آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-11:31ص

نظرة سريعة حول إفادة المبعوث الدولي مارتن جريفيث وما تتطلبه المرحلة

الأربعاء - 28 نوفمبر 2018 - الساعة 07:23 ص

عبدالكريم أحمد سعيد
بقلم: عبدالكريم أحمد سعيد
- ارشيف الكاتب


 

في جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة لم يتطرق المبعوث الدولي (مارتن جريفيث) بشكل واضح لمطالب الجنوبيين وحقهم في تقرير المصير ، ولم يورود ذكر القضيه الجنوبية من قبل المتحدثين لممثلي الدول العظمى خلال مجريات الجلسة ، إلا أن البعض من الجنوبيين يعتقدون بأنه مجرد الإشارة من قبل المفوض الأممي (جريفيث) خلال إفادته عن تطورات الأزمه اليمنية أمام مجلس الأمن يوم 16 نوفمبر الجاري ، بضرورة حل القضية الجنوبية حلا عادلا خلال مرحلة أنتقالية لم يأت بتفاصيلا لها ، يعتبر بحد ذاته أو على الأقل هكذا يجب أن يقرأ من الناحية القانونيه " مكسبا سياسيا كبيرا للجنوبيين " بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك ليسمونه مكسبا تاريخيا .. وكذلك ما جاءت به مداخلة ممثلة المجتمع المدني السيدة رشاء جرهوم ، التي لربما لقيت إشادة وتأييدا واسعا وغير متوقعا ، ما قد يعتبر حسب قراءت البعض بداية لإقرار دولي بالقضية الجنوبية ، معللين ذلك إلى ما يسمونه بالمقابل تجاهل او عدم اكتراث الأعضاء لما يسمى بالمرجعيات الثلاث لحل الأزمة اليمنيه بإستثناء عضوين..إضافة إلى كلمات ممثلي الدول العظمى في مجلس الأمن الدولي ، التي لم تركز كثيرا على القرار الأممي (٢٢١٦) إلا بإشارات عابرة ، لربما قرأها البعض هكذا من الناحية القانونيه ، وتسمية ذلك بمثابة تراجعا واضحا عن ما شهدته جلسات الإفادة السابقة للمجلس.
وفي الجانب الآخر يرى البعض أن تأكيد المبعوث الأممي على عدم إكتمال دور الحكومة او ما أسماه ب ( ضعف الحوكمة) تحديدا من فوضى في الجنوب او على الأقل قراءته بمثابة تحذيرا من ما أسماه بالعمل الغير مكتمل في الجنوب ، ويعني فيه مخاوف من الانفلات الأمني الذي سيكون مرده إلى ما أسماها بالمليشيات المسلحة ، ما سيمكن البعض من قراءته على انه يقصد بهذا قطاعات وفصائل المقاومه الجنوبية ، وكذلك ضعف أداء مؤسسات الدولة هناك وبالذات ما أسماها بالهشة والرخوه التي تعيش حالات فسادا مستشريا وواضحا..وإذا ما سار هذا الفهموم لإفادته ( تحذيراته) بعيدا في هذا المنحى ، سيؤسس منطلقا لمساع أعداء القضيه الجنوبية إلى تصويرها اي القضية الجنوبية ، على انها ليست أكثر من مشكلة لحالة سياسية يمكن حلها في إطار حلحلة ملفات الأزمة اليمنية كاملة ، ما قد يصورها على انها ليست قضية دولة ، مصير وهويه يقف خلفها شعب بأكمله ، بالذات ممن يسعون إلى تفسيرها بمفهوما مخالفا لها ، كقضية تشكل مفهوم وجوهر صراع الحركة الثورية الجنوبية مع منظومة قوى الإحتلال بصنعا بشكلها القديم والحديث ، وذلك من خلال إقصاء الصوت الجنوبي في مفاوضات الحل المرتقبة.
حيث يسعى الحوثيين وما يسمى بالشرعية اليمنية معا إلى جانب قوى إقليمية ودولية للاتفاف على القضية الجنوبية ، بعدم إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في المباحثات القادمة كطرف أساسي يمثل الإرادة الشعبية الجنوبية ومقاومته البطلة التي حققت ومازالت تحقق الانتصارات على الأرض ، وهي المسيطرة الفعلية على المناطق الجنوبية المحررة ، وتقاتل الحوثيين في كافة الجبهات الشمالية ، إلى جانب محاربة الإرهاب والتطرف والفساد داخل منظومة الدولة اليمنية المتهالكة.
أن تحركات الأمم المتحدة عبر ممثليها الدوليين في اليمن ابتدا (بالاخضر الابراهيمي عام ٩٤م وجمال بن عمر وولد الشيخ وأخيرا مارتن جريفيث) كانت ومازالت تبحر في أجواء غير طبيعية ، تخيم عليها سحبا سوداء غاتمة فوق سماء الحزينة ( عدن ) تصحبها رياح وعواصف رعدية تنذر بكوارث إنسانية ، يصعٌب وصول المركبة الدولية لمحطتها الأخيرة لتحقيق السلام العادل في اليمن .. والسؤال الذي يطرح نفسه .. لماذا كل مبعوثي الأمم المتحدة يتجاهلون القضية الجنوبية رغم عدالة مطالبها ، وأهميتها لإحلال السلام في المنطقة ، ومحاربة الإرهاب والتطرف ، وتأمين الممرات الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن ، وفي نفس الوقت يولون جل أهتمامهم وحرصهم على بقاء الحوثيين كقوة سياسية وعسكرية أشبه بحزب الله في لبنان؟ هذا السؤال المحير الذي لم نجد له إجابه مقنعة من قبل اللاعبين الدوليين والإقليميين.! حيث أن حل الأزمة اليمنية يتطلب إلى إرادة إقليمية ودولية لتقديم حلول شاملة وعادلة (غير منقوصة) والغوص في جذور الأزمة اليمنية (القضية الجنوبية) باعتبارها مفتاح الحل الحقيقي لأزمة اليمن ، وبضمانات دولية جادة لانجاح عملية التسوية السياسية في اليمن .
أن في مثل هذه الظروف التي يمر بها الوطن ، والتحدي الذي يواجه الجنوبيين اليوم يضع الجميع أمام المحك من قوى سياسية وأجتماعية للأستشعار بمخاطر المرحلة وتعقيداتها ، وبحجم المؤامرة التي تحاك على الجنوب من قبل قوى مختلفة (داخليا وخارجيا) يتطلب من الجميع رفع اليقظة والحذر ورص الصفوف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ الجنوب السياسي .. وعلى المجلس الانتقالي إتخاذ مواقف قوية وصارمة ، لا تقبل التراجع للوراء أمام تلك الأطراف التي تحاول تجاهل القضية الجنوبية ، لتمرير مشاريعها الخاصة على حساب شعبنا ، بل والتصدي لها بكل الوسائل الممكنة ، كونها قضية شعب ووطن ضحى بقوافل الشهداء والجرحى في سبيل حريته وعزته وكرامته لإستعادة دولته وهويته الجنوبية .. وعلى قيادة المجلس الانتقالي أيضا الإسراع في إتخاذ الخطوات والتدابير الضامنة لتحقيق النصر ، وفق دراسة معمقة ، وتقييم مدى النجاح على أرض الواقع من مختلف الجوانب ، بحسابات علمية دقيقة وعقل سياسي متمكن) ونؤكد على أهمية مايلي:
١- رفض أي مشاركة جنوبية في لقاء السويد أن لم يكن الجنوب طرفا أساسيا في التفاوض بوفد جنوبي بقيادة المجلس الأنتقالي. مع رفض أي مشاركة ديكورية للجنوبين يتم تفريخها من قبل الشرعية اليمنية كما فعلت في مؤتمر الحوار الوطني.
٢- العمل على تماسك الوحدة الداخلية ، والتواصل مع جميع شرائح المجتمع الجنوبي ، والعمل بين الجماهير ، وداخل المؤسسات الحكومية ، ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز اللحمة الجنوبية وتقوية الموقف الجنوبي لمواجة التحدي القادم.
٣- تحريك الشارع الجنوبي للخروج بمظاهرات (مليونية) سلمية منظمة في ٣٠ نوفمبر الذكرى ٥١ للاستقلال الوطني للتعبير عن مطالب الشعب الجنوبي المشروعة ، والضغط على المبعوث الدولي في عدم تجاوز القضية الجنوبية باعتبارها القضية المركزية ومفتاح حل الأزمة اليمنية ، وكونها قضية شعب ووطن لا يقبل المساومة.
٤- تحريك الدبلوماسية الجنوبية وتفعيل العمل السياسي والإعلامي بما يتناغم مع ضغط الشارع الجنوبي.
لقد حان الوقت لصحوة الضمير وتشغيل العقل الجنوبي كما يجب ( بفعل سياسي) لانقاذ الوطن والشعب من التيهان والقادم المجهول .. أفيقوا من سباتكم أيها الجنوبيون الأحرار قضيتكم تمر بمخاض عسير ، أن لم تتحركون اليوم ستدفعون الثمن باهظا غدا ، فلا داعي للعواطف والتنظيرات والمغالاطات وبيع الأوهام..! العالم اليوم لا يعترف إلا بالاقوياء ومن يفرضون أنفسهم على الأرض ، والدليل على ذلك الحوثيين ؛ أكثر من اربع سنوات من الحرب والأمم المتحدة تراضيهم ، وتضغط على التحالف العربي لعدم حسم معركة الحديدة.!
كما أن الجنوبيين بحاجة إلى حلفاء دولين لدعم قضيتهم إذا ما تحركوا وفقا لتحالفات الضرورة (تكتيك) و(أستراتيجية) سعيا لتحقيق الهدف المنشود للشعب. فلابد من قرع كل الابواب ، والتواصل مع القوى المؤثرة في صنع القرارات الدولية (البيت الابيض والكرملين) وباريس ولندن وبكين وبرلين.لخ ونضع خطين عريضين تحت الكرملين .. حيث والأطراف اليمنية الأخرى تتحرك منذ زمن طويل داخل لوبيات العالم المختلفة ، حتى مع اللوبي الصهيوني ، لتقدم لهم العروض المغرية لكسب تأييدهم مقابل أن يبقى الجنوب (البقرة الحلوب) تحت سيطرتهم.!! مما جعل القضية الجنوبية أكثر تعقيدا ، لتمر بوضع استثنائي غريب ، يضع علامات أستفهام كثيرة تجاه السياسة الدولية الغير متوازنة ، والموقف العربي السلبي الهزيل.!؟ لما تواجهه من تعنت وخذلان لم يسبق له مثيل في التاريخ الإنساني.!!

عبدالكريم أحمد سعيد