آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-07:45م

المهدي من المغرب

السبت - 10 مايو 2014 - الساعة 12:58 م

مشاري الذايدي
بقلم: مشاري الذايدي
- ارشيف الكاتب


حينما يريد فصيل معين، في زماننا، زمان «الفتن» هذا، كسب الجنود والأنصار إلى معركة فإنه لا بد لاجئ لذريعة المقدس. ومن ذلك الارتباط بمكان يعتقد فيه القداسة.

من ذلك كما أتذكر أنه في اليمن أراد فصيل إرهابي مسلح أن يعمل تحت اسم «جيش عدن أبين» استنادا لنص نبوي منسوب ذكر فيه هذا الموضع بخير، بصرف النظر عن صحة ثبوته، وبصرف النظر عن دقة فهمه وتأويله.

جماعة جيش عدن أبين تلاشت الآن تحت راية «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» بإمرة الوحيشي وغيره، ولا ندري هل اقتنع رواد جيش عدن أبين ببطلان دعواهم الاسمية.

في سيناء مصر، تنشط جماعة إرهابية أخرى تقاتل الاستقرار والأمن والمصريين كلهم، تحت اسم «جماعة أنصار بيت المقدس» تمحكا بوهج المدينة الموقرة عند المسلمين. ومن المؤكد أن بيت المقدس والمقدسيين لن يسرهم أن يستولي على اسمهم هؤلاء القتلة الجفاة.

في تاريخنا كان لتقديس المكان أو تدنيسه أثر في الدعايات والدعايات المضادة، مثلما حصل من تراشق أدبي نصي بين العراق والشام، وبين خراسان، أصحاب الرايات السود، وبين بلاد الشام.

لدينا جبل رضوى في شمال غربي الجزيرة العربية وهو جبل قدسه فريق الشيعة الكيسانية لاعتقادهم بأن مهديهم المنتظر، ابن الحنفية، مغيب فيه تحرسه السباع وهو «برضوى عنده عسل وماء»، كما قال شاعرهم.

سامراء في العراق لها مكانتها الخاصة أيضا على اعتبار الرواية الأشهر داخل الأدبيات الشيعية تقول باختفاء صاحب الزمان في سردابها.

بكل حال، وعلى ذكر أماكن تخفي المهدي الموعود فقد قرأت خبرا ظريفا، من المغرب هذه المرة عن سياسي «إسلامي» مغربي اسمه «حمزة الكتاني»، وهو كما جاء في تعريفه في بعض المصادر الإخبارية، باحث في الدراسات الإسلامية، وقيادي بحزب النهضة والفضيلة الإسلامي، وهو حزب معارض انشق عن حزب العدالة والتنمية.

خلاصة التعليق هو أن مدينة «تامسنا» المغربية هي مكان ظهور المهدي المنتظر، وهذا التعليق أثار حنق المعارضين للكتاني، ومما قالوه تصور أنك تمثل المغرب بجامعة أكسفورد! ما حدا بالسياسي الإسلامي الكتاني للرد بالقول: «جامعة أكسفورد وغيرها من كبار جامعات الدنيا يدرسون هذه امور بعمق كبير، وهناك كتب كثيرة لهم حول نهاية العالم، بل ويبنون على ذلك سياسات».

وشدد على أنه لم يقل بقرب ظهور المهدي المنتظر، بل أراد لفت الانتباه لمشكلة إهمال التراث الحديثي للمغاربة، بحيث ضاعت جل، أو جميع أصولهم المسندة، فأردت استفزاز القارئ بموضوع تامسنا، لنقل الإمام القرطبي، رحمه الله، في كتابه «التذكرة في أمور الآخرة» إنه ينشأ فيها.

الرجل لم يحسم رأيه بأن المهدي سيظهر بالمغرب، بل أراد فقط لفت انتباهنا للمغرب ونصيبه من ثروة الأماكن المقدسة.

دققوا بأسماء الجماعات التي تظهر كل يوم، فهي منشدة بحبل متين في آبار التاريخ السحيقة؛ حبل ما زال مفتولا برقبة اليوم.