آخر تحديث :السبت-21 سبتمبر 2024-10:38م

عشق المكان (الحلقة الثانية)

الخميس - 29 أكتوبر 2015 - الساعة 08:16 م
همام عبدالرحمن باعباد

بقلم: همام عبدالرحمن باعباد
- ارشيف الكاتب


المكلا.. قيل أنَّ من معانيها: المرفأ أو الخليج الهادئ، غير أني رأيت أنها أكبر من ذلك، أكبر من أن تقصر أن تكون مرفأ أو خليج أو ميناء حتى رغم إنَّ من أسمائها (الخيصة)، إنها المكان والإنسان والأصالة والتاريخ والحضارة، هي من ألهبت قرائح الشعراء وفتقت أذهان الأدباء وكتب عنها الزوار في مذكراتهم، وهي من آوت الشريد وأطعمت المسكين وآنست الغريب.. نعم إنها البلدة التي سميت (بندر يعقوب)، وصارت حاضرة حضرموت في مراحل متعددة من التاريخ ودول مختلفة وحكومات شتى، حضرموت التي كانت بها سلطنتين بل وثلاث سلطنات في يوم من الأيام كانت المكلا عاصمة لإحداها، وقبلها عاصمة لسلطنة الكسادي التي أتت السلطنة القعيطية على أنقاضها، ثم صارت عاصمة المحافظة الخامسة بعد أن قامت حكومة الرفاق بتسمية محافظات الجنوب العربي بالأرقام في سابقة لربما تكون الأولى على مستوى العالم والتي ربما تكون أتت بتقليعة لأحد (المناضلين) المستفيدين من تعاليم المدرسة الاشتراكية بجناحيها الروسي (جناح موسكو) والصيني (جناح بكين)، ثم عاصمة لمحافظة حضرموت أكبر محافظات الجمهورية التي أعقبت دمج الدولتين في إطار جمهورية جديدة سميت (الجمهورية اليمنية)، وعادت لتتصدر المشهد من جديد ليأتي مقترح أن تكون عاصمة للإقليم الشرقي الذي يأتي في الشكل الجديد للدولة. 

المكلا.. قال عنها ابنها الشاعر/ خالد محمد بن عبدالعزيز: بعد المكلا شاق، وأخذت انقب عن أبيات هذه الرائعة كاملة، فوجدتها ثم تأملتها فوجدت أنها قد عبرت عن مكنونات قلب ذاق ويلات البين ومرارة الفراق ببعده عن محبوبته التي حزن عندما رأى الوضع الجديد المقبلة عليه والذي يجب أن ينتقد حتى ولو بطريقة غير مباشرة عندما يكون الصمت من ذهب والكلام يؤدي إلى غياهب السجون في أفضل الأحوال، إنها المكلا.. البلدة التي ذاب في سكانها عشقًا وانتشى في حبهم سُكْرًا كما قال في هذه الرائعة: (من حبهم قط ما با فوق)، وتعلق قلبه بها على معلاق، وصمم على العودة إليها حتى لو كان ذلك على متن قارب مخزوق كما يقول: (يا النوخذة با معاكم** حتى على صنبوق مشعوق).

المكلا.. التي قلت عنها ذات يوم بلسان المغادر: إنه ليشق علينا فراقك يا مكلانا الحبيبة لكن هكذا مثلما يأتي اللقاء يحين الفراق ولكن تبقى الذكريات (ناقوسًا يدق في عالم النسيان) يذكر بما مرَّ وحدث، ولكنك ظللتِ و تظلينَ و ستظلين خفاقة في سماء الألف و التميز و السمو رافعة شعار "بعد المكلا شاق" ، ولن يستطع أي شخص ارتمى في أحضانك الدافئة وعاش في أفيائك البهية إلا أن يحمل جزيل الشكر والتقدير والعرفان ، ولا يصنع ذلك إلا من يعلم تقدير الأشياء وإعطاء الأمور المكانة اللائقة بها ..