آخر تحديث :السبت-21 ديسمبر 2024-06:00م

التصالح والتسامح والتلاحم قوتنا الجبارة التي يهابها الأعداء

الثلاثاء - 07 يناير 2020 - الساعة 09:29 م
زين الرشيدي

بقلم: زين الرشيدي
- ارشيف الكاتب


لقد مر شعب الجنوب منذ عام 67 بمنعطفات صعبة انهكته خلالها الصراعات الداخلية الكارثية التي كانت تنشأ وتتفجر بين قياداته وتنعكس تبعاتها على كل المجتمع فادي ذلك إلى استنزاف خيرت عقوله وضرب مراكز قوته وإضعاف كيانه السياسي وتمزيق نسيجه الاجتماعي وتدهور علاقاته بمحيطه حتى هيئته ثم ساقته إلى جحيم أم الكوارث  ( الوحدة ) يوم تم التفريط المجاني بدولته وارضه وسيادته وهويته وتاريخه وكل حقوقه. ..الخ.

فسارت أحواله من سيء إلى اسوى حتى برزت الحكمة وصدح صوت العقل الذي دعاء إلى كسر حاجز الخوف ورفض الوضع القائم والبحث عن مخرج لحالة الضياع. .فانتج ذلك الجهد لقاء التصالح والتسامح ليكون الأساس للم الشمل وطي صفحات الماضي الأليمة وإعادة الثقة بين الإخوة الجنوبيين والانطلاق نحو المستقبل موحدين لأن أصل الداء وحقيقة البلاء هو التشرذم والتنازع فكان لا بد اولا من إحلال دفء المحبة بدل صقيع البغضاء وإحلال فضيلة التصالح والتسامح محل رذيلة الكراهية والانتقام.

وسرعان ما أنتج ثماره حيث أيد الشعب ودعم الخطوة واتخذ من ذلك التاريخ مناسبة احتفالية مليونية سنوية للتلاقي وتعزيز الثقة وابدأ الرفض للاحتلال مع المناسبات الجنوبية الأخرى من خلال انطلاق حراك شعبي سلمي عارم بلغ ذروته بالمطالبة بفك الارتباط عن الشمال واستعادة الدولة الجنوبية وقد فشلت قوات الاحتلال الغاشمة من وقفه حتى أحدث متغيرات هزت اليمن وقلبته رأسا على عقب.

وخلال تلك السنوات تحققت أشياء وخسرنا أشياء وانفتحت لنا أبواب واضعنا فرص وسويت أوضاع واهدرنا حقوق ومصالح ما كان لنا أن نتنازل عنها لو كانت النخب الجنوبية متماسكة وموحدة في مواقفها وهدفها ولا تسير في طرق شتى وروىء متعددة وحكموا العقل والمنطق وقدموا مصلحة الجنوب على أي مصالح أخرى وحاولوا من وقت مبكر أو حتى من عام 2015 أن يفهموا قواعد السياسة التي تحكم المصالح والتحالفات والنتائج المتوخاة من ورائها لكنا في وضع أفضل من هذا ولحققنا مكاسب أنفع واجدا.

أحبتي أبناء الجنوب وهذه المناسبة تطرق الأبواب ناكد ونكرر أن التصالح والتسامح والتلاحم كقيم نبيلة هي قوتنا وعزنا وفخرنا وهيبتنا وهي مفتاح النصر وبوابة التمكين لاستعادة دولتنا. ..فعدونا يعمل بكل ما لديه من قوة على محاربة وتدمير تلك القيم الفاضلة بقصد أضعاف معنوياتنا وغرس اليأس والإحباط في دواخلنا ليقتل الهمم ويستأصل باعث المقاومة والرفض من نفوسنا لأن الشعب اليائس الممزق لا يصنع شيئًا ولا يبلغ هدف لهذا فعزنا وذلنا بأيدينا فإن لم نتمسك ونعزز تلك القيم فسنبقى الطرف الأضعف الذي عليه أن يقبل مذعنا ما يمليه ويريده الطرف الآخر والقوى الإقليمية والدولية وبما يحقق مصالحها واجنداتها.

كما أننا بهذه المناسبة نناشد البعض من إخواننا أن يترك الشعور بالانهزامية واصطناع المشكلات مع إخوانهم والتشكيك بصدقية التصالح والتسامح لمجرد خلاف مع س أو ص كما نناشد البعض الآخر الذي يتشدق بتلك القيم كشعارات زائفة بينما أفعاله وسلوكه تضربها في الصميم لأن ذلك يخدم المحتل ويضر بشعبنا.

فالقيم كلام لا قيمة له أن لم يرافقها العمل. . فلنعمل جميعا من أجل بلدنا كما يعمل الاخرون ولنحترم ونعزز ثقافة التصالح والتسامح والتلاحم ونلتمس العذر لمن أخطأ بدلا من البحث عن أدلة الإدانة والتهديد بالعقاب والامتناع عن التعصب المقيت والاساءات والاوصاف النتنه ورمي التهم والسب والشتم والانتقاص والتخوين وكل ما يوسع دائرة الخلافات والتصدي للسلوكيات التي تذكي روح العداوات والشقاق وتغذي الكراهية وإشاعة البغضاء والابتعاد عن التمترس خلف  أيديولوجيات الأحزاب أو الولاءات التي تقوم على نفي الآخر أو تدعي إلى التخلص أو الاستعداء لمن يعارضه والالتزام بآداب الحوار ومجادلة الآخر بالحسنى.

فالجنوب لكل وبكل أبناءه ولا خيار أمامهم إلا بالعيش معا في هذا الوطن بتسامح وتآلف وتعاون وتلاحم للسير قدما نحو تحقيق الهدف وأما صراعات وكراهية وتمزق وابتعاد عن الهدف. ..فالخطر الحقيقي الذي يظل ماثلا أمام هذا الشعب ويهدد حاضره ومستقبله هو الذي ينبع من الداخل أكثر من الأخطار التي تهدده من الخارج ولا يحمينا من تلك الأخطار إلا التمسك بقيم التصالح والتسامح والتلاحم.

وبما أننا قد دخلنا سنة جديدة فمن المؤكد أنها ستكون حافلة بالتحولات والتحديات والصعوبات والاستقطابات وإعادة ترتيب التحالفات فهناك أمور ستتغير وأوضاع ستتبدل ومواقف وتوجهات ستتعدل فهل لدينا القدرة على التعامل مع ما هو آت وإدراك ما يحاك ويعتمل ضد الجنوب علنا وسرا ونستطيع تجاوز أو حلحلة خلافاتنا بمد أيدينا لبعضنا على قاعدة مصلحة الجنوب اولا مستفيدين من دروس وعبر الماضي ومن تجارب الآخرين.

أخيرا أناشد كل من بينهم خلافات وخصومات شخصية كأفراد بأن تصالحوا تسامحوا اعفوا تنازلوا لبعضكم اكراما لهذه المناسبة حتى تنعموا باسعد اللحظات فخير الناس من يبدا بإصلاح نفسه.

والله من وراء القصد