آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:14م

من هنا وهناك


قل أحبك بالأذن اليسرى لمن تحب! هل تعرف لماذا؟

الثلاثاء - 04 فبراير 2014 - 09:29 م بتوقيت عدن

قل أحبك بالأذن اليسرى لمن تحب! هل تعرف لماذا؟
قل أحبك بالأذن اليسرى لمن تحب!

((عدن الغد)) متابعات

تعلمنا أن نفرك أذن الطفل إذا ارتكب خطأ، ولكن هل سألنا أنفسنا يوما: ما أهمية الأذن التي نفركها؟ وهل ما نفعله خطأ أم صوابا؟ لو تأملنا في كل الحواس مثل (اللمس والبصر والشم والتذوق والسمع) لاكتشفنا أن كل الحواس يمكننا تعطيلها إلا حاسة «السمع»، فهي الحاسة الوحيدة التي لا يمكننا اغلاقها تماما، حتى ولو وضعنا أصابعنا فيها كما كان يفعل قوم نوح عليه السلام لكي لا يسمعوا الحق ومع ذلك كانوا يسمعونه، ولعل في ذلك حكمة ربانية لهذه الحاسة.

كما أن الأذن هي الحاسة الوحيدة التي تعمل وقت نومنا، والنائم لو رششنا عليه عطرا أو لمسناه أو وقفنا بقربه ربما يستيقظ من نومه أو لا، بينما لو ناديناه بصوت عال فإنه سيقفز من فراشه، لأن السمع هي الحاسة الوحيدة التي تعمل طوال الوقت كما أن السمع هي أول حاسة يسمع بها الطفل عند ولادته وآخر حاسة تتوقف بعد وفاته، فالميت يسمع طرق نعال من يحمله للقبر في وقت تكون كل حواسه معطلة.


ولعل من المفيد تربويا ما ثبت علميا من أن «الأذن اليسرى» تسمع العواطف والمشاعر أكثر من «الأذن اليمنى»، بينما تسمع وتتفاعل اليمنى مع التعليمات والأوامر أكثر، ولهذا إذا أردنا أن نسر لأحبابنا أو لأبنائنا بكلمات الحب فنتحدث معهم بالأذن اليسرى، وإذا أردنا أن نعطي أمرا أو توجيها تربويا فلنحرص على أن نكون قريبين من الأذن اليمنى، ومن يتأمل الآيات القرآنية يجد أنها قدمت السمع على البصر كقوله تعالى (صم بكم عمي فهم لا يعقلون) وذلك لما للسمع أهمية أكثر من البصر.


فالسمع هو بوابة المعاني والتأثير، ولهذا قال ابن القيم: «فالسماع أصل العقل وأساسه ورائده وجليسه ووزيره»، فلو استثمرناه بالتعامل الجيد فإن النتائج قطعا ستكون مختلفة، فنستمع لأبنائنا إذا تحدثوا وننصت لهم ولا نقاطعهم، وكذلك نتحدث إليهم ونحاورهم حتى نصل إلى نتيجة، وهذا ما نفتقده اليوم بعد انتشار الأجهزة النقالة وكثرة انشغال الوالدين فصار الحديث والاستماع في البيت نادرا، حتى قال لي أكثر من شاب وفتاة: «إن والدي يحب أن يتكلم ولا يحب أن يسمعني»، وقالت أخرى: «إن والدتي تحب أن تتكلم وإذا بدأت بالكلام قاطعتني»، وقال ثالث: «والدي لا يكلمني ولا يسمعني ودائما هو مشغول»، فنحن لا نكتفي بأن نفرك الأذن، بل لا نحسن التعامل معها، فكثيرا ما نتهم أبناءنا بأنهم لا يسمعون كلامنا، ولو دققنا أكثر لوجدنا الخطأ في طريقة حديثنا معهم، أو في طريقة التعامل مع آذانهم،


وكان ولد مراهق لا يسمع كلام والده أبدا ولا ينفذ كلامه، فجلس معه مرة وسأله لماذا لا تنفذ كلامي؟ وتحدث معه بهدوء ونظر إليه نظرة حب، فلما فعل ذلك قال له ولده: يا أبت لو كنت تتحدث معي كل مرة بمثل هذا الأسلوب من الاحترام والمودة لاستجبت لك.


ومن القصص الجميلة عن الأذن في السيرة النبوية ما حصل مع الغلام عمير بن سعد عندما سمع من عمه الجلاس استهزاء بالنبي الكريم فذهب للنبي وأخبره، فنادى النبي الجلاس وواجهه بما قال فأنكر ما ذكره الغلام واتهمه بالكذب وصار الغلام محرجا أمام النبي والصحابة، وفي هذه الأثناء أوحى الله لنبيه (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم) الى قوله تعالى (فإن يتوبوا يك خيرا لهم) فارتعد الجلاس وقال تبت إلى الله، وفرح الغلام بشهادة الله له ومدح نبينا أذن الغلام وقال له «وفت أذنك يا غلام ما سمعت) ويمكن للقارئ الرجوع لتفاصيل القصة فهي جميلة ومؤثرة، ونستفيد منها مدح أطفالنا وأبنائنا، وخاصة مدح آذانهم.


والآن نقول للقارئ اذهب واهمس في الأذن اليسرى لمن تحب، وقل له: إني أحبك، ولاحظ الفرق.