آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-06:18ص

حوارات


حوار - مخرج مسلسل فرصة اخيرة : أردنا أن نخوض تحديا من خلال عمل درامي جاد والمعمل يرمز لـ كياننا الضائع في هذا البلد

الجمعة - 30 أغسطس 2013 - 06:35 م بتوقيت عدن

حوار - مخرج مسلسل فرصة اخيرة  : أردنا أن نخوض  تحديا من خلال عمل درامي جاد والمعمل يرمز لـ كياننا الضائع في هذا البلد
تمكن المخرج الشاب عمر جمال من احداث نقلة نوعية في مجال الدراما المحلية بعدن بعد سنوات من التهميش الذي نال هذا الفن في الجنوب

عدن (عدن الغد)خاص:

تمكن مسلسل "فرصة أخيرة" الذي شارك فيه عدد بارز من ابرز الممثلين على الساحة الفنية في عدن مؤخرا عودة قوية وجيدة للدراما الفنية التي غابت منذ اعوام وتحديدا بمدينة عدن التي كانت رائدة في هذا المجال .

حقق مسلسل "فرصة اخيرة" نسبة مشاهدة عالية ووصف بأنه افضل المسلسلات اليمنية التي انتجت على الإطلاق في العام 2013 .

(اليوم الأول)  الصادرة عن مؤسسة "عدن الغد" التقت مخرج المسلسل الشاب "عمر جمال" وخرجت بهذا الحوار :

 

التقاه / عبدالله الكثيري

 

* في البدء أرحب بك (المخرج عمرو جمال) ولو تعطينا نبذة بسيطة عن سيرتك؟

- عمرو جمال.. خريج هندسة (تكنولوجيا معلومات)، مخرج ومؤلف  هاوٍ.

 

* حدثنا عن بدايتك في الإخراج .. وعن بداية أول عمل لك كانطلاقة؟

- البداية كانت من المسرح المدرسي عن طريق مدير ثانوية لطفي جعفر أمان سابقا الأستاذ الرائع عمر السيد الذي طلب مني تجهيز مسرحية للمشاركة في مهرجان المسرح المدرسي لدرايته المسبقة بحبي لكتابة القصة القصيرة، وبالفعل استهوتني الفكرة، ونجحت المسرحية وحازت المركز الأول على مستوى الجمهورية في كتابة النص المسرحي، ومن هنا كانت الانطلاقة، لكن الانطلاقة الرسمية كانت عام 2005 عند تأسيس فرقة خليج عدن المسرحية حينها قمت بتأليف وإخراج مسرحية (عائلة دوت كوم) التي نالت شهرة معقولة في وقتها.

 

* في رمضان 2012 اطلقت عمل تحت عنوان (حافة الأنس) كنموذج للنسيج الاجتماعي (العدني)، وما يحدث فيها من أحداث وعادات مختلفة، وقد لقي العمل نجاحا ملموسا ونسبة مشاهدة كبيرة حدثنا عن هذا العمل؟

- حافة الأنس هو نمط مختلف من الأعمال، أطلقنا عليه "مسلسل مسرحي"، وهو عمل أقرب إلى نمط مسلسلات (الست كوم) التي تصور في أماكن مغلقة، ولكننا قدمناه على خشبة المسرح، وتعمدنا إظهار خشبة المسرح حتى ينتقل إحساس المسرح للمشاهد..  أهم ما قدمناه في (حافة الأنس)، هو التوثيق للنسيج الاجتماعي في مدينة عدن والعادات والتقاليد والأمثلة الشعبية  ..  وكانت فرصة جميلة أن نثري المكتبة المحلية بـ(30) مسرحية قصيرة دفعة واحدة، من أبرز الإيجابيات في (حافة الأنس) هو اكتشاف 8 كُتاب جدد من خلال ورشة عمل للكتابة أقامتها فرقة خليج عدن، وهذه إضافة جديدة للساحة الفنية، كما كانت مشاركة الفنانة الكبيرة أمل كعدل لنا في غناء مقدمة العمل إضافة رائعة .. وأعتقد أننا اجتهدنا في إبراز (30) قضية سلبية في مجتمعنا، وكان هدف العمل هو التركيز على التوعية ونرجو أن تكون الرسالة وصلت من خلال العمل.

 

* في هذا الموسم أو هذا العام أطلقت مسلسل (فرصة أخيرة) من أين جاءت فكرة هذا المسلسل؟

- أردنا أن نخوض  تحديا من خلال عمل درامي جاد، خصوصا أنه كانت هناك قناعة راسخة طوال السنوات الماضية أن الجمهور لا يريد أن يتابع في رمضان سوى الأعمال الكوميدية، قررنا المخاطرة وكان مسلسل (فرصة أخيرة) هو نتيجة المخاطرة.

 

* هل جاءت فكرتها من رحم المعاناة الذي تشهدها الساحة الجنوبية، وتحديدا (العدنية) أي في منطقة عدن تحديدا والجنوب بشكل عام أم أن هذا العمل هو كمدخل سياسي جديد يريد أن يظهره عمرو في تقديمه لمثل هكذا أعمال؟

- السياسة والفن وجهان لعملة واحدة، وأي عمل فني هو انعكاس للواقع ومعاناة المجتمع دون شك، والواقع السياسي المعاش في أية مرحلة يعكس نفسه بالضرورة على الفن المقدم في المرحلة نفسها.

 

* العمل لاقى نسبة مشاهدة كبيرة .. نريد أن نعرف كيف بدأت في اختيارك للممثلين ومدى تفاعلهم معك واستجابتهم الكاملة للعمل؟

- الاختيار تم على مرحلتين، فمنذ بداية الكتابة كنا نفكر كيف نخرج بعمل يجمع معظم فناني عدن المخضرمين من الجيل الذهبي بعد سنوات طويلة من التجاهل المجحف للكادر العدني المبدع، حيث اجتمع أغلب الكادر التمثيلي العدني لأول مرة منذ سنوات طويلة، بمجرد انتهاء الكتابة تم الاختيار وفق الدور المناسب، وتوجهت للممثلين الذين أبدوا استعدادهم بعد قراءة النص، ولا تتصور مدى التعاون والترحاب الذي قوبلت به كنت أحس نفسي طوال الوقت في جو أسري حميم فشكرا لهم جميعا.

بالنسبة للوجوه الجديدة شارك في المسلسل (15) وجها جديدا في أدوار رئيسة، تم اختيارهم من بين (80) شابا تقدموا لتجارب أداء تمت الدعوة إليها عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك استمرت لأسبوعين كاملين في اتحاد الأدباء فرع عدن، ثم خضع الفائزون بالأدوار لورشة تدريبية في مجال التمثيل لمدة شهر كامل، وأجدها فرصة لتوجيه الشكر للقائمين على اتحاد الأدباء والكتاب فرع عدن.

 

* ما هي أبرز القضايا الذي تأثرت بها وأراد عمرو جمال أن يظهرها في قالب درامي ويكشف خباياها ومسبباتها ويساعد الناس في حلها والتخفيف عنهم؟

- اتفقنا أنا وفريق التأليف أن نقدم نصا يعرض أكبر عدد من القضايا الشائكة في الوقت الراهن، العمل تدور أحداثه في عدن 2013 وتعرج على التردي الكبير في الحالة الاجتماعية والسياسية في البلد مرورا بالتفكك الأسري الذي يولد ضياع الأولاد، وقضية انتشار المخدرات في الأعوام القليلة الماضية، كذلك دور التجار وكبار المسئولين في العبث بالبلد حتى بعد الثورة، وكذا كبت حرية الصحافة وتعذيب الصحافيين حتى الوقت الراهن، والدور الكبير الذي تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي في تحويل القضايا الحساسة إلى قضية رأي عام ودور الاحتجاجات الشعبية والوقفات الاحتجاجية للناشطين في تغيير موازيين الأمور.

يرتكز مسلسل فرصة أخيرة بدرجة رئيسة على قضية العمال المسرحين من المصانع والمعامل بعد الحرب الأهلية عام 1994، حيث إن كل الأحداث في المسلسل تشير رمزا وتصريحا إلى هذه القضية الحساسة يحكي المسلسل قصص مجموعة من العمال المسرحين وانعكاس التسريح على حياتهم خلال عقدين من الزمن، هؤلاء العمال تجمعوا من جديد ليعملوا في معمل صغير يستعيدون به كرامتهم لكن تأبى الظروف إلا أن تحاول انتزاع فرصتهم الأخيرة في الحياة.

 

* ما هي أكثر المناطق الذي استخدمها في تصويرك للمشاهد؟

- صورنا في أغلب مناطق عدن و خور مكسر استأثرت بنصيب الأسد في هذا العمل.

 

* في نهاية تتر المسلسل كتبت أن جميع مشاهد المسلسل صورت في مدينة عدن هل هذا يعني أنه كانت هناك صعوبة في تصوير المشاهد خارج مدينة عدن كون العمل يتحدث وعلى وجه الخصوص عن عدن وما دار فيها من اضطهاد؟

- تنبهت أثناء تصوير العمل أننا أظهرنا عدن بصورة سياحية استثنائية والحمد لله، فقررت إضافة هذه الجملة كي نؤكد لكل من يشاهد هذه المدينة أنها عدن الساحرة جنة الدنيا بكل تفاصيلها رغم كل الإهمال الإعلامي لها وبالفعل الكثيرين شككوا أن تصوير المسلسل بالكامل تم في عدن وأعتقد أن هذه العبارة كافية للرد على كل مشكك.

أما بالنسبة عن صعوبة التصوير، فطاقم العمل لم يواجه أية صعوبة إطلاقا بالعكس فأبرز ما واجهه فريق العمل هو التعاون الاستثنائي من أبناء مدينة عدن، حيث أن كل موقع توجه الفريق للتصوير فيه قوبل بترحاب شديد وتعاون بالغ، وقد وصل التعاون البعض فتح بيته ومكتبه ومرفقه مجانا لطاقم العمل للتصوير فيه مما عكس صورة حضارية من أبناء المدينة.

 

* إلى ماذا أراد أن يرمز عمرو جمال بمعمل الخياطة في المسلسل؟

- الكيان .. المعمل يرمز لـ كياننا الضائع في هذا البلد، وأستطيع تلخيص رمزية المعمل في جملة تقولها فاطمة لفاتن عندما يصر كل من فاطمة وسالم أن يقيما عرسهما في المعمل حيث تقول: "المعمل دا بالنسبة لنا مش مجرد مكان نشتغل فيه .. لا .. المعمل دا هو اللي رجع لنا كرامتنا في زمن استوينا نشحت فيه الكرامة شحت.. المعمل دا حياتنا يا فاتن".

 

* حدثنا قليلا عن الشركة الداعمة لعملك والتقنية الحديثة الذي أستخدمها عمرو في المسلسل؟

- الشركة هي (قناة السعيدة)، تعاملنا معهم أكثر من مرة والتعامل معهم مريح حيث إنهم لا يتدخلون في النص، ولا يطلبون إضافات، يحترمون إبداعنا وهذا أكثر ما يهمني في الجهة المنتجة التي أتعامل معها، عدم فرض أفكار على إبداعي، بالنسبة للتقنية الجديدة فنحن انتقلنا للتصوير بكاميرات الكانون، وهي الكاميرات نفسها التي صورنا بها (حافة الأنس) ولكن الجديد كان في طريقة التصوير وزواياه ورغبتنا في تقديم صورة مختلفة، بحيث تحكي الكاميرا القصة وتكون بطلة وليس كما جرت العادة يكون دور الكاميرا نقل لحركة الممثلين فقط.

 

* من الملاحظ أنك قمت باختيار أكثر من وجه جديد في العمل ألم يشكل لك ذلك إرباك في العمل كون أنهم يمثلون لأول مرة أو أن هناك طريقة أخرى في عملية اختيارك للوجوه الجديدة؟

- بالعكس كانت خطوة لم أندم عليها أبدا بالعكس وجودهم شكل إضافة كبيرة للعمل، تعرفت على (15) شابا كانوا غاية في الالتزام والتعامل الراقي وطاقتهم المتجددة كانت تبعث النشاط والأمل في مواقع التصوير، وأنا فخور جدا بهم جميعا.

 

* كيف رأى عمرو جمال ردود أفعال الناس على العمل أثناء عرضه؟

- معظم ما وصلني كان إيجابيا والحمد لله.

 

* من المؤكد أن هذا العمل حرك مشاعر العديد من الناس الذين شاهدوه من داخل وخارج البلاد لاسيما تلكم المرأة العاملة أو ذاك الأب الكادح للقمة عيشه الذي سرحوا من وظائفهم دون وجه حق أو قانون وبتصرف لا مسئول، وصمت مطبق من قادة البلاد آنذاك وخصخصة قاتلة حدثنا عن ردود بعض من تعنيهم وطالهم شبح التسريح من الوظائف إذا أمكن ممن قاموا بالتواصل معك أثناء عرضك للعمل؟

- قابلت البعض وأغلبهم كان لطيفا، وشكر العمل وقالوا جملة مشتركة مفادها "شكرا فقد نقلتم الواقع".

 

* ما هي أبرز الصعوبات والمخاوف الذي واجهت عمرو جمال أثناء قيامه بتنفيذ هذا العمل سواء من ناحية الإمكانيات ونوعية الموضوع؟

- النص كبير وشائك ومنذ الانتهاء من كتابة النص كان هناك تخوف من ميزانية العمل التي قد لا تتوفر، ولكن بتكاتف الطاقم في إيجاد مواقع  التصوير المجانية وتفهم الجهة المنتجة واستعدادها للإنتاج تجاوزنا الصعوبات.

 

* هل رسالة عمرو جمال في مسلسل (فرصة أخيرة) اجتماعية أم سياسية بحتة أو ماذا يصنف لنا عمرو هذا العمل؟

- لا يمكن فصل السياسة عن واقعنا الاجتماعي، فالتعليم سياسة والمواصلات سياسة والتربية سياسة حتى رغيف العيش سياسة .. وأعتقد أن (فرصة أخيرة) شمل الجانب الاجتماعي ولعب على وتر السياسة.

 

* لماذا اخترت هذا العمل وفي هذا الوقت الراهن؟

- العمل اختار وقته ولسنا من اخترناه .. بمعنى أن المرحلة الحالية التي تمر بها البلد تفرض علينا أن نقدم هذه النوعية وهذا واجبنا، يجب أن تفرز المرحلة أعمال جادة تتناسب وهذه المرحلة الحرجة.

 

* في كل عام تقوم بعرض أعمالك على إحدى القنوات الفضائية وبشكل حصري وهي (قناة السعيدة) متى سيتم مستقبلا عرض عمل من أعمالك على قناة محلية وبشكل حصري هذه أو أن طبيعة العمل والداعمين له تلزمك بعرضها على هذه قناة معينة لا غير؟

- لا يوجد أي التزام رسمي يمنعني من التعامل مع أية جهة حيث لست ملتزما بأي عقد احتكار، الارتباط مع قناة (السعيدة) ودي وكل من الطرفين مرتاح للتعامل مع الآخر وهناك تفاهم دائم بيننا.

 

* في المسلسل حمل المخرج عمرو شباب عدن كركيزة أساسية في جلبهم للمخدرات، وكذلك انتشارها ولم يركز في كيفية ظهورها في عدن تحديدا ومن الذي أدخلها وكيف ولماذا ومتى؟

- أعتقد أن هذه النقطة كانت مبهمة في الحلقات الأولى لكن مع الوقت اتضحت ملامح شخصية الخال التي قام بها باقتدار الأستاذ قاسم عمر، حيث من الواضح أن امتداد الشخصية يشمل تورط الكثير من الجهات في قضية ترويج المخدرات، وأنه شخصيا يقوم بدور ترويجي لصالح جهات معروفة وتواطؤ من بعض الجهات العليا لإفساد الشباب في البلد والمتتبع للعمل بشكل جيد يستطيع أن يرى هذه الصورة بوضوح ويفهم المقصود.

 

* كم كانت مدة تجهيز المسلسل وتحضيراتها؟.. وهل شخصياتها حقيقية أم من نسيج خيالكم؟

- أخذت الكتابة (5) أشهر والتصوير شهرين والمونتاج امتد حتى الأسبوع الثالث من رمضان العمل بمجمل مراحله استمر 8 أشهر.. والقصة من نسج الخيال وكذا شخصياتها.

 

* من المعروف أن أغلب أعمال المخرج عمرو جمال إن لم تكن جميعها تتخذ القالب الكوميدي الساخر في معالجة القضايا الاجتماعية، ولكننا نجد أن في مسلسل هذا العام (فرصة أخير) اتخذت قالبا مختلفا تماما، وهو القالب الدرامي الجاد، ألم يتخوف مخرجنا من عدم تقبل الناس ومتابعي أعمالك لهذا التغيير منك؟

- مثل ما سبق وقلت إن العمل شكل تحديا، الكثيرون قالوا لي الجمهور يريد أن يضحك في رمضان وعملكم هذا لن ينال قبول إلا عدد بسيط من الجمهور، ولكن الجمهور خذل هذه الفرضية، واستجاب للعمل وأثبت أنه جمهور متنوع يقبل العمل الجيد سواء كان جادا أم كوميديا.

 

* هل تشعر أن مسلسل (فرصه أخيرة) عمل نقله نوعية من حيث طريقة طرح القضايا؟

- أترك إجابة هذا السؤال للجمهور، فالجمهور وحده قادر أن يجيب عليه.

 

* أعطى عمرو جمال كلمته الفصل بالنسبة للقضايا الحقوقية والاجتماعية والسياسية الذي تمس المنطقة تحت اسم (فرصة أخيرة) .. فماذا بعد مسلسل فرصة أخيرة؟

- بعد نجاح (فرصة أخيرة) أعتقد أن علي أن أتأنى قليلا لاختيار عمل يرضيني ويرضي الجمهور، والبحث عن قضية مهمة نناقشها، فالنجاح سهل لكن الحفاظ عبها مهمة صعبة وشاقة جدا.

 

*  كلمة أخيرة يوجهها المخرج عمرو جمال لجمهوره؟

- شكرا لكم، وكما أقول دوما أتمنى أن أبقى عند حسن ظنكم دوماً.