آخر تحديث :السبت-21 ديسمبر 2024-05:49م

المهمشون باليمن والتفكير بالحراك الثوري

الثلاثاء - 29 أكتوبر 2019 - الساعة 12:13 ص
محمد ألحربي

بقلم: محمد ألحربي
- ارشيف الكاتب


كثيرآ ما نسمع في الخطابات الرسمية التي يلقيها المسئولين عن المهمشين, والتي تدور في مجملها حول تحسين أوضاع المهمشين معيشيآ وخلق الظروف المناسبة التي تسمح لهم بالمشاركة الفعالة في المجتمع والاندماج في الحياة العامة .لكن تبقى مثل هكذا خطابات خالية من المضمون وبعيدة كل البعد عن  حقيقتها على ارض الواقع وليس للمهمشين منها الا غُبار الساعة في حديث كان.

المهمشون هم الفئة الاجتماعية الأشد فقرآ وهم المحرومين من أي شكل من أشكال التنمية المجتمعية  مثل  غيرهم من فئات المجتمع وغير المخول لهم المشاركة في صنع القرار المحلي ،رغم ان ذالك من حقهم لكن موانع الاقصاء والتهميش ،والتمييز احرمهم من ممارسة والتمتع بهذا الحق الذي كفله الدستور والقانون لهم .

و أي محور الدراسات التي تتناول الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورات في الربيع العربي ولا سيما وأن هذه الثورات لم تكن على جدول أعمال ولا من الأهداف القريبة أو البعيدة. وذلك على الرغم مما تمثله تلك الانتفاضات والثورات من عمل سياسي محض, بل أنه يهدف إلى قالب  الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية التي خلقتها المتباهية الحاكمة في البلدان العربية على مدار عقود من الاستبداد السياسي والنهب الاقتصادي وكذلك التجريف الاجتماعي والذي اوصل غالبية المجتمع لأقصى درجات التهميش والعوز والحرمان. 

أيضاً المهمشين كفئة  اجتماعية مضطهدة تم  استبعادها  من مجمل أنشطة المجتمع .

وحرموا من كافة أشكال التنمية فعزز هذا الحرمان هو غيابهم الفعلي من منصة   صنع القرار سواءً كانت هذه القرارات محلية أو تتصل بحياتهم المباشرة. أو أنها تكون قرارات عامة تخص المجتمع برمته. فهم يعيشون على هامش المجتمع ويقضي أفراد جل المجتمع في العمل تحت أي ظرف قاهر مما ادى الى تدهور وتفاقم أوضاعهم المعيشية.

المهمشون لا يسكنون الشقق الواسعة والفيلات الفارهة وليسوا من رواد الأسماء العالمية للملابس والإكسسوارات ولا يمارسون الرياضة ولا يترددون على المطاعم وأماكن الترفيه. لكنهم يشاهدون كل ذلك في التلفاز الذي هو المنبر الدعائي للنظام داخل كل منزل والذي يمنيهم بالفردوس المفقود في واقعهم البائس.

لا تشغل أمور الحكم والسياسة وقضايا الديمقراطية والحريات المهمشين كثيرا على الرغم من معرفتهم وفهمهم الجيد لهذه القضايا هذا الفهم الذي يمكن أن يكون غائبا عن كثير من المثقفين أو لنقل مدعي الثقافة ،

الوعي عند المهمشين ليس نتيجة لمستوى ثقافي مرتفع أو تحليل موضوعي نظري على قدر كونه وعيا مكتسبآ من تجربة حياتية مريرة يعيشونها كل لحظة كل يوم. المواطن المهمش الأسود يعرف من واقعه البائس أنه لا ديمقراطية ولا عدالة في الحكم ويعلم حق  العلم من التواء  أمعاء أطفاله جوعآ ،وصراخهم  مرضآ وهو غير قادر على اطعامهم أو توفير العلاج لهم أن سياسة الدولة فقط خدمة مصالح الأغنياء .

كما يعلم أنه لا ضمانات للحريات العامة لأفراد المجتمع المهمش وأن القمع الوحشي لا حدود له. هذا تعلمه أحد أفراد المهمشين من خفقان قلبه المتسارع عندما أوقفت الشرطة يومآ الحافلة التي كانت تقله عائدآ من عمله في ساعة متأخرة. خشية أن يكون عرضة للاعتقال العشوائي الناتج عن الاشتباه الدوني لشخصه وملبسه ولونه وشكله وحتى اسمه. فمن الرعب أن يذهب وراء الشمس أو يخفى قسريآ.

وخلاصة القول :ان واقع المهمشين "السود" كفيل بان يخطر في البال التفكير بالشروع بالنزول للميدان وصراع طغيان التمييز العنصري  الرسمي الجائر وهو ما سيكون والايام بيننا.