آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:09ص

هل من صحوة للضمير ؟

السبت - 07 مارس 2020 - الساعة 08:43 م

عبدالكريم أحمد سعيد
بقلم: عبدالكريم أحمد سعيد
- ارشيف الكاتب


 

 

 مر الجنوب بمراحل مختلفة منذ عام ٦٧م إلى يومنا هذا. وكانت تجربة الثورة الجنوبية مفعمة بالحماس الثوري؛ الوطني،القومي والأممي، رافقتها بعض الأخطاء، وذاق شعبنا حلوها ومرها على حد سواء كبقية شعوب العالم.. مرت بتجارب متعددة يصفها البعض بالأيام الجميلة ويصفها آخرون بالأيام السوداء..كل واحد يعرفها من منظوره الخاص، ومن موقعه الشخصي وتجربتة. لا نحب الدخول كثيرا في تفاصيل المراحل السابقة بسلبياتها وإيجابياتها، ندع الأجيال القادمة هم من يقيمها بحيادية تامة، من منظور علمي يستند على حقائق تاريخية بعيدا عن التسيس والتزيف.

 

ما يعيشه شعبنا اليوم هو انعكاس لواقع مؤلم لمرحلة صعبة ومعقدة مليئة بالاحزان والمآسي والمعاناة الإنسانية في الجنوب، تجعلنا نستعيد الذاكرة  قليلا للوراء، لنبكي على الأطلال، و نحنُ للماضي بحسرة وألم شديد..نعم أنه الماضي الجميل الذي عاشه أبائنا وأجدادنا بنقاء وبساطة وتواضع وحب وتفاهم  وصدق، لا يعرفون فيه الكذب والنصب والاحتيال .. أنها القيم والأخلاق العظيمة الذي تربى عليها شعبنا وأستمرت منذ ما قبل عام ٦٧م إلى يوم الوحدة ١٩٩٠م ، لتصتدم بثقافة أخرى وواقع جديد سعى لتدميرها ، بطريقة مدروسة وممنهجة الرئيس المقتول صالح ونظامه الفاسد، والذي قام بشراء ذمم الجنوبيين وتجهيل المجتمع ونشر الفساد بين الناس، مما انعكس اليوم وبشكل سلبي على العلاقات الاجتماعية والسياسية داخل المجتمع الجنوبي، حيث تغيرت علاقات الناس الثقافية والإنسانية التي كانت سائدة في ظل دولة النظام والقانون، إلى ثقافة أخرى لا تضع قيمة للإنسان، بل هي أشبه بعلاقة الحيوانات داخل الغابة، يسود فيها حكم الاقوياء على الضعفاء.. وتحول الناس إلى وحوش مفترسة، يمارسون العنف والقوة تجاه بعضهم البعض، وأصبح تفكيرهم مادي للغاية (الربح والخسارة) على حساب السواد الأعظم من الشعب الجنوبي، في ظل غياب مؤسسات الدولة والفوضئ السائدة داخل العاصمة عدن والمناطق الجنوبية بشكل عام.

نعم لقد خسر الجنوبيون الكثير من الثروات والأرض وتدمير كل مؤسسات الدولة الجنوبية في عهد الرئيس صالح..جميع هذه الخسائر لا تشكل خطرا كبيرا على الأمة الجنوبية، بقدر ما تشكلة خسارة فقدان (القيم والأخلاق الإنسانية) التي أصبحت في خبر كان، ومن الصعب ترميمها بعد السقوط ولو بعد عقود من الزمن، وبالذات عندما نجد بعض الكوادر والقيادات والرموز في السلطة تسبح اليوم في مستنقع هذا الفساد، ضاربة بعرض الحائط كل القيم والأخلاق، وصاروا جزء من بضاعة عفاش القبيحة لتدمير المجتمع الجنوبي.

السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن للجنوبيين ان يتخلصوا من بقايا مدرسة عفاش ، ومن وبائه ودنسه وامراضه الخطيرة على مجتمعنا، لوقف هذا السلوك الدخيل على شعبنا، لنستعيد  مجدنا وتاريخنا الحضاري العظيم، وتعود تلك القيم والأخلاق الإنسانية الحميدة كما كانت علية في ذلك الزمن الجميل.

إنما الأمم الأخلاق مابقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا. 

 

عبدالكريم أحمد سعيد