آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-07:45ص

طماح والنقيب ..شهيد وجريح قاعدة العند ومواقف الايام الاولى للحرب

الإثنين - 14 يناير 2019 - الساعة 03:44 ص

ماجد الشعيبي
بقلم: ماجد الشعيبي
- ارشيف الكاتب


انها الصدفة وحدها من جمعتني بالمناضل الجنوبي محمد صالح طماح في ايام الحرب الاولى من العام 2015 تحديداً في الــ 24 من مارس وذلك في قاعدة العند قبل احتلالها بيوم واحد من قبل مليشيات الحوثي ، اثناء نزولي للتغطية الإعلامية مع الزميل محمد النقيب التي دشنا معاً تغطية الحرب منذ ساعاتها الاولى ابتداءً من قاعدة العند وحتى كرش .
يومها التقينا باللواء الركن محمد صالح طماح في قاعدة العند مع ابطال المقاومة الجنوبية الذين تداعوا من كل مكان ، حينها كان الزميل محمد النقيب يعمل كمراسل لقناة السعيدة ، وكان طماح وقتها عين بقرار عاجل من الشرعية كقائد لمحور العند ، وبدون أي مكانيات ، وقتها كانت كل الامور تسير نحو الانهيار الداخلي مع اقتراب المليشيات الحوثية من العند مزوده بالدعم اللوجستي ومتمتعة بالتنظيم العسكري بعكس ما كنا عليها .
انهينا زيارتنا إلى قاعدة العند بعد مقابلة العميد طماح الذي كان يظهر عليه الكثير من الهم ازاء ما كان يتحمل من مهام عسيرة تتفوق عليها ميدانياً وعسكرياً مليشيات الحوثي القادم من صنعاء باتجاه عدن ، غير ان هذا القائد العسكري والرمز الحراكي لم يتخلى عن اداء مهامه وواجبه الوطني تجاه الجنوب ، وحاول تجميع ما يمكن تجميعه من عتاد ومقاتلين لصد هذا العدوان القادم من شمال الشمال ، غير ان الامكانيات وحدها من احالة حينها جهود هذا البطل إلى سراب .
تمكنت جماعة الحوثي من اجتياح قاعدة العند بمحوريها وسط انهيار واضح للمقاومة التي بدأت عشوائية في لحظات الحرب الاولى ، تزامن مع ذلك عملية نهب للقاعدة من قبل عناصر شعبيه ، وهذا الامر سهل عملية اجتياح قاعدة العند والتوغل في غضون ساعات للقوات الحوثية القادمة عبر تعز نحو العاصمة عدن .
اكملنا مهمتنا في كرش انا والزميل محمد النقيب والزميل المصور عبدالله الحضرمي وما ان عدنا ادراجنا مساء إلى عدن ، حتى وقد انهارت ورائنا كل دفاعات المقاومة التي تشكلت على نحواً شعبي ، كان ذلك قبل ان تتدخل قوات التحالف بيومين ، ولم تنام تلك الليلة عدن حتى وقد سقطت اجزاء ومديرياتها واسعه منها في يد المليشيات الحوثية .

انها الساعات الاولى للحرب واللحظات التي ما ازال اتذكرها كأنها اليوم ، ولكن اليأس والهزيمة تحولات في غضون ايام في عدن وباقي محافظات الجنوب إلى صبر يصاحبه اليقين بالنصر ، وعدن التي كانت تبدو للمليشيات الحوثية على مرى حجر من قواتها بعد ان سيطرة بشكلاً كلياً على طريق الساحل من دار سعد حتى معاشيق ، تحولات إلى سراب ، بعد ساعات قليلة ، ومع تدخل طيران التحالف العربي استعادة المقاومة الجنوبية مواقعها واوقفت زحف الجافل القادمة من خلف التاريخ ، وشهدت جبهات عدن زخم غير عادي ، واستعاد المقاتلين الجنوبيين انفاسهم وثقتهم بأنفسهم ، وتمكنوا من مقاومة جماعة منظمة مزوده بمختلف انواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة .

المفارقة هنا ان القائد العسكري الذي كان اول من لبى ندأ الواجب وسارع إلى انقاذ قاعدة العند والجنوب كله قضى نحبه بداخلها في عملية ارهابية نفذتها طائرة حوثية مسيرة ، والمراسل الإعلامي الذي كان رفيق رحلتي الاولى في تغطية احداث الحرب الثانية على الجنوب سقط جريحاً وهو يؤدي دوره كناطق رسمي للمنطقة العسكرية الرابعة ، وفي السابق كان ضمن الطاقم الاعلامي الذي لا يتجاوز عدده اصابع اليد ممن كانوا في طليعة الإعلاميين الشباب الذين احتشدوا لتغطية احداث الحرب في ساعاتها الاولى ، بعد ان تخلى الكثير من رافق الكلمة عن مهامهم وقرروا الهروب او التحي جانباً والاستسلام للأمر الواقع حينها .
رحيل طماح خسارة كبيرة علينا وعلى الشرعية في ذات الوقت ، غير ان هذه النهاية لن تكون إلى بداية جديدة سنستعيد بها انفاسنا وثقتنا بأنفسنا ولن تكتب النهاية إلى في الوقت الذي تكتب معه نهاية هذه المليشيات وكل اعوانها وخلاياها في كل ربوع الوطن .
الرحمة لشهيدنا البطل وعزائنا لأسرته وكل محبيه وللشعب الجنوبي عامة ، والشفاء العاجل لجرحانا والعزة كل العزة لوطننا القوي بأبنائه وقيادته السياسية والعسكرية والإعلامية المخلصة والوفية .