آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-01:45م

قرع الجرس (الانتقالي في جدة نجاح تحجيم)

الجمعة - 25 أكتوبر 2019 - الساعة 06:55 م

عبد السلام بن عاطف جابر
بقلم: عبد السلام بن عاطف جابر
- ارشيف الكاتب


دائماً ما تحذر الدول والكيانات السياسية من تطبيق إستراتيجية "الأماني والآمال " بطريقة غير مدروسة ولفترات طويلة.. فهي إذا حققت منافع في بعض المراحل، فقد تتسبب بانتكاسات شعبية وإحباط جماعي في مراحل أخرى..

لكن في بلادنا تطبق بشكل مستمر وبدون خطة ولارؤية.. وحوار جدة خير مثال؛ فقد بالغوا في توقع نتائجه حتى الشطط..!! ولم تقتصر المبالغة على عوام الناس، بل حتى قيادات يشغلون وظائف عليا في الانتقالي وأخرى محسوبة عليه.. والماكنة الإعلامية للانتقالي سارت بنفس. الطريق.!! وأصبحت مقولة "لن تعود القيادة من جدة إلَّا والجنوب بيدها" تردد في كل مكان.. بهذه المبالغات حملوا الانتقالي مالا يحتمل..!

والانتقالي في الواقع لم يكن بحاجة لذلك، وكان يكفيه مايحققه من مكاسب بشكل فعلي.. فأغلب المحللين يرون أن الانتقالي نجح بتحقيق مكاسب مهمة جداً نتجت عن أحداث أغسطس وأولها "الاعتراف والتحجيم" الذي حققها بمجرد تلقيه الدعوة السعودية إلى حوار جدة.. وقد تطرقنا لجانب الاعتراف في المقال السابق (قرع الجرس؛ الانتقالي اعتراف مقابل فشل إدارته).

وما يروج له أعداء الجنوب وكارهي الانتقالي أن الحوار معه كالحوار مع جماعة الحوثي الانقلابية كلامِ لايقبله. العقل؛ فلو أن الرباعية الدولية التي تدير اليمن (امريكا، بريطانيا، السعودية والإمارات) اعتبرت الانتقالي انقلابي كالحوثي كانت قامت بعدة إجراءات قبل دعوته كمافعلوا مع الحوثي.. وهي إجراءات تقليدية تتخذ للرد على أي عمل عسكري إنقلابي.. تبدأ بإعلان مواقف رسمية تدينه، وتصفه بالانقلابي.. ثم تسعى في الأمم المتحدة لاستصدار قرارات أممية عقابية.. وكانت ستزيد من دعم الشرعية سياسياً وعسكرياً.. وتعطي للتحالف العربي الضوء الأخضر لقصفه بالطيران.؟ وهذا لم يحدث.. وحدث عكس هذا.

طالبوا بوقف إطلاق النار، وراقبوا الأحداث، وتحققوا من تصريحات الطرفين؛ ووجدوا أن ماقاله الانتقالي عن القوات المحسوبة على الشرعية صحيح؛ أنها قوات متمردة على القائد الأعلى للقوات المسلحة -الرئيس هادي- وأنها تتحرك وفق أوامر حزب الإصلاح " أخوان اليمن" وأنها مخترقة بعناصر إرهابية، ترفض وقف إطلاق النار، ولذلك قصفها التحالف .. وبذلك ثبت للتحالف ولدول العالم أن الانتقالي يملك مبررات صحيحة، وأنه أكثر شرعية شعبية، وأكثر وفاء للتحالف العربي.

وهناك مكسب استراتيجي ثاني حققه الانتقالي؛ فدعوته للحوار بصفته قيادة الجنوبيين دعاة الاستقلال؛ (وهم الأغلبية الساحقة في الجنوب) يعني من الجانب الآخر تحجيم جنوبيي السلطة أنهم يمثلون الجنوبيين الوحدويين (وهم شريحة جنوبية قليلة جداً) ونزعت عنهم صفة تمثيل كل الجنوبيين، التي كسرت ظهر الجنوب منذ 1994.. وسقطت الشراكة الجنوبية-الشمالية المزيفة التي أحتل بها الجنوب، وخدعوا بها العالم ومازالوا يتحججون بها حتى اليوم.

وعليه؛ فمهما تكن مخرجات حوار جدة فهي تعد نجاح للانتقالي.. وإذا فشل الحوار وكان السبب تعنت الشرعية فإن الانتقالي سيضيف مكسب ثالث، هو؛ تعزيز ثقة دول التحالف بصفة عامة، والسعودية بشكل خاص كونها دولة مهمة في العالم.. وهذه المكاسب تكفي لتعزيز ثقة الشعب بالانتقالي، دون الحاجة لاستراتيجية "الأماني والآمال"

وللحديث بقية