آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:36ص

القضية الجنوبية بين الحاضر والماضي والمستقبل وتوهان القيادة

الإثنين - 09 يونيو 2014 - الساعة 08:34 م

حسن العجيلي
بقلم: حسن العجيلي
- ارشيف الكاتب


اذا كانت القضية الجنوبية قد قطعت شوط طويل سياسيا وثقافيا واجتماعيا شعبيا وجماهيريا سلميا من خلال حراكها السلمي ووصل زخم ذلك الشوط  العظيم الى دهاليز المنظمات الدولية واروقة الامم المتحدة ومجلس الامن ذلك الدور الذي اعطى للعالم دروسا وملاحظات في كيف يتعامل مع اصحاب الحقوق المشروعة وان كان هناك لهذا العالم موقف لا يتسم بالمصداقية مع كثير من قضايا الشعوب العربية و الاسلامية و اولها القضية الجنوبية وليس هذا فقط بل اعطاء نفسه حق التدخل الغاشم والسافر في شئون هذه الدول التي تعاني من الفقر والمرض والجهل ومنها دولا كثيرة تعاني حتى اليوم من هذا التدخل في شئونها الداخلية تحت شعار الفوضى الخلاقة والربيع العربي والبحث عن السياسيين المعتدلين (العملاء) والشعب في الجنوب عندما قرر استعادة دولته .

لم يأتي هذا القرار من فراغ ولم يكن قرارا عشوائيا وليس قرارا جديدا مع توجهاته الجنوب لا يزال دولة ذات سيادة كاملة و اعلامه ترفرف على سارية الامم المتحدة وكل المنظمات العالمية وله علاقاته السياسية والدبلوماسية مع العالم كله وكان عضو بارز في المحافل الدولية وله صوته في الجمعية العامة للأمم المتحدة والجنوب رقم صعب في المعادلة الدولية من حيث موقعه الاستراتيجي في العالم والمنطقة بكاملها..

نعم لقد دخلت قيادته الوحدة دون الرجوع الى الشعب او اخذ رأيه في مشروع كان يحتاج الى مشروعية جديدة او تفويض من هذا الشعب وبرغم هذا التجاوز الخطير الذي هو كان غير مدروس سياسيا واقتصاديا وامنيا وعسكريا  والذي لم ترفضه الجماهير في الجنوب الا انها سارت هذه الجماهير الجنوبية خلف القيادة السياسة الجنوبية حينها ولم يعمل الشعب في الجنوب على عرقلة او ابهات هذا المشروع الذي كان يتطلع اليه كل ابناء اليمن في الجنوب وفي الشمال وهو يملك حق الرفض خاصة بعد سقوط مظلة الحماية الروسية .

واستمرت القافلة في السير نحو الهدف الذي ارتسم في عقول وقلوب ووجدان كل ابناء الجنوب  منذ فجر ثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيدة 1963م  واذا عدنا الى اخطاء الماضي قد تجرنا الى متاهات لا اول لها ولا اخر مع ان الكل من ابناء الجنوب عايشوا الاحداث بكافة مأسيها  وآلامها وأحداثها المدوية التي مرت من امام اعينهم ووصلت رياحها الى كل بيت جنوبي الذي قدم الشهداء مرغما في احداث لا له فيها ناقة ولا جمل .

حيث  ترسخت هذه الاحداث في اذهان من  فقدوا عزيزا و شهيد ورغم هذا كله واكبوا المسيرة ووضعوا في حساباتهم ان مصلحة الوطن فوق كل المصالح الخاصة والعامة من اجل ان يتوحد الوطن و الانسان اليمني شمالا وجنوبا لكنهم وجدوا انفسهم محاطين بسياج متين يحيط بهم من كل الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية من قبل قوى متمترسة  خلف اهداف ذات ابعاد خبيثة مصابه بداء عظمة قياداتهم اولا التي لم تألوا بالا او جهدا او تستوعب دروس ماضي المراحل الصعبة التي مربها الوطن الجنوبي ولا الاحداث الجسام وهم من شاركوا وساهموا في صنعها ابان الصراع الطبقي المصالحي الفئوي تحت مظلة التطرف الايدلوجي اليساري الشيوعي حتى وبعد سقوط الغطاء(الدب الروسي) لم يدركوا ولم يراجعوا حساباتهم وهم في الداخل الجنوبي وحتى  بعد نزوحهم القصري ظلوا يمارسوا ادوار بنفس النمط والأساليب الملتوية .

اليوم وقد حصلت كثير من المتغيرات السياسية والأمنية والعسكرية في الوطن اليمني شمالا وجنوبا وكانت اتفاقية الوحدة من اهم هذه المتغيرات التي لم تحقق للجنوب ابسط الحقوق والواجبات بموجب حق الشراكة السياسية في كل مناحي الحياة الثقافية والاجتماعية و بموجب الاتفاق الذي تنص عليه اتفاقية الوحدة بين الجنوب والشمال لكن ما حدث عكس ذلك اقصاء و تهميش وطمس للهوية ونهب للثروات واحتلال الارض وقهر الانسان الجنوبي بكافة شرائحه وفئاته العمرية وليس هذا فقط بل عملوا على زعزعة امنه واستقراره ونشروا فيه كل اساليب الرعب والخوف ومارسوا سياسة القتل لكوادر الجنوب العسكرية والأمنية وفرخوا الاحزاب الوهمية ووضعوا الجنوب بكل مساحاته وارضة محمية لفسادهم وارها بهم ونشاطاتهم العدوانية .

لقد اوصلوا كل المحافظات الجنوبية الى حافة الفقر و الانهيار و قضوا على كل المقومات ومقدرات البنية التحتية واحيوا القبيلة والجريمة المنظمة وزرعوا في اوساط المجتمع الجنوبي روح الفرقة والكره والحقد لبعضهم البعض تحت شعار فرق تسد وهنا الشواهد كثيرة ومنها سيطرتهم المباشرة وغير المباشرة على كثير من فصائل وقيادات في الحراك الجنوبي السلمي ووضعوا كل الامكانات المادية و اللوجستية من اجل افساد القيادات الجنوبية في الداخل والخارج على ان تصنع الخلافات في رفع سقوف المطالب التعجيزية في حالة فتح حوار في اتجاه القضية الجنوبية داخلي او خارجي و الايحاء الى العالم بأنه هناك خلافات سياسية ولا يوجد توافق بين القيادات الجنوبية على الاهداف والمطالب الموحدة التي تصب في صالح القضية الجنوبية كانت داخلية او خارجية وهذا ماه و حاصل فعلا في الساحة الجنوبية .

هناك من يفاوض السلطة في صنعاء وهناك من يتحرك وفق محاور سياسية معينه وهناك من يرفض السير و اصبحت القضية الجنوبية شبيهه بالقضية الفلسطينية قطر لديها جزء وايران  فصيل  والسعودية لديها كثير من المرتهنين كانوا في الداخل او الخارج و اصبحت المصالح المشتركة بين القيادات هي سيدة الموقف والشعب في الجنوب لم يدرك حتى اللحظة اين تكمن مصالحه كل يوم يرفع صورة لزعيم والمليونيات التي اضحت لا تغني ولا تشبع من جوع واصبح الماضي يشبه الحاضر ولا جديد في الافق يبشر بخير..

الجنوب سيظل معلق حتى تقوم الساعة دون حلول لقضيته المتأزمة اخلاقيا وسياسيا وامنيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وقياديا والحاضر يشبه الماضي كما قد اشرنا ولا بديل لهذا الركود المتعمد الا برجال يقومون من داخل الساحات بالتغيير الجذري العام لكل ما هو حاصل على الساحة ويقودون العمل الوطني الحقيقي الذي يتجاوز كل هؤلاء الذين يرفعون شعار التحرير والاستقلال دون أي جدوى على ارض الواقع الشباب يتساقطون يوميا والدماء تسيل على كل ارض الجنوب مع كل لحظة وفي كل وقت والقيادات الجنوبية  تلعب شد الحبل منهم في بيروت ومنهم في القاهرة والبقية يعيشون في نعمة رغيدة على اراضي الشقيقة الكبرى السعودية لقد حان الوقت لشعب الجنوب ان يقول الحقيقة لنفسه اولا ومن ثم اتخاذ القرار المناسب والعمل على  كشف اصحاب الاجندات و الاوراق المختلطة والمخترقة للحراك الجنوبي الحقيقي الذي  يطالب بعودة الدولة الجنوبية كاملة السيادة على كل الارض الجنوبية من اجل المستقبل  والله يوفق الجميع الى ما يحبه ويرضاه ولا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم صدق الله العظيم ...