آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-05:11ص

جيوش أم ذباب إلكترونية

السبت - 05 مايو 2018 - الساعة 10:11 م

عمر محمد السليماني
بقلم: عمر محمد السليماني
- ارشيف الكاتب


 

الفضاء المفتوح، جميعنا ندرك التطور الهائل في علم الإتصالات نتج عنه انفتاح كبير في التواصل الاجتماعى المباشر للشعوب. بداية غفل عنها الحكومات وأبدعت الشعوب في إستغلالها، تداركت الحكومات ذلك وأهميته بل خطورته، الدول بإمكانياتها الهائلة أنشأت لها منصات تواصل عبر توظيف أعداد كبيرة من الاشخاص وسلحتهم بالتكنولوجيا ليظهر ما سمي بالجيوش أو الذباب الإلكتروني.

سوف أميز بين المصطلحين ليكون أقرب للواقع. الجيش الإلكتروني هم الأشخاص الذين يتم توظيفهم ودفع رواتب لهم مقابل عملهم وهو نشر الدعاية للنظام والشائعات ضد الأعداء.

أما الذباب فهم الأشخاص الذين يسقطون كالذباب في فخ ترديد المديح والأكاذيب والإشعات التي يطلقها الجيش الإلكتروني. يعني جيش من الذباب يعمل بالمجان.

*ثقافة الشعوب تلعب دور مؤثر*

فيكثر الذباب عندما تطغى عليه المجاملات والنفاق، ويلعب جهل الشعوب دور كبير في قدرة الجيوش الإلكترونية على السيطرة على الذباب. كما أن حشرات الذباب تكثر في أماكن القاذورات ، فإن الذباب الإلكتروني يخلق له حاضنة، فوضى وقتل ودمار وجهل وفقر وعوز كل ذلك يشكل مرتع لتكاثر الذباب، فيكثر تناقل الكذب والشائعات والتظليل كما نجده اليوم في اليمن حتى صار ظاهرة مرضية، قص ولصق وإعادة نشر دون التحقق من الصحة بل لدرجة الاستخفاف بالعقول.

أضرب مثل واحد فقط على بساطته وتفاهته كي ندرك المستوى الذي وصل إليه الذباب،تم تداول موضوع إقتحام السفارة اليمنية في الهند واكتشاف كمية كبيرة من القات... الخ. هل هو جهل ام استخفاف بالعقول اليمنية، لا يمكن لسلطات أي بلد اقتحام المباني الدبلوماسية تحت أي ضرف أو سبب!! وعلى هذا قس الكثير مما يتم تداوله. يقال الإشاعة يؤلفها الحاقد وينشرها الأحمق ويصدقها الغبي.

ربما لايدرك كثيراً منا أهمية هذا الموضوع ولماذا بدأت به. في هذا العصر العدو لايحتاج أن يرسل جنوده لكي يوجهون إلى رؤوسنا رصاص بنادقهم، فهم يستخدموا ما يسمى بالحرب الناعمة، ولهذا جاءت التسمية الجيوش الإلكترونية والحرب الإلكترونية. يوجهون سمومهم صوب عقولنا ليسيطروا علينا. ويحولولننا إلى عملاء وجنوداً لهم، (يصوبون بنادقهم فقط على صدور من لم يتمكنوا من اختراق عقولهم وربما هم القلة) فيمتلكون البلد وأهلها وليس كما كان الاستعمار القديم يسيطر على الأرض فقط لحين، ثم تقوم ثورة لتحريرها.

الخطورة اليوم أننا لن نتمكن من تحرير الأرض قبل تحرير عقولنا. ولنا أن نتصور أيهما أصعب تحرير الأرض أم تحرير العقل؟ آبائنا وأجدادنا كانوا أكثر حظاً منا حاربوا الإستعمار واذنابه، العدو واضح، أما اليوم فمن نحارب؟ عندما يكون العدو قد تمكن من عقولنا، صرنا أعداء لأنفسنا، أدوات للإستعمار الجديد بعباءات وشعارات وطنية. فهل تصح علينا عبارة "الجاهل عدو نفسه"؟

أين قد وصلت هذة الحرب الناعمة الجديدة في اليمن، واين موقع كلا واحد منا في هذه الحرب، مع الوطن ام في الزبالة مع الذباب ؟