آخر تحديث :الأربعاء-22 مايو 2024-07:24ص

الجِهادُ بالكهرباءِ

الأحد - 29 مايو 2016 - الساعة 05:52 م

عبدالقوي الشامي
بقلم: عبدالقوي الشامي
- ارشيف الكاتب


الرئيس عبدربه منصورهادي هو جزءٌ من نظامٍ، أحتل الجنوب العام 94م، وكان له الدور الحاسم. ليس فقط في قيادة حملة الإحتلال تلك، وإنما في تسويق شرعية الأحتلال بإنتمائه الجنوبي، وما زال الجنوب يدفع ضريبة ذلك الإنتماء، تمديداً في عمر الإحتلال الزائل لا محالة.
فالنظام المحتل بنسخته المنقحة في فندق الموفمبيك (اليمن الإتحادي) يقوم في جوهره على إخضاع 70% من الأرض الجنوبية لصالح 30% من الارض الشمالية، بهدف كسب أصوات 18 مليون يمني، وإن على حساب 4 ملايين جنوبي أرادوا الأنتماء لهادي وهادي يبدو أكثر ميلاً للإنتماء الى رئاسة: منتج الموفمبيك (اليمن الإتحادي)، مكرراً الجريمة التي إرتكبها البيض عام 90م. فحينها كانت الوحدة نتاج مباشر لتهور الأيدلوجيا واليوم لشبق الحكم.
فغنىٌ عن القول أن موضوع الجهاد بالكهرباء الذي يلهب مدن وقرى الجنوب هذا الصيف، يأتي على هذه القاعد، وما يقوم به إصلاحيو الجنوب في عدن، يمكن فهمه أيضاًعلى هذه القاعدة. فإخوةٌ لهم في سوريا، دمروا محطة كهرباء دمشق، ثأراً لمقتل قائدهم العسكري/ زهران علوش. مما يشير الى أن (الجهاد بالكهرباء) أمرٌ شائع في الوسط السياسي المتأسلم!
فالإصلاح يشعل الحرائق في الشبكة العنقودية وفي شوارع عدن هذه الأيام، والقاعدة تفجر المنشئات الجنوبية على هذه القاعدة، وداعش يقتل الكوادر الجنوبية على هذه القاعدة، وعلى هذه القاعدة يتهددالحوثي ويتوعد الجنوبيين بعد إنكسار زحفة على الجنوب على أيدي (عيال عدن). إذن القاعدة المادية واحدة والهدف الإسترايجي مشترك: إعاقة الدولة الجنوبية.
أما الأخطر في هذا الإطار فكان: قرار تعيين أعتى أعداء الهوية الجنوبية: الجنرال/ علي محسن الأحمر، نائباً لرئيس الجمهورية، (على نفسها جنت براقش). فإذا ما تركنا الوشائج العسكرية الوثقى التي ربطت الجنرالين: بن منصور وبن لحمر، في حرب الإحتلال الأولى، تحت قيادة المخلوع صالح. إذا ما تركناها، لتناول الشطر الثاني من قرار الرئيس هادي، والذي قضى بتعيين رئيس وزراء أثبت جدارة في (التخديم) في بلاط الرئيس، هو الدكتور/ أحمد عبيد بن دغر.
فالرجل تألق برفقة المخلوع في كل محفل وهو يهدد ويتوعد، يقدح ويذم الجنوبيين، وفي الذروة كانت (التفلة). وكان كلما توغل المخلوع في بذئاته جنوباً كلما إتسعت إبتسامة (بن دغر) وبلغ الرجل قمة النشوة وهو يستمع الى تهديدات المعتوه صالح: بتسفير الجنوبيين الى جيبوتي عبر طريق لا ثاني له هو البحر الأحمر!!
لست أدري إن كان بن دغر، في غمرة التهليل والتصفيق لهلوسات رئيسة المعتوه، قد نسي أو تناسى أنه هو شخصياً كان أحد الهاربين الى جيبوتي العام 94م. على أي نحوٍ كان، فماذا نتوقع من رجل يضحك سخرية من نفسة...؟ وهنا يكمن الفارق بين رجلِ دولة بقيمة بحاح، نادد رئيسه، ورجلٍ يسخر من نفسه، إرضاءً لرئيسه.
الفارق هنا كان مهماً ومغرياً لهادي الضعيف الذي يبحث عن معاون أضعف يخلصة من (تمرد) بحاح القوي، الذي إستعصى على مدير قصره في المعاشيق. فأكثر ما يميز (بن دغر) هي إنتهازيته الواضحة والمعززة بقرون إستشعار الكفة الراجحة في ميزان القوى في حالة الصراع...في البدء كان سكرتيراً عاماً لإتحاد فلاحي محافظة حضرموت بداية ثمانينات القرن الماضي، ثم سكرتيراً عاماً لإتحاد فلاحي اليمن الديمقراطي بعد أحداث13 يناير المؤسفة. الأمر الذي أوصله الى عضوية اللجنة المركزية للإشتراكي (أعلى هيئة حاكمة يومها) وفي الآن هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى (البرلمان الجنوبي) حتى قيام الوحدة. ومن ثم دخولة أول برلمان وحدوي من ذات البوابة.
وكانت القفزة المفصلية في حياة الرجل من الهيئة القيادية للإشتراكي الى الهيئة القيادية للمؤتمر الشعبي. وبالتالي تمترسة في جيب المخلوع خلال ما عرف بثورة (11 فبراير) ولأنه محل ثقة المخلوع فقد أختاره لعضوية اللجنة المصغرة التي قسمت الجنوب الى إقليمين.
وغنيٌ عن القول أن عقدة الرئيس من النائب، تعود الى الفترة التي كان فيها الرئيس نائباً غائباً للرئيس. فقد كانت تأتيه التوجيهات من الأنسي مدير مكتب المخلوع. ولما فشل في إستنساخ تجربته كنائب، ثمة توجس ورعب تولدا لديه فقرر التخلص من كاريزما النائب خالد بحاح: كفاءة علمية وإدارية، تُرجمتْ في حضورٍ سياسيٍ وإعلاميٍ، خلال فترة وجيزة أثمرت مكانة إقليمية ودولية، أستشعرها هادي خطراً على كرسيه. فقرر كبح ما تصوره جماح بحاح.
وهذا ما يفسر إطلاق العنان للنزوات الشخصية لإبن شقيقته، الدكتور مارم، بعد إن عينه مديراً لمكتبه، وأراد له أن يكون نسخة (الأنسي) المكررة. وأراد لأراءه أن تكون حاكمة على الجميع، بما فيهم نائب رئيس الجمهورية. إذ بلغت شطحات رجل المعاشيق المدلل قمتها بإحتجاز وزير الداخلية/ حسين محمد عرب، وقائد المنطقة العسكرية أحمد سيف المآرمي، في قصر المعاشيق لأكثر من 72 ساعة، لعدم تجاوبهما مع رغباته. وكانت سابقه لم نألفها من السابقين ولا أعتقد أننا سنشهدها عند اللاحقين.. ولولا تدخل دولة الإمارة على الخط ووضع حد لمثل تلك الإنتهاكات الجسيمة لأخذت الأمور منحاً آخر.
ختاماً لا بد من الإشارة الى أن بن هادي وبن لحمر وبن دغر يجاهدون بالديزل والمازوت لإركاع الإرادة الجنوبية. ثلاثي يعول على قوة حاجة المواطن الجنوبي، لشربة ماء ونسمة هواء باردتين في صيف عدن الغائط ، محاولة يائسة بائسة لإستعادة دولة الوحدة، دولة الخلافة الـ(الإصلا – صالحية) الى أرض الجنوب من خلال أسلاك الكهرباء.