آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:09م

جاهلة القرن 21 .. كيف بمن صنع هبل يخشى تحطيمه ؟ الحلقه (2)

الأربعاء - 05 سبتمبر 2018 - الساعة 03:15 ص

عمر محمد السليماني
بقلم: عمر محمد السليماني
- ارشيف الكاتب


ما اطرحه ليس مجرد رأي شخصي أو أمنيات بل من قراءات لعصارة فكر قديم وحديث، ديني وعلماني، خلاصة تجارب وأفكار من سبقنا بالزمان والحداثة من أمم ومفكرين.

ذكر إبن خلدون في مقدمته المشهورة عن تبدل الممالك والسلاطين وأثر ودور "البدو"، مايعرف اليوم بأهل الأرياف، ذكر كلام طويل عن شجاعتهم وقساوتهم وعصبيتهم... الخ اختلفنا مع طرح ابن خلدون ام اتفقنا، ما يهمنا هنا أن كثيرا مما ذكر ينطبق بشكل خاص عن يمن اليوم أكثر من غيره من البلاد العربية، قدرة أبناء الريف "البدو" على التأثير في المشهد السياسي اليمني.

المشكلة في اليمن تحديد الشعب خياراته، ومن يمثله. وحدة ام انفصال، شرعية ام حوثية ام مجلس انتقالي... الخ.
الحل ببساطة أن يقرر الشعب بنفسه ماذا يريد، ليس بثورة ولا بمليونية الميادين بل باختيار من يمثلهم. وأفضل وسيلة عرفتها البشرية ويقرها العالم اليوم هي الإنتخابات. خيار التغيير أما عبر فوضى مدمرة، أو حركة شعبية منظمة. الانتخابات ليست بجديدة على الشعب اليمني، لكن كانت تأتي بإرادة وتزوير من قمة الهرم السياسي. نقلب الهرم السياسي، لنبدأ من القاعدة بإرادة شعبية وبدون تزوير أو تسيس، ومن الأطراف "الأرياف" وليس المدن، من الناحية والقرية لتصعد تدريجياً إلى المديرية والمحافظة. مجالس محلية شرعية منتخبة بإرادة ومبادرة شعبية لا ترتبط بحزب أو أي توجهه سياسي. من المعيب بعد هذا أن أخوض في الكيفية أو الأهداف، كون الدعوة هنا أن يقرر الشعب مايريد وبالكيفة المناسبة لوضعه. لكن ليكن الهدف الأول لمثل تلك المجالس إصلاح ما افسدته السياسية من خلل في الأمن والخدمات بالتعاون مع السلطات المحلية وكذلك الدولة الشرعية القائمة بغض النظر عن اختلافنا معها، فقد يصل التعاون معها إلى توافق تصنعه مثل هذة المجالس المحلية الشرعية المنتخبة حول إختيار وفرض المحافظ اوما دون من القيادات المحلية، بدلاً من الإكتفاء بانتقاد من يتولى تلك المناصب وجلها على أسس حزبية ومناطقية.

هذا هو الحراك الشعبي الحقيقي وما سواه مجرد مساهمة في صنع فوضى بأيدينا نتائجها حرب ودمار وسيطرة الخارج وإن كانت بشعارات وطنية زائفة، والواقع خير شاهد.
الكثير قد لايدرك قوة مثل هذة المجالس التي تأتي بإرادة شعبية معتبرة عالمياً، هي فرصة وحيدة للشعوب للخروج من نفق مظلم عندما يصيب قياداتها الضعف والفساد والتبعية فتنعدم الآمال والخيارات أمام الشعوب . سوف يغتنمها بعض القيادات "الطفيلية" وتركب الموجة، ويحاربها قوى "الشر"، لهذا قد يكون التحدي كبير.

ماحدث في اليمن هو محاولة لبناء الهرم السياسي من رأس الهرم  "شرعية الرئيس"، وما أتحدث عنه هو بناء قواعد الهرم السياسي والتدرج لإكمال البناء حتى الوصول إلى قمة الهرم دون هدم "ما تبقى" منه. هنا الفرق بين دعاة الفتنة والهدم ودعاة التوافف والبناء. فأي من طرق البناء يمكنها الصمود أمام الأطماع والتغييرات الهائلة في منطقتنا؟ أكاد أجزم أنه لن يقف اي عائق أمام تحقيق ماذكرت أكثر من جهلنا "جاهلة القرن 21". يقول البرلماني البريطاني المشهور جورج غالوي: الشيء الوحيد الذي يمنعكم "العرب" من التوحد هم أنتم أنفسكم وليس  "الخواجة". ذكاء وتفوق الخواجة أمام جهلنا وعجزنا، خلل في المعادلة، علينا إصلاح المعادلة من ناحيتنا بإصلاح ذاتنا.

ليس لدي وهم أن التنفيذ لن يكون سهلاً ولن يكون غدآ، وقد لايكون ، كما لا أحب أن نصاب بالوهن والعجز، مجرد المحاولة ولو بالحديث عن الفكرة هي البداية. هي حرب الأفكار والعقول، علينا كسبها أو نخسر ربما أكثر مما نتوقع، بالمشاركة بنشر مثل هذا الفكر كتمهيد لكسب المعركة، ولعل بعضكم لديه إسلوب في الكتابة أفضل مني، والبعض لديه متابعين كثر. هذا هو الأسلوب السليم وهذا هو سلاح القرن ننتصر به أو يكون سبب هزيمتنا. ولكي ندرك أهمية وخطورة الإعلام الجديد في السيطرة على العقول، علينا تذكر ما فعلته مجرد لعبة لبعض الأطفال من كارثة علمها الكل، كان خلفها فرد واحد، فكيف عندما تكون هناك جيوش "إلكترونية" تديرها منظمات ودول؟

اختم بما ذكره لي أحد الإخوة بقوله أنت لا تدرك حجم وقوة مراكز القوى اليمنية في الداخل، كان ردي نحن من صنع هبل فهل نخشى من تحطيمه؟