آخر تحديث :الثلاثاء-28 مايو 2024-12:59ص

في ذكرى رحيل إدريس حنبلة .. كلمة لابد منها

الأربعاء - 21 ديسمبر 2011 - الساعة 08:28 م

لبنى الخطيب
بقلم: لبنى الخطيب
- ارشيف الكاتب


لبنى الخطيب

 20 ديسمبر مر، ومرت معه مرور الكرام دون إشارة لها الذكرى العشرين لوفاة إدريس أحمد حنبلة الأديب الكبير، شاعر الكلمة الوطنية الحماسية التي ألهبت الكثيرين حماسة ووطنية من أبناء الوطن  في مقارعة الإستعمار البريطاني  وإلهام الحركة السياسية في عموم الوطن.

 

الشاعر البسيط والمتواضع حنبلة مولود في 7/12/1922 في منطقة التواهي بعدن، تقلد الكثير من المناصب في سلك التربية والتعليم عرف مربيا تربويا قديرا ، ومساهما في تأسيس الحركة النقابية في عدن، له بصمات في الرياضة الكروية إداريا وباعثا للروح الوطنية في صفوف الرياضيين .

 

الأديب والتربوي إدريس حنبلة لم يشغله الشعر وعمله، وحبه للفن والموسيقي، للتفكير  لجمع الوثائق القيمة والنادرة التي كانت تقع بين يديه، للإحتفاظ بها كوثائق لأبناء جيله وأجيال لاحقة في الحياة باحثة عن المعرفة والمعلومة والتوثيق وإعداد الدراسات، حَلم الأستاذ إدريس بمركز للوثائق وحققه في الواقع وفق إمكانياته البسيطة وذلك قبل ستين عاما من زمنا هذا"1951م"، في منزله القديم في شارع الأردن بالشيخ عثمان التي سكنها أهل الثقافة والرياضة والفن والحركة الوطنية.

 

مركز حنبلة للتوثيق يعد المركز التوثيقي الأول في اليمن ويظم الكثير من المراجع والكتب والوثائق والملفات، الصور  والدوريات القديمة التي كانت تصدر في أربعينات وخمسينات القرن العشرين، و تحفظ في المركز التسجيلات الهامة والنادرة عن مدينة  عدن خاصة واليمن بصورة عامة، وأوصى الفقيد الأستاذ  إدريس حنبلة قبل وفاته  لعدد من الشخصيات المعروفة والمقربة إليه من كان  يثق بهم لإدارة المركز والعناية والإهتمام به، لمعرفته التامة بهؤلاء الأشخاص وحبهم العميق للأدب والثقافة وتقديرهم للتاريخ.

 

والذكرى الطيبة للأستاذ حنبلة  الذي أحب عدن، ووثق الكثير عنها، كان مركزه  حاضرا في معرض(عدن قبول بالآخر)، الذي أفتتح هذا الأسبوع في إحدى قاعات مجمع "عدن مول "، و نظمه ملتقى الفكر والثقافة الديمقراطية، المعرض متواضع وغني بمدلوله والنماذج المعروضة فيه، صور تاريخية مبدعه عن التنوع الثقافي والحضاري والفكري الذي كان سائدا وزخرت به مدينة عدن.

 

ضم المعرض عدداً من الزوايا مثلت جوانباً مختلفة من الموروث الحضاري والثقافي والرياضي والبيئي لمدينة  عدن، وما تكتنزه كمركز إشعاع مدني في اليمن والجزيرة والخليج في زمن وهجها ولا تزال، ولكن للأسف هناك من ينظر لها كغنيمة فقط ، وعبث فيها وطمس جزء من معالمها التاريخية،  وغير طرازها المعماري القديم ،وعرقل حركتها الثقافية.

 

في وسط المعرض كان الجناح الخاص  لمركز إدرس حنبلة للتوثيق، على الطاولة فرشت العديد من الوثائق والدوريات النادرة والمهمة كمرجع للبحث من زوار المركز الباحثين عن المعلومة والوثيقة كما صدرت حينها، وعلقت صورة للأستاذ إدريس وبجانبها لقطة للفنان أحمد قاسم في إحدى أغانيه عازفا بالعود و بصحبته فرقة الموسيقى التجديدية التي أنشاها ،والأستاذ حنبلة  كان إداريا فيها ، والى جانب هذه الصورتين توجد صورة لقطار سكة الحديد ، الذي بدأ  تنفيذها  في  عدن 1915، ونفذ تشغيلها في1919م وكانت محطة سكة القطار الرئيسية تنطلق من المعلا دكة خلف شرطة المعلا"حاليا" مارا بالطريق المؤدية إلى مدينة خورمكسر، حتى قرب  مدرج مطار عدن الدولي ومرورا إلى  الشيخ عثمان، مواصلا سيره  القطار إلى مناطق دار سعد وبئر ناصر ثم منطقة صبر حتى الخداد بلحج و الحبيلين آخر موقف له ، وقطار عدن  أول قطار دخل الجزيرة العربية.

 

الأستاذ الأديب القاص أحمد السعيد عضو مجلس الأمناء في المركز حدثني قائلا:-" مركز حنبلة تأسس قبل ستين عاما ،و أنشئه  الأستاذ حنبلة  ليقدم خدمات للباحثين  اليمنيين والأجانب وطلاب الدراسات العليا، هو مركز وقفي يقدم خدمات مجانية لزواره، و يوثق تاريخ عدن على مدى 150عاما، ويظم  مجموعة كبيرة من الصحف والمجلات وكتب  بالإضافة لملفات خاصة بالنضال السياسي والنهضة الثقافية في عدن والحياة الاجتماعية والرياضية والفنية، و المركز قائم ويدار بجهود ذاتية ليس له أي موارد مالية ،ولا يمكن الإسثتمار فيه، وأبوابه مفتوحة أمام زواره السبت والثلاثاء.

 

الكبير كبير حيا وميتا، والغنى غنى الروح والفكر وأعظم ثروة ملكها وحافظ عليها الأستاذ إدريس حنبلة  وأوصى لتوريثها لأجيال وراء أجيال الباحثة عن تاريخ مدينة عدن بين طيات الورق الثمين المكنوز في مركزه، أو لجمع مادة قيمة لبحث و دراسة عن هذه المدينة العريقة عدن الرائعة التي تقبل بالأخر، كعنصر متعايش خلاق للجديد وبناء لغد أجمل  وليس هدام وناكر لتاريخها الكبير.

 

ولا أعلم لماذا مراكز أخرى أنشئت  بعده في اليمن، ويوجه لها الدعم السخي؟، ومركز حنبلة يفتقدها!، و علمت سابقا  قدمت بعض المساعدات من قبل جامعة عدن للمركز، وهو بحاجة لدعمه وبالتكنولوجيا الجديدة ، وفتح صفحة للأديب إدريس حنبلة ومركزه التوثيقي على مواقع التواصل الإجتماعي لتعريف الأجيال الجديدة و للحفاظ على إرث كبير من تاريخ مدينة عدن واليمن بين صفحات المراجع في المركز.