آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-11:59ص

"الأيام" مدرسة صحفية

الخميس - 05 مايو 2011 - الساعة 11:48 ص

لبنى الخطيب
بقلم: لبنى الخطيب
- ارشيف الكاتب


لبنى الخطيب

 

 

في الذكرى الثانية  لغياب  صحيفة (الأيام ) عن الساحة الصحفية وهو غياب قسري وممنهج لحجب الحقيقة والنظرة الثاقبة لمجريات الإحداث التي كانت تصير في اليمن ومحافظاتها الجنوبية خصوصا ، لقد وقف قلب الحبر النابض للصحيفة ودوران الآلات في المطبعة الخاصة بها ، في منطقة الرزميت بكريتر – عدن، وكان عددها الأخير    ( 5717 )في  الرابع من مايو 2009م      يوم الاثنين وما حمله من أخبار كثيرة ومنها عناوينها التي نشرت في الصفحة الأولى ( أمن عدن يصادر أكثر من 50 ألف نسخة من «الأيام») ، (اتفاق على سحب القوات من المواقع المستحدثة ورفع المظاهر المسلحة بردفان كافة ) ، (الوزير هلال يطمئن المشايخ والأعيان والقيادات المحلية بردفان بنزع فتيل التوتر وإرساء دعائم الأمن) ، (هود تطالب بلجنة برلمانية لما تتعرض له الصحيفة)(أميركا:الوحدة اليمنية تعتمد على قدرتها على ضمان المساواة بين جميع المواطنين) .

و ياريت من أوصى بإغلاقها  ومحاربة الناشرين  للصحيفة الأستاذين هشام وتمام باشراجيل ، تيقن ودرس كل ما كان ينشر  فيها وليس اعتبار ما نشرته ( الأيام )  من باب الفتنة والتضليل والهدف لتنفيذ أجندة أجنبية "خارجية " ، و كان الأجدر بالسلطة علاج أي حالة أو نقد في وقتها ،لن يجعل الأمور تستفحل كثيرا لما وصلت  إليه الآن  .

 وان اجتهدت وزارة الإعلام والقائمين على الرقابة الصحفية حينها لتدارس كل ما ينشر في الصحيفة  أو بعض  الصحف الأخرى التي تناولت الوضع اليمني بشكل ناقد لأجل التصحيح وليس الهدم . كنا ما وصلنا اليوم لنزول الملايين إلى الشارع ورفع سقف المطالبات  بالرحيل .

.

وما كان يدور في الضالع  وردفان أو يافع في المناطق الجنوبية أو صعدة أو من فساد مالي وإداري عام حل باليمن  ،ومن لديه نظرة ثاقبة للأحداث ومجرياتها ومحنكا سياسيا كان استفاد من كل سطر نادت به (الأيام) و نشرته ،لا أن تحاسب وتعاقب ويغلق دارها كمؤسسة رائدة في عالم الصحافة على المستوى اليمني والجزيرة والخليج ومنذ خمسينات من القرن العشرين الماضي ، وتعد  الأوسع انتشاراً من بين جميع الصحف الأهلية والحزبية في اليمن قبل إغلاقها.

فالعدد الأول من صحيفة الأيام صدر في 7 أغسطس 1958م  برئاسة مؤسسها وصاحب الامتياز المغفور له بإذن الله  الأستاذ محمد علي باشراحيل ،  وهو من أجاد العمل الصحفي واصدر أيضا  صحيفتا (الرقيب بالعربية  والريكورد) باللغة الانجليزية .

 (الأيام مدرسة في الحياة  )، وهذا ينطبق في الواقع أيضا (الأيام ) الصحيفة مدرسة كانت ومازالت للكثيرين من الصحفيين والقراء . كم فتحت أفاق وتطلعات من سطر فيها من أقلام رفيعة أو شابة ترعرعت في كنفها و  وجدت طريقها الضال في الانطلاقة لعالم الصحافة .

رغم اختلاف وجهة  نظر متصفحيها إلا أنها أتاحت فرصة للكثيرين للكتابة فيها ومن مختلف المحافظات اليمنية وأرائهم المختلفة .

غطت بمهنية وهناك من ربما يختلف معي الآن في مهنية (الأيام) وهذا شئ نسبي ومعروف (إن رضا الناس غاية لا تدرك ) ،و من يجدها مهنية يجدها البعض مجافاة للحقائق وعدم الحيادية، ولكن الذي يؤكد كلامي كمية الأعداد التي أصدرتها في اليوم الواحد ، و تأكيدا لكلامي أيضا و أنا هنا لست محامية عن (الأيام) وتاريخها هو المضئ  الذي يدافع عنها، و تحولها من صحيفة أسبوعية إلى يومين في الأسبوع وبعدها صارت إصدار يومي لمدة ستة أيام في الأسبوع وقبل إغلاقها الأخير والتعسفي في 5مايو 2009م كانت تصدر أيام الجمعة ،  وكانت لديها العزم في تقديم خدمة جديدة لقرائها  بإيصال الصحيفة لكل قارئ مشترك فيها إلى منزلة  ،علاوة على كميات الاشتراكات التي حرص عليها قرائها في مؤسسات ومرافق الدولة أو الخاصة .

 ولا يمكن هنا إغفال صحيفة ( الأيام الرياضي ) التي عنت بالرياضة اليمنية والعدنية خاصة ونجومها الذهبيين الذين عرفتهم عدن قبل أكثر من  ستة عقود من الآن ، وبرزوا في ملاعبها التي دخلت كرة القدم حاراتها منذ  قرن ويزيد  ، كما اهتمت (الأيام الرياضي) بالرياضة بأنواعها المختلفة محليا وعربيا ودوليا ، وحدثتني احد القراء من يافع بأنهم يحرصوا على قراءة  أعدادها  كل يوم  ،ومنها أيضا لمعرفة جدول المباريات للدوريات الأوربية ، ولعمل حسابهم بتجهيز المولدات الكهربائية في حال  انقطعت  الكهرباء عن منطقتهم  ولا تفوتهم المباراة   .

(الأيام) الصحيفة كانت وجبة الإفطار  للكثيرين والغذاء والعشاء وحتى السلوى قبل النوم للبعض يتصفحها في تلك الأوقات أو إعادة تصفحها ، وكانت تفضل لدى البعض الأخر  عن فنجان شاي الصباح ولا يحلو للبعض شربه إلا وهو يتصفحها في اليمن أو خارجها عبر موقعها الاليكتروني .

 

والشكر ل ( الأيام ) مني لأنها  زرعت في الثقة بكتابة اللقاءات و المقالات والإخبار، وفي زمن قياسي صرت ومن غير أي غرور والحمد لله اسما معروفا في عالم الصحافة المكتوبة ومن أول عمود نشر لي في صفحتها  الأخيرة حينها ، وخلال عام واحد فقط مشواري مع الصحيفة من أول مايو 2008 م وجدت نفسي اشق طريقي الصحيح  صحفيا ، و وصلت موادي المنشورة لقرائها ، وكم كان ومازال رجع الصدى الإعلامي لما نشرته .

يارب تزول هذه الغمة بسرعة وبسرعة جدا وتعود (الأيام ) إلى الإصدار من جديد بعد هذا الإيقاف التعسفي و القسري ، لأنها وضعت المشرط على الجرح ومنها القضية الجنوبية التي لابد أن تنال حظها العادل في خضم الثورة السلمية الشبابية ، وهناك من سيقول دخلت في هذه الثورة الأحزاب وهم أيضا جزء منها لأنها ثورة شعبية لولادة الفجر الجديد والملئ بالتحدبات   .

(الأيام)  في قلب عشاقها المنتظرين عودتها على أحر من الجمر وتبقى نبضنا ، وان هي  محجوبة مفتوحة لها قلوبنا  والبعض يتصفح أعدادها السابقة .