في هذا العام احتفلت دولة الإمارات العربية بمئوية الشيخ زايد ، الرجل الذي أسس اتحادها ودولتها وبنى حداثتها، رغم انه لم يتخرج من جامعة ، لكنه أخرج بلاده من القرن الثامن عشر ، ليضعها اليوم على أعتاب القرن الحادي والعشرين بجدارة .
قد يشعر بعض القرّاء بالحنق، ويقولون تريد منا أن نتذكر معك مئوية زايد ، في الوقت الذي نريد منك أن تحتفل معنا بذكرى زوال الاحتلال البريطاني ، هل من المعقول لكاتب يدّعي اليسار ، يخصص مقال للحديث عن بلاد يقودها أمراء .. أين العلمانية والليبرالية التي تنادون بها ؟ بالتاكيد أنا أقدّر حجم الضجر الذي أسببه للقراء في أحيان كثيرة ، ولكن ماذا أفعل ياسادة والمدنيّة أصبحت مثل ثوب فضفاض يريد الجميع أن يرتديه ليمارس لعبة إهدار أعمار الناس بالأكاذيب .. يكفي قراءة ماذا تحقق في الإمارات منذ تولّى زايد الحكم ، وحتى اليوم لنعرف حجم المأساة التي عشناها خلال العقود الماضية .
أين نحن في هذا العالم الذي ترتقي فيه سنغافورة ، وتحقق فيه دولة صغيرة مثل الإمارات أعلى درجات الرفاهية لشعبها ؟ لكي ندخل إلى الاستقرار ، يجب أولاً أن نخرج من عالم الكذب والنفاق ، وخزعبلات البعض . لأنهم يمتلكون حناجر صاخبة ، لكنهم لم يعلّمونا يوماً كيف نفتح مصنعاً لملايين العاطلين ، وكيف نقيم مشروعاً وطنياً صادقاً ، و كيف نضاعف ثروات هذا البلد . لكنهم يذكّروننا كل 24 ساعة بأنهم أصحاب الثوره و التغيير ، وأيضا فرسان الاغلبية .
55 عاماً وتجمعاتنا السياسية تفترض أننا مجموعة من المختلّين عقليا .
55 عاما وهذه التكتلات التي تريد اليوم أن تغيّر واجهات دكاكينها ، مصابة بداء عضال يجعلها ترى هلاوس وضلالات على أنّها حقائق.
55 عاماً ونحن نعيش لحظة في مجتمع مغلق، ودولة عاجزه عن تصدير وثرواتها النفطيه والمعدنيه ، وأحزاب تغذّي نفسها من أموال السحت الحرام ، فيما المواطن وحيداً في الشارع ينتظر من يؤمِّن له حياته وينشر الأمل والتسامح .
55 عاماً ولم يعط الحكام ما يمكن أن يتعلّقوا به أكثر من مصطلحات عن الانبطاح والتوازن والأغلبية والتوافقية
55 عاما ولا يخلو عقد من تلك العقود ً أمضيناها معهم الا وهناك معارك ودماء بين ابناء الوطن الواحد ، ليست بينها معركة واحدة من أجل التنمية والأمان والرفاهية والمستقبل.
55عاماً من عمر الثوره المجيده 14 أكتوبر.. وثلاثون عاما من عمري وما تزال المهزلة مستمره ..