آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:24م

بريمر وشهادته على العصر!

الأحد - 10 يناير 2016 - الساعة 10:38 م

حيدره محمد
بقلم: حيدره محمد
- ارشيف الكاتب


عقب احتلال العراق وسقوط بغداد في التاسع عشر من مارس من العام 2003م لم يكن يحلم بول بريمر في اروع احلامه حضآ بأنه سيكون رجل العراق الاول وعراب سياسته وسياسييه الاوحد! إلا فور اختياره من إدارة البيت الابيض بقرار رئاسي من بوش الابن وكبار مستشاريه، حينها كان قاده العراق الجدد فاتحي بغداد قد شكلوا اول مجلس حكم انتقالي شكلي! طور التأسيس! وبدأ ان هناك تقاطع للمصالح وتباين للمواقف وصدام غايات بلغ طور الانشقاق الذي لارجعه عنه .ليأتي الحاكم بريمر ليعيد لذاكرة العراقيين  ما كان سائد قبل خمسون عامآ من لحظه وصوله بغداد حاكمآ فعليآ عندما كانت بغداد ثكنة عسكرية بريطانية إبان الاحتلال البريطاني للعراق والمندوب السامي الآمر الناهي فيها ولا فرق  حين غدا بريمر حاكمآ في تشابهه الليلة الأمريكية! بالبارحة الإنكليزية!! فبريطانيا كان لها نصيب الاسد في غزو العراق وبلير احد مشرعي أكذوبة اسلحة الدمار الشامل التي لولاها لم يكن ليغدو بريمر حاكمآ عسكريآ للعراق الجديد ..إلا ان قاده العراق الجدد فاتحي بغداد لم يتحدوا من اجل بناء عراق ديمقراطي جديد! بعد ربع قرن من معارضتهم لنظام صدام حسين في بلاد العم سام! وبدت سمة الفرقاء الطائفية السياسية! سيدة المشهد الغاتم بضبابيه الصراع الطائفي السياسي فالجلبي والصدر والمالكي والهاشمي والحكيم  وباقي ابرز سياسيي العراق فشلوا! إذ يبدو ان ابجديات عبقريتهم السياسية كانت عاجزة امام نظرية بوش الفوضى الخلاقة! بمصادقه السود في ادارته رآيس وكولن بآول! التي منحها العراق والعراقيين لتصبح شماعه تعلق عليها كل الويلات والانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بحق العراق فتره الوجود الامريكي بعد الغزو.

 

وبعد ان عاد بريمر من العراق كتب شهادته التي جاءت في صياغ مذكراته في جوانب عديده لتجربته في العراق، وتحدث كيف صعق مذهولآ عندما رأى محطات توليد الكهرباء النووية مدمره أثر القصف المدمر لها وكيف ان بغداد كانت غارقه في الظلام بسبب انعدام توليد الكهرباء في بلد رائد في توليد الطاقة كالعراق! وتحدث مطولآ عن حجم الدمار الكبير للبنى التحتية الخدمية  والصناعية والتجارية والأجهزة الأمنية من مباني الوزارات الحكومية والمستشفيات والجامعات والمصانع ومقار الامن والجيش بعد ان اصبح مئات الالاف مسرحون عاطلون عن العمل وصولآ لرغيف الخبز ومياه الشرب إذ اصبح العراقيون يعانون ازمات لم تكن يومآ محل اهتمام في ضل وجود الدولة والنظام السياسي الذي اضحى إثرآ بعد عين! لافتآ الى الضحايا الذين قضوا جراء الحرب والاف المصابين بإعاقات مزمنة وضحايا  استخدام اسلحة كيمائية والتي اعترفت بها حكومته لاحقآ بعد احتلال العراق، وعرج بريمر في شهادته ان العراق كان يعيش حاله من الفوضى العارمة التي اجتاحت البلاد من اقتتال طائفي بالهوية وتفشي الجريمة والفساد الاداري لأجهزة الدولة المهترئة من اختلاس للمال العام وتبييض للأموال وتجارة المخدرات وتهريب الأسلحة وسرقة البنوك والمصارف بعمليات السطو المسلح في وضح النهار، إلا انه لم يتحدث عن دور الجيش الامريكي وقوات التحالف والتي وبشهادته احالت العراق الى كومة من الخراب والدمار؟ وكأن بريمر يدعنا لحاله من التحفز المستفز للإجابة بدلا عنه؟ إذ ان الإجابة لا تحتاج لتفكير طويل او انتظار اثبات تحليل شاق ومضني؟ وبداعي قرابه شأن العراقيين بشهاده بريمر! سيجيب اي مواطن عراقي بسيط السيد بريمر بأن امريكا هي من دمرت العراق عن بكره ابيه! بل ان اي عربي سيثيره تحفيز بريمر المستفز ليردفها مدويه في غضب امريكا من دمر العراق؟!

 

إلا ان ما اصاب الحقيقة الى حد كبير في شهادة بريمر انصافه عندما تحدث باغتضاب وازدراء لساسة العراق الجدد حين جمعه بهم اول اجتماع حيث قال بريمر كنت خائفا وقلقا ومتوترا وأتسأل  بماذا سأبرر الدمار  والخراب الذي  لحق بالعراق بسبب غزو  بلادنا! وفور بدء  الاجتماع  كان اول ما طالب به  الساسة  نقل امتعاضهم وانزعاجهم لإدارة البيت الابيض من تأخر صرف العائدات المالية المخصصة لهم! عندها فقط تنفست الصعداء واخرجت علبة الدخان واشعلت سيجارة! بعد ان ايقنت ان الامور تسير على خير ما يرام!!