آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:56م

تصفية اللواء سالم قطن ..صراع بين إستراتيجيتين

السبت - 23 يونيو 2012 - الساعة 12:46 م

صالح علي الدويل باراس
بقلم: صالح علي الدويل باراس
- ارشيف الكاتب


   

 لن أُشيد بصفات الشهيد اللواء سالم قطن ومهنيته وجسارته فله من الزملاَء والأعداء تيار عريض ،زملاء تحجّرت ملامح الحزن في قسماتهم وهم يودعونه وهم أدرى بمعدنه حين الشدة ،وأعداء ضاقوا به ولم يطمئنوا للخلاص منه إلّا أن يتفجّروا في صدره وفي كل الاحوال فان تصفيته خسارة على كل الجنوبيين مهام كانت منطلقاتهم فهم يواجهون عدواً لن يرحمهم جميعاً مهما كانت منطلقاتهم .

 

  لم أتفاجأ أن اغتالته الجماعات المسلّحة  فمعرفة السياق الذي تصدى له تحدد ذلك والقوى التي ضاقت بالسياق ودوره فيه ،واستهدافه وعدم استهداف قادة سبقوه وادّعوا محاربة الارهاب !!

 

 لم يكن تعيينه قائدا للمنطقة الجنوبية في إطار الهيكلة فحسب لكنه مع قرارات اخرى حدّد ملامح إستراتيجية لمحاربة الإرهاب في الجنوب مغايرة لإستراتيجية تخدم قوى كان الإرهاب جزءا منها، رعته او هادنته للسيطرة على الجنوب لكنها تخلخلت بقدوم الرئيس هادي الذي يريد جنوبا خال من الإرهاب.

 

 

 حددت التغيرات العسكرية في المنطقة الجنوبية ملامح مرحلة جديدة في التعامل مع الإرهاب كان تفعيل مكامن القوة الجنوبية عبر اللجان الشعبية  من ملامحها أيضا ويمكن رصد مؤشرات الضيق بها ،عبر ضيق القوات الشمالية عن دور اللجان، ومن منع وزير الدفاع ان يدخل معسكرات الحرس، ومن الحملات الإعلامية على هادي وانه يزرع أقاربه، والتتويج بدخول الزنداني على الخط طالبا الحوار مع الجماعات المسلحة ممثلة للجنوب او لبعضه  في محاولة لمنع او لتاخير الحسم معها !!!.

 

    لقد كان للواء سالم قطن دورا محوريا في الحسم بحكم قيادته للمنطقة الجنوبية عاضدته قيادات عسكرية وسياسية جنوبية  ونشا محور جنوبي جاداَ لمحاربة الإرهاب واجتثاثه من الجنوب قطع لعبة التنسيق الخفية بين تلك الجماعات واذرع معروفة كانت تؤمن انتشارها ، لذلك فالمعركة الاخيرة مع تلك الجماعات كانت معركة في ذات الوقت مع قوى شمالية تريد للجنوب ان يظل مرتعا للارهاب ولقبائله ان تكون ملاذا له وفي هذا التقاطع تبرز مصلحة جهتين للثأر من اللواء قطن وتصفيته: ثار  لديه الاستعداد ان يتفجر، وثار لديه استعداد ان يزود بالمعلومات والمراقبة والمتابعة للحفاظ على مشروع عقدين من الارهاب "المفلتر"في الجنوب، ولاحلال قائد بديل قد يكون اقل حماسا لتصفية الارهاب من الجنوب اذا لم تستطع تلك القوى ان تجعله يتبنى نفس رؤيتها.

 

وفي ذات السياق تتبين محاولة تصفية الشيخ الشدادي لدوره في تحفيز الحاضنة الشعبية لطرد الارهاب وهم يريدون تسويق الجنوب حاضنة وملاذا له0لذلك لم يكن مفاجئا اغتيال اللواء قطن وانه في سياق تعاون أكثر من جهة تسهيلا ومشاركة ومراقبة ومتابعة حتى الاغتيال لان الاستراتيجية الجنوبية في التعامل مع الارهاب جعلته يختفي كالسراب مثلما انتشر قبل اعتمادها كالإعصار وفر بجسمه الرئيسي الى ملاذاته الآمنة خارج الجنوب .

 

   ان دقّة المرحلة تتطلب من قطاعات الرجولة في الجنوب ان تضطلع بمسؤوليتها تجاه انفسهم واعراضهم وجنوبهم فهم يواجهون عدو لايرحمهم عدو يراهم بقايا هنود وصومال يريد ارضهم لا يهمه عرضهم يريد مالهم لا تهمه دماءهم وعلى القادة الجنوبيون  ان يدركوا ان مصير اللواء سالم قطن قد ينتظرهم من نفس القوى الا اذا تحلوا باليقظة والايمان بان الانسان يموت بقدره  وليثقوا بقوله تعالى" كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله" ويجعلوا من محاربة الارهاب في الجنوب مسالة حياة او موت، اذ لا فائدة في رجولتهم وعسكريتهم اذا لم يمنعوا قوى الشر ان تحرق بمخططاتها قراهم واهاليهم ولا يغرهم تباكي صنعاء فالتمساح تسيل دموعه عندما يلتهم فريسته .