آخر تحديث :الأربعاء-08 مايو 2024-07:15م

جحيم الدنيا في عماقين !

الخميس - 30 يناير 2020 - الساعة 12:06 ص

زبين عطية
بقلم: زبين عطية
- ارشيف الكاتب


قال الشاعر الغنائي المرحوم يسلم بن علي ( جنة الدنيا عماقين ) طبعاً  إعطاءها هذا الوصف بدافع الإحساس بالمحبة لمسقط رأسه، وهذا من البديهيات والأمور المسلم بها ان يمجّد المرء موطنه كأديرته وبيئته التي ولد ونشاء وترعرع في أحضانها وبين مجتمعها ويراها بعيونه وفي مخيلته ووجدانه (كالجنة ) ، لكن ان يفهم اويعتقد الآخرون ان عمقين جنة تمتلك كل مقومات نعيم الحياة وفيها كل مالذا وطاب فهذا مبالغ فيه واعتقاد خاطئ او كما يقال ( المعنى في بطن الشاعر )

عماقين او ( عمقين) هو وادِ يتوسط سلسلة جبلية تتقوقع على جانبيه عدد من القرى والتجمعات السكانية الريفية ذات التركيب القبلي المسالم تربط وادِ عمقين بعاصمة المحافظة طريقين ترابية وجبلية وعرة ،طبعا يتبع اداريا مديرية الروضة احد مديريات محافظة شبوة ال١٧ .

على طرف هذا الوادِ توجد قرية تسمى ( غر آل باحاج) مايزال يعيش سكانها حياتهم باوضاع شبيهة بالقرون الغابرة حيث يتكبد فيها الأطفال والنساء على وجه الخصوص اشد  المعاناة والمتاعب وهم يقضون ساعات نهارهم لجلب الماء على ظهور الدواب والحمير من مسافات بعيدة .

حقيقة انصدمت وانا أشاهد صوراً لأطفالاً ونساء  يتزاحمون بالجراكل والدبب وبجانبهم الحمير على احد الأحواض الصغيرة التي تتجمع بها سيول الأمطار وعلى هذا الحال منذ سنين ولايوجد من يرحمهم اويشفق عليهم .

حين وجهت سؤوالي لأحد ابناء هذه القرية عن السبب اوضح لي قائلاً : ان قرية ( غر آل باحاج ) لايوجد بها مشروع مياه حيث لم تقيمه الدوله من سابق ولن يسطيع الاهالي إنشاءه نظرا لظروفهم المادية الصعبة ..

فقلت وكيف تعيشون حياتكم ؟ فقال : الأهالي يعيشون على هذا الوضع المزري كما تشاهد  !

واضاف: هناك حول بسيطة فاذا لم تتمكن الحكومة من عمل مشروع مياه للأهالي بالإمكان ربط القرية لتسفيد من (سد عرعر ) في منطقة ريمة وضواحيها هذا المشروع قادر يغطي احتياج مايزد عن ٧٥٠٠ نسمه بما فيها قرية ( غر باحاج) وزيادة ، ورغم ان هذا المشروع حكومي ١٠٠% ، لكن هناك من حول المشروع الى وكأنه ملكية خاصة وحصر المستفيدين منه لفئة ومنطقة معينة .

فقلت له : والله ياعيباه ..كيف سمح له ضميره وإنسانيته ان يرتوي ويشرب الماء وجيرانه عاطشين ؟ نظر إلي وابتسم وكأنه يقول  انها الأنانية المداهنات احرمتنا ...!

مايعانية اهالي هذه القرية من متاعب ومعاناة يومية تعتبر مآساة إنسانية بحد ذاتها ، بل استمرارها تعد وصمة عار في جبين الحكومة و السلطة المحلية باعتبارهما الجهتين المسئولة لتوفير الخدمات لمواطنيها وإن عجزت عن إنشاء مشروع مياه للأهالي بصورة عاجلة ، فالضرورة تتطلب تدخل المنظمات الدولية العاملة في المجال الإساني ،اما اذا غفلت عنها وتجاهلت فالأمل يبقى في الله و رجال المال والأعمال من اهل البر والإحسان وفاعلي الخير التواقين للتجارة مع الله لان افضل الصدقات الى الله هي صدقة الماء .

سارعوا الى إنقاذ سكان (غر باحاج ) ، وارحموا اولئك الأطفال والنساء والفتية من جحيم وجدوا انفسهم بين فكيه ، إغيثوهم وكفوا عنهم عنا المتاعب اليومية بالله أشعروهم انهم إناس  قد تجاوزا الزمن الغابر واننا اليوم نعيش عصر القرن الواحد والعشرين بخدماته التقنية الحديثة .