انا من جيل عاش فترتين في حياته .. فنحن جيل عشنا في وطنين (الشمال والحنوب) ... ونحن جيل عشنا زمنين زمن (الرفاق) وزمن والافندم )... ونحن جيل عشنا نظامين سياسيين ( شيوعي) و(رأسمالي) ..ونحن جيل عشنا عهد العالم قارات وعهد العالم قرية ... ونح جيل عشنا عالم الكلاسيكية وعالم الحداثة ... ونح جيل عشنا زمن الزواج بالحب والزواج بالنت .. نحن جيل الاضداد وجيل التجارب ..
في زمن الرفاق كنا مجبرين منذ طفولتنا على تعلم كل مايتعلق بالمعسكر الشرقي ( الاشتراكي) ... كنا لانحفظ أسمائنا بالكامل ولكننا حفظنا أسماء الاشتراكيين الكبار ومؤسسي الاشتراكية.. قدسنا أسمائهم كنا بالصف الثالث مجبرون على حفظ اسم لينين ابا وجدا .. ( فلاديمير اليتش اوليانوف لينين) حتى اسم رفيقته ( ناديجدا كروبسكايا) وانجلز وستالين وبرجنيف ( حشوها) في ادمغتنا لدرجة ان بعضنا قد اسمى اولاده تيمنا بهم ... قدسنا صورهم وتماثيلهم لدرجة ان ألبوم الصور خاصثنا اكثر صوره لهم.... أن تفوقت في أي شئ منحوك وساما منحوت علية وجه لينين .. ان تلقي التحية فعليك بلينين اولا .. ان ذهبت إلى الجامعة يستقبلك تمثال لينين اولا .. حتى الحديقة ففي ووسطها سيستقبلك تمثال لينين ....لينين... لينين .. لينين ... كان الرفاق قد اوثقوا رباطنا بلينين وشدوا الوثاق ... وحين سقط ثمثال لينين أسقطنا معه ....سقط تمثاله في وسط الساحة الحمراء بموسكو وأسقط وطننا معه في عدن... سقط تمثال واسقط معه شعبا ووطن و دولة لأنه كان الوطن والشعب والدولة ....
قبل أيام شاهدت شبابنا يتعاركون و يتشاحنون لدرجة ان سالت دمائهم وكل ذلك لأن ذاك اسقط صور تتبع الاخر ... فياهؤلاء دمائكم اغلى واطهر من تلك الصور ... ويا هؤلاء أن تلك ماهي الا صور وليست الوطن ...
لا نريد وطن يختزل بصورة أو تمثال خذوا العبرة من ثمثال لينين الذي سقط واسقط معه اعظم دولة في العالم ... خذوا العبرة من تمثال صدام حسين حين سقط وسقطت معه العراق ... خذوا العبرة من امم وحضارات سقطت لأنها اختزلت أوطانها بأشخاص وصور لهم ..
ياهؤلاء لا نريد وطن يختزل بشخص الرئيس أو صوره ان سقط سقط معه الوطن.... لا نريد وطن يختزل في شخص الزبيدي أو غيره ... لا نريد وطن نقدس على ترابه صور لأبن زايد او لأبن سلمان أو شعارات لأردوغان...
نريد وطن بمعناه الوطن ... وطن للشعب سكينة ومأوى ومعاش .. وطن للجميع وليس لفلان او لعلان ... فهل نتعظ..؟
