاعت الحقوق ، وما بين الاستهتار والاستخفاف بمقادير الشعوب ضاعت دولة  الجنوب العربي ، إلى 27 مايو 1990 كانت هناك دولة عربية مستقلة تتمتع بكافة شروط الدولة المستقلة ، و كان مقعدها في المجالس والمنظمات والهيئات الدولية وجود ثابت كدولة ذات كيان مستقل ، لكن عندما يعبث الشيطان في عقول مسؤولي و حاكمي تلك الدولة ، المطلة على أخطر موقع بحري في العالم هنا كانت نهاية دولة من الوجود ، وتجريد شعب من كل الحقوق ، فالمؤامرة لم تكن لأستلاب شعب وطمس دولة وحسب ، و انما كانت المؤامرة ابعد واخطر ، فالاتحاد العربي المزعوم الذي خطط له الثلاثي صدام حسين والملك حسين وعلي عبدالله صالح ، و رابعهم الذي أدخلوه في رفقتهم كشاهد ما شافش حاجة حسني مبارك ، هؤلاء الأربعة اتفقوا على إعلان اتحاد رباعي ظاهره رفاهية الشعوب ووحدة الهدف ، وحقيقته التأمر وضرب الامة في مقتل ، ماذا حدث بعد إعلان الاتحاد العربي المشؤوم ، دعوة صدام لمؤتمر قمة عربية ينعقد في بغداد، بعد يوم من اعلان دمج اليمنيين في عقد وحدة بلا أساس ( قرار الوحدة كتب في عشرة سطور و على ورقة عادية و بقلم جاف ) ، و حضر القمة معظم الرؤساء العرب ، و كما اراد صدام حسين من دعوته للقمة ليعلن نفسه انه الملك المتوج على ديار العرب ، و أنه الكلمة العليا على كل العرب و التي لا ترد ، و على هذا انفض لقاء قمة بغداد ، ثم كانت الخطوة التالية برسم المؤامرة و اكتمال أركانها ، اجتاحت قوات صدام حسين في فجر الثاني من اغسطس 1990 حدود الكويت ليعلن صم الكويت ( الدولة الخليجية الوادعة المستقلة ) بقوة الى العراق باعتبارها محافظة عراقية ، و هنا انكشفت الوجوه ، وأُزيحت الاقنعة ، صدام احتل الكويت و عينه على كل الخليج ، من الكويت الى اخر بقعة في دولة الامارات ، و الملك حسين أعاد لقب جده وأعلن نفسه شريف حيث المطالبة بإرث جده الشريف حسين ، وعلي عبدالله صالح ضمن كرسي وحدة اليمنين و عينه على نجران و جيزان و تهامه و غيرهما من المناطق السعودية الفاصلة بين المملكة و اليمن ، علي عبدالله صالح صنع لنفسه كرسياً و تصور نفسه انه وريث الملكة بلقيس ونبي الله سليمان ، و اما رابعهم الذي كان يلعب دور شاهد ما شافش حاجة خرج من اللعبة وانضم إلى الطرف الادسم ، حيث وجد ان مصلحته مع الاثرياء ، انهالت في جيوبه المليارات ناهيك عن الحوافز كإسقاط الديون و كارد بلانش في كل شيء و شيك مفتوح لحامله.

من هنا استفاق الجنوبيون على أنهم وقعوا في شراك اكبر خدعة ، حيث صادر على عبدالله صالح دولتهم و باتوا ارضاً بلا دولة و شعباً بلا هوية فلا هم يمنيون كاملي الدسم ، لهم ما للشماليين من حقوق ومواطنة ، ولا هم استبقوا على ارضهم ودولتهم ، و لا هم يتمتعون بخيرات وطنهم ، فخيراته انتقلت إلى الشمال وقياداتهم باتوا كاعجاز نخل خاوية ، قيادات بلا مناصب و مسؤولون بلا صلاحيات ، و ازاء كل ذلك لم يكن ازاءهم غير خوض غمار حرب غير متكافئة ، و انتهت بانتصار على عبدالله صالح ، و هروب القيادات الجنوبية لاجئين في الشتات ،.لكن بقي الجنوب ناراً تحت الرماد ، و بانتظار التوقيت المناسب حتى تشتعل مجدداً ، و كان التوقيت في 2007 حيث بدأ  الحراك السلمي من قبل مجموعة من العسكريين الجنوبيين المتقاعدين أو الذين إحالوهم قسراً إلى التقاعد ، و الذين صودرت حقوقهم المعاشية ، و كان عنوان الحراك حقوق المتقاعدين ، لكن تطور الحراك الى المطالبة بفك الارتباط و عودة الجنوب إلى أهله.

الان يبقى السوْال ، أين الحقيقة وأين الحقوق ، ومن الظالم و من المظلوم ، الجنوبيون كانوا مستقرين آمنين في وطنهم ، وبلحظة شيطانية طار وطنهم ، ليستولي عليه سارق و حرامي و قاتل ، و يدفع شعب الجنوب الذي راى نفسه وقد خسر كل شيئ الا ان يقدم جسده قرباناً لوطنه المسلوب و المسروق ، وعلى الرغم من قلة حيلته وضعف إمكانياته ، لكنه بقي ينافح و يكافح بكل ما اوتي من اداة سلمية ، لاستعادة حقوقه المسروقة و بلاده المسلوبة …

إن العالم بشرقه وغربه ، باسلامه و مسيحييه و دياناته الأٰخرى السماوية و الوضعية ، و الذي نكب باخطر وباء يهدد البشرية في العصر الراهن و الذي عجز العلم و كل التقدم التكنولوجي من أيجاد علاج يوقف أمام آلاف الموتى و ملايين المصابين بهذا الوباء الخطير ،الذي ربما ينهي الحياة على الارض ، و يقطع نسل البشرية ، هذا العالم الذي تمادى في الظلم ، و الاعتداء على الحقوق ، إلا يحين الوقت لينظر الى الشعوب المظلومة و الحقوق المسلوبة ، و الحروب العبثية ، ان الجنوب شعب ظُلْم و كان ضحية خدعة قذرة حبكها المقبورون الثلاثة صدام حسين و علي عبدالله صالح و ثالثهم الملك حسين ، في حين رابعهم كان يجلس على دكة الانتظار يترقب نتائج المؤامرة و من الخاسر و من الرابح …

الجنوبيون سيعودون إلى جنوبهم وإن طال الزمان ، فتلك.سنة الحياة ، و بإيمان شعب يراهن على البقاء ، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.