آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

الجنوب ... ولعبة الأمم

السبت - 03 نوفمبر 2012 - الساعة 04:02 م

صالح علي الدويل باراس
بقلم: صالح علي الدويل باراس
- ارشيف الكاتب


   "هناك اتجاهان لأي حركة او رؤية سياسية... حركة رأسية وحركة أفقية .. والحركة الراسية في اتجاه الإقليم والعالم، التي قد تتصادم معها..بل ان أي تصرف منا كقوى سياسية جنوبية يدفعنا في اتجاه الحركة الراسية، ولو كعملية تكتيكية، فانه بلا شك يدفع بقضيتنا الى التصادم مع تلك القوى..".مقطع مهم من مقابلة للأستاذ عبد الرحمن الجفري لإحدى الصحف كثّف فيه بموضوعية حركة القضية الجنوبية في الإستراتيجية الدولية     

        

ان الاستراتيجيات الدولية تستغل إحداثا تصنعها قوى محلية  في الغالب، وجدير بنا استقراء قضايا في استراتيجيات مختلفة، لضرورته للقوى الجنوبية  كي لا تصنع إحداثا بحسابات تغلبها العاطفة لا الموضوعية فتتعارض والإستراتيجية الدولية فتستغلها قوى معادية محلية ويصبح الجنوب خاسرا فيها.

       

ان سلمية الحراك الجنوبي ضمان سلامته وانتصاره مهما طال زمنه  ،و سياقه في الإستراتيجية الدولية، أن لا نماثله بثورة  14 /أكتوبر فالمماثلة  خطيئة في التحليل، كارثة في النتيجة، فأكتوبر فعل محلي  في إستراتيجية مختلفة تميزت بتصفية الاستعمار وتحلله من غالب التزاماته وتوزيع ارثه على جبهات خارطة صراع الحرب الباردة ، وكذا توزيع شمولية العالم الثالث وانقلاباته عليها. مع أن التصفية لم تصل بلدان منها  "اريتريا"مثلا التي لم يحتلها الاستعمار التقليدي ولان جبهاتها أرادت ربطها بالمحيط العربي الإسلامي فتصادمت بإستراتيجية دولية  لا تريد ذلك،ولما تصدر المشهد جبهة شمولية متوافقة وتلك الإستراتيجية استقلت اريتريا بعد تنسيق عملها مع جبهة إثيوبية  أسقطت النظام الشيوعي في "اديس ابابا" في إطار تلك الإستراتيجية  !!!. ولن نذهب بعيدا ففك الارتباط الذي أعلنته جمهورية اليمن الديمقراطية عام 1994م اصطدم ببقايا تلك الإستراتيجية ،  وكان يعني عودة النظام الاشتراكي ، مع ان طاقم تلك الدولة لم يكن اشتراكيا صرفا، ورغم اقتناع دول الجوار بظروفه لم تستطع التمرد على  "فيتو" تلك الإستراتيجية!!!

           

ان الحراك الجنوبي جاء في سياق إستراتيجية صياغة شرق أوسط جديد، وحرب على الارهاب تستبيح السيادة الوطنية، و محاربة دول مارقة مثل كوريا الشمالية وإيران، ومن أدواتها إذكاء او استغلال حروب طائفية او محلية في المنطقة . وعليه فمهما كانت عدالة وإستراتيجية استقلال الجنوب لدينا فهو كائن مرحلي في حلبة الكبار علينا ان نحسن الوسائل والأدوات والتحالفات لاستخراجه من تشابك وتعقيد إستراتيجيتهم التي لا تبالي بالعدالة ، فلا نبالغ بقوة شعبنا وعدالة قضيته وإذا ما اخترنا أساليب متنوعة فيجب ألا تتعارض تحالفاتها مع الإستراتيجية الدولية فنتحالف مع إبليس،  فما كل إبليس قادر ان ينصر الا إبليس معين!! . 

      

إن ما يجب أن نحسبه  أن  أعداءنا أكثر  تآمرا من إبليس ، وضعوا احتلالهم للجنوب في سياق الإستراتيجية الدولية ونمّطوه  طيلة عقدين ملاذا للإرهاب، وانه بديلهم فيه، وتركوا له  فراغات أمنية  فاستولى على محافظات، ولولا لطف الله بالجنوب بان تضادت مصالح الأبالسة المحليين، وقيض قيادة من أبنائه تولت محاربة الارهاب وتصفيته لسلّم الأبالسة  كل محافظات الجنوب للإرهاب ورغم ذلك فمازال الارهاب ورقتهم القوية فيه !!.

     

   

لقد فشل مصطلح الحراك القاعدي ولم يستطيعوا إلصاق الارهاب بالحراك لانه ابتعد عن القاعدة ،وحمته السلمية ،  ويريدون ان يلصقوه بالدول المارقة، بالترويج للحراك المسلح ليسحبوا السلمية من حمايته، و لن يكون ذلك لصالح الجنوب على الأقل في المدى القريب، لكن الترويج مترافق وحملات سياسية وإعلامية  تربطه  بإيران في ظل سياسة إعلامية وسياسية توالي زعامات أكثر مما تجسّد قضية ، بل ان القناة الإعلامية الغبية ، "عدن لايف" استحدثت برنامجا لاستضافة إعلاميين ومفكرين عرب ويمنيين لا نجد في  استضافتهم شيئا مفيدا للجنوب بل كيل اتهامات لدول الجوار العربي وامتداح إيران ومشروعها!! . وبهذا تصنع مؤشر بان الجنوب في تضاد مع الجوار ومع الإستراتيجية الدولية فإيران من الدول المارقة في تلك الإستراتيجية وستصنع إحداثا وتدخلات كما صنع السوفييت تدخلات وإحداثا في الحرب الباردة، ولن يكون حالها أفضل من حال السوفييت وحلفائهم وتدخلاتهم سابقا. فلا  ننخدع مثل انخداعنا في الحرب الباردة ويخدعنا دعم إيران "للحوثي" فهو متوافق والإستراتيجية الدولية كتوافقها معه في بغداد، إنها مرحلة "صناعة العدو" ، كتوافق إستراتيجية الحرب الباردة مع "الجهاديين"!! .

     

   لقد أصبح الجنوب محتلا عندما تضادت حركته مع العالم وقبلها تضادت حركة قواه ولم تقبل  بعضها والتصحيح يجب ان يكون من هنا قبل التفكير في الأساليب الاخرى، فالعالم لا صداقات دائمة فيه ولا عداوات دائمة بل مصالح دائمة، فعلينا ان نجيد صنع خطابنا وإحداث قضيتنا ونوحد او ننسق قواها فالعالم " يريد مصالح في محيط آمن" ، "فعدن لايف"  لا تصنع محيط آمن ولا تؤسس لقضية بل تؤسس لصوت من قضية، إنها تذكّرنا وتذكّر العالم بأمجاد "انور خوجه" في إذاعة "تيرانا"!!،والمحيط الآمن لا تصنعه جماعة  تنتمي "لمكون حراكي" قد تكون محقة او غير محقة في اختلافها، لكنها اجتمعت في صالة مغلقة او على قمة جبل وعزلت قيادة انتخبها مؤتمر كان افتتاحه في ساحة عامة وبقية جلساته في ملعب كرة قدم!! فالعالم لا يؤمن بالعزل والإقصاء السياسي، إن الشرعي الآمن لديه ان شرعية المؤتمر تلغي ما دونها!!.

*خاص عدن الغد