آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-09:59ص

مات الدكتور.. الانسان عبد الله الكثيري

الجمعة - 20 ديسمبر 2019 - الساعة 09:01 م

علي ناصر محمد
بقلم: علي ناصر محمد
- ارشيف الكاتب


 

                             علي ناصر محمد       

علمنا ظهر اليوم من العزيز هاني البيض بنبأ وفاة الدكتور عبد الله الكثيري الذي تعرفت إليه عندما كان متوجهاً في طريقه للدراسة في رومانيا، وكان يذكرني كلما استضافني بأنني قدمت له يومها مساعدة مالية، لأنه وفيٌّ لم ينس ذلك. مع إنني لا أذكر ذلك، فقد كنا نؤدي واجبنا تجاه طلابنا الذين يسافرون للدراسة، وكنا ندرك أنهم ثروة الوطن ومستقبله..

عاد الكثيري من رومانيا طبيباً، ثم أصبح رجل أعمال. التقيت به بعد ذلك مرات كثيرة في أبو ظبي والقاهرة وعدن وعجمان وبلدان غيرها. كان أخاً وصديقاً قلّما يجد المرء مثله لأخلاقه وتواضعه ولكرمه وانسانيته. وكنت دائماً أبدأ الحديث معه في مكالماتنا الهاتفية مازحاً: 

قال الكثيري بن عمر بن جعفر (يعفر):

لا ناد راسي يالجبال نودي

فيكمل الأبيات قائلا:

الشحر خدناها وربك قدر وعلى المكلا باتحن رعودي

فقد كان رحمه الله نبعاً من المحبة والكرم وخفّة الظل، بديهته حاضرة دائما للمزاح والتعليقات الساخرة، تعكس ذكاء وقاداً. كان من القلائل الذين ترى روحه في عيونه.. تشف أعماقه.. وطيبة قلبه.. كما اكتسب خبرة كبيرة من الحياة والترحال، لكنها لم تفسد فطرته وشهامته ومحبته للآخرين..

كنا نتبادل الحديث دوماً عن هموم الوطن والمواطن وكان من أنصار الوحدة الوطنية والتصالح والتسامح (والبدوي) ويقصد صديقه ورفيقه الأخ علي سالم البيض، وهذا المصطلح كان بيني وبينه.

لكنه اختفى فجأة في السنتين الأخيرتين .. وعندما كنت أسأل عنه كان يعتذر ويبرر غيابه بأعذار شتى. كنت أكرر سؤاله بقلق: ماذا حدث؟ وهل قصرت بحقك؟

كان يجيبني بحزن: لا.. فقط، أدع لي.

قبل عام، أصررت على لقائه في دبي، وتفاجأت حين أتى، لم يكن ذات الشخص المرح الذي تعودت عليه وعلى كلماته الحلوة، كان مطفأً وهموم الدنيا فوق قلبه، ولم يحدثني عن مرضه. كما أن اتصالاتي الهاتفية معه لم تنقطع وكنت كلما زرت الإمارات طلبت أن نلتقي، فيتهرب..

ثم أحزنني أن أعرف من أحد الأصدقاء اليمنيين المقيمين في كندا، أن صديقي الكثيري مريض مرضاً خطيراً في أحد مستشفيات العين بدولة الإمارات، فاتصلت به على كل أرقام هواتفه التي أعرفها حتى رد عليّ ابنه أحمد، وحدثني عن وضعه ومرضه، وقال لي: أدع له..

أصررت رغم الألم أن أسمع صوته، كأني شعرت أنها المرة الاخيرة التي سأسمعه فيها، جاهدت لأتظاهر بالمرح كي أرفع معنوياته لكنه كان يتكلم بصعوبة ويردد: أدع لي.. أدع لي..

وكان ذلك فعلاً الوداع الأخير بيني وبين صديقي الدكتور والإنسان.

ما أقسى الموت..

إنا لله وإنا إليه راجعون.

تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.

وتعازينا لأسرته وأقربائه وأصدقائه وفي مقدمتهم رفيقه الأخ علي سالم البيض.