آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-06:45ص


أبين فوق مصالحنا

الخميس - 14 فبراير 2019 - الساعة 10:26 م

العميد يوسف العاقل
بقلم: العميد يوسف العاقل
- ارشيف الكاتب


أبين الاسم الذي يفتخر كل أبيني بالانتساب إليه، فهي صاحبة الأرقام الصعبة، والتضحيات المشهودة، والمستفيضة، لا يعرف أهلها العنصرية، ولا توجد في قواميسهم، ينسون الماضي لأجل الحاضر، فلا يحملون حقدا، ولا يبنون كرها، إلا أن من لعب مع شرارتهم أتاه جحيهما.

لن يقف قلمي يعدد مآثرها، فهي من تترجم لنفسها، ولكني أوجه النداء والاستغاثة لكل من تصله حروفي، لأجل إحياء ما أميت من جسدها، وتحسين من ما أمحاه الدهر من جمالها.
ولن يكون ذلك بالتباكي وإعلان الحداد، أو بقلم النقد فيما بيننا، ورمي اللوم على فلان أو علان. بل الحل الصحيح أن الكل يبني ويعين، ويوجه ويصوّب، الكل يحس أنه هو الدولة والمواطن. لا فرق بين هذا وهذا، لا نجعل الدولة قسيما لنا، بل هي نحن ونحن هي، الإدارات الحكومية ملك الجميع، ونجاحها نجاح الجميع، وتدميرها تدمير أبين كلها.
الغلط طبيعة الإنسان، يصوبه قلم ولسان الرجل الحكيم، فهذا يعمل وهذا يصوب، وهذا يحمي وهذا يشجع، مهما ارتقينا من مناصب فنحن أبناء بلد، ننام على فراشها ونلتحف بسماها، يصيبنا ما أصاب أهلها.

مسؤولية الأمن لاتقف على رجال الأمن بل الكل عيون لهم، والكل يراقب يد الشر. وأني أدعوا إخوتي أسود الشرى في كل موطن أمني، أن يثبتوا وجودهم في مواضعهم، فينصفون الضعيف، ويردون لذوي الحقوق حقهم، ويعلمون الكل أن الدولة موجودة، وأبواب الشرط لكل صاحب حق مفتوحة، فهي معه إلى أن يرجع حقه، ومن هنا سيجدون شعبهم معهم ومنهم، فالناس ملت من الفوضى والشغب، وحياة الغاب، تريد نظاما يحكمها بالحق، والعدل، فيا رجال الامن -وكلنا من أولئك- لبوا كل ما يتمناه أهلهكم.
تقف العبرات بحنجرتي حينما أرى الفقر يعصف ببني جلدتي، فكم أسرة كان مصدر رزقها المزارع عاملة مجدة لتوفر لقمة العيش لأبنائها، واليوم أهملت الزراعة وبقيت تلك الأسر تصارع الجوع والفقر، ومن هنا أنادي وأتوسل لذوي الأمر من وزير زراعة إلى مدير الري في أبين: أن يعملوا جاهدين لتوفير كل ما يلزم لسقي أراضي المزارعين، فلقد أصبحت السيول تنزل بلا خطة ولا جدوى، وليعلموا أن رجوع الزراعة إلى أبين هي رجوح الحياة بكل ماتعني معانيها.

سعت أيادي الشر في السابق لتجهيل أبناء أبين بكل الوسائل؛ حتى أصبحنا نقف أمام أزمة تعليمية ترعب وترهب القلوب، والأمل في القائمين اليوم أن يشرقوا علينا بشمس العلم، ومتابعة وصول شعاعه إلى كل أنحاء أبين، وأما مدرى المدراس الذين يفسدون ولا يصلحون ويجهلون ولا يعلمون، فتغييرهم لأجل حياة البقية واجب، ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) وليحل مكانهم من يصنع ويبني.
حالنا اليوم كسفينة أبحرت بأشرعة ممزقة، تمضي لساحل النجاة تعاند الريح القوية التي تحاول ردها، وتحطيمها، فلو وقفنا في اللوم والنقد؛ لمتنا وهلكنا، ولو مضينا وأصلحنا أشرعتنا وصلنا ونجونا، وعند الصباح يحمد القوم السرى.

لتكن أبين هي رمز صناعة الدول، فكل أبنائها أولو صناعة، ولنترك الثأر والخلافات، وكل ما يدعو لتفريق الكلمة، ولنطمس الماضي، وننساه، فكم من قتيل وقاتل من أبين، لم نستفد من كل ذلك إلا الدمار والفقر، ولنجعل شرعنا الحنيف هو حل مشاكلنا، فهو يدعو للألفة والاجتماع (واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا)، وإذا رأينا شرر الشر تظهر فلسان الحكمة والعقل تطفئها، وكم تمتلك أبين من عقول حكيمة تستطيع حل الكثير من المشاكل.

فلتتحد الأيدي ولتزرع الزهر في الصخر، ولتعد البسمة لكل حزين وكئيب، وفقير ويتيم، ولتقف رجال الدولة مع أبنائها وأهلها، ولتعمل كل مؤسسة حكومية بما تستطيع إلى ذلك سبيلا، شعارنا لتبقى أبين فوق مصالحنا، وليشهد الكل أن أبين تبني نفسها بأبنائها.


قائد الشرطة العسكرية بأبين العميد/ يوسف العاقل