لايزال المرء يحتكم الى مقومات العدل والانصاف مادام يريد صلاحا او اصلاحا، وقبل ذلك هو بحاجة الى العلم بالشيء والاحاطة به قدر الامكان للقدرة على تصويب الامور واعادتها الى السياق.
ان الحديث عن دور الحكومة اليمنية وعملها ومستوى ادائها وقدرتها على تصريف امور الناس في هذا الظرف العصيب والمرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد يستوجب قدرا من المسئولية، مسئولية الكلمة والنقد، ومسئولية الحفاظ على هذا الوطن الذي تمزقه الحرب.
ليس يعني ذلك بالضرورة تجاوز السلبيات والاخطاء التي قد تشوب عمل الحكومة، فذلك ايضا واجب الكلمة المسئولة والنقد البناء، لكن ان يصير الامر فقط تصيد تلك الاخطاء وتتبع تلك السلبيات ومحاولة قلب الحقائق وتضليل الناس وايهامهم بان لا عمل ولا دور ولا انجاز لهذه الحكومة، فذلك ما لا يمكن قبوله باي حال من الاحوال ولا ينبغي السكوت عنه، ناهيك عن ان ذلك الامر يتجاوز اغفال الدور الحقيقي الذي تقوم به الحكومة الى محاولة ضربها وتشويهها وتعطيلها عن اداء اعمالها، لحسابات واغراض اقل ما يقال عنها انها مشبوهة ومدفوعة، وهي كذلك على قدر كبير من الغباء والاستهتار، ذلك انها بفعلها الغبي هذا تشبه ذلك الشخص الذي يعمد الى خرق سفينة تحمله وسط محيط متلاطم الامواج.
والمتابع لكثير من الاخبار والتقارير والبرامج التلفزيونية في عدد من القنوات والوسائل الاعلامية يصاب بالصدمة والاسى والغثيان للحال البائس الذي وصل اليه ذلك الاعلام الرخيص.
ان برنامجا تلفزيونيا ما يفترض به ان يقدم رسالة اعلامية معينة تحمل مضامين نقدية تصويبية عملية وحتى اخلاقية، يقفز على تلك المضامين ويفقد وجهته الاساسية ليخرج الى السفه والطيش واستثمار آلام الناس وآمالهم، بقالب كوميدي يضحك عليهم اكثر مما يضحكهم.
هذا ما عكسه بوضوح برنامج تلفزيوني (عاكس خط) الذي هو "معاكس لكل الخطوط". وفي حين يفترض بالإعلام ان "يعكس" الظواهر "المعاكسة والمضادة"، نجده أنه هو نفسه (الاعلام) "المعاكس والمضاد والنشاز والواقف خارج الصف". إن ذلك لهو البلاء الفاضح!.
الحديث عن وزارة التربية والتعليم، تحديدا، من خلال ذلك البرنامج يعكس حجم الجهل الذي يعانيه معده ومقدمه وطاقمه بالكامل، وهو جهل مركب، مرتبط بنوايا خبيثة وتوجيه فاسد، فقد خانتهم المعلومة، التي هي "ضالة الاعلامي"، لكن البرنامج لا تهمه المعلومة ولا يهمه التحقق وليست غايته اعلامية في الاساس.
ووزارة التربية والتعليم، التي اتخذها ذلك البرنامج نموذجا للتهكم والتشنيع على عمل الحكومة، هي ابرز وزارة تعمل من داخل البلاد وليس من خارجها، كما ادعى البرنامج، ووزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله سالم لملس هو الوزير الوحيد تقريبا الذي عمل منذ تعيينه مباشرة من داخل البلاد واسس وزارة في العاصمة عدن واتخذ لها مبنى مستقلا وخاصا بها، ومنذ تعيينه وهو في مكتبه بديوان الوزارة، يمارس اعماله ومهامه ويدير الوزارة بكل مسئولية واقتدار.
ثم ان جهل "الاغمار" لمعلومات بسيطة كاسم الوزير الفلاني والمسئول العلاني مثلا لا يعد ثلمة في حق المجهول بقدر ما هو فضيحة للجاهل. انتم تلعنون انفسكم من حيث تحسبون انكم تحسنون!.
أي بلية ابتلي بها هذا الوطن المثخن بـ "الصِغار والصَغار"، أي لعنة حلت على غفلة من "الكبار"!.
انه مسرح الجهالة والشقاء والتهافت، ذلك المسرح الذي صار ماخورا يرتاده الاوباش الذين يتوارون خلف القاب زائفة لمملكة مزعومة، وهي "القاب مملكة في غير موضعها.. كالهر يحكي انتفاخا صولة الاسد"!.
بالت عليكم الثعالب ايها "الارباع والانصاف والاشباه".. كل عقل فيكم مريض، وكل نفس منكم مسمومة!.
محمد حسين الدباء
مدير عام الإعلام التربوي بديوان وزارة التربية والتعليم