آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

دولية وعالمية


غزوة بدر الكبرى معلما عريقا ودستورا منيرا للإسلام في معركته مع الباطل

الخميس - 25 يوليه 2013 - 09:32 م بتوقيت عدن

غزوة بدر الكبرى معلما عريقا ودستورا منيرا للإسلام في معركته مع الباطل
كانت غزوة بدر الكبرى فرقانًا بين الحق والباطل وبين العبودية الواقعية للأشخاص والأهواء والقيم والأوضاع والشرائع والقوانين والتقاليد والعادات وبين الرجوع إلى لله الواحد الذي لا إله غيره، ولا متسلط سواه، ولا حاكم من دونه، ولا مشرع إلا إياه

صنعاء ((عدن الغد)) سبأ

تبقى غزوة بدر الكبرى التي وقعت في 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة مَعلَمًا عريقًا، ودستورًا منيرًا للإسلام في معركته مع الباطل وستظل هذه المعركة الدرس الأكبر في انتصار الخير على الشر والحق على الباطل.

 

ومثلت غزوة بدر الكبرى علامة فارقة بين الشرك والإسلام والضلالة والهدى، على اعتبار أنها ملحمة من ملاحم البطولة والفداء الذي التقى فيه الجمعان، يوم أعز الله فيه جنده ونصر عبده وأعلى ذكره صلى الله عليه وسلم ورفع منارة الإسلام وأذل الشرك والمشركين .

 

ولقد كانت غزوة بدر الكبرى فرقانًا بين الحق والباطل وبين العبودية الواقعية للأشخاص والأهواء والقيم والأوضاع والشرائع والقوانين والتقاليد والعادات - وبين الرجوع إلى لله الواحد الذي لا إله غيره، ولا متسلط سواه، ولا حاكم من دونه، ولا مشرع إلا إياه.

 

وتعتبر غزوة بدر التي كان عدد المسلمين فيها لا يتجاوز 313 مقاتلا ، أول مواجهة عسكرية حصلت بين المسلمين و بين كفار قريش، وهي من أشهر الغزوات التي قادها الرسول صلَّى الله عليه و آله ضد الكفار .

 

وحسب كتب السيرة النبوية فإن غزوة بدر سميت بهذا الاسم لارتباطها بالمكان والبقعة التي دارت عليها المعركة "أرض بدر"، و بدر إسم وادٍ يقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو أحد أسواق العرب ومركز تجمعهم للتبادل التجاري، و كان العرب يقصدونه كل عام.

 

وتحدث القرآن الكريم عن غزوة بدر الكبرى بآيات بينات في سورة آل عمران " وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{121} إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ{122} وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{123} إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ{124} بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ{125} وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ{126} لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْيَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ{127} لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ{128}.

 

وفي سورة الانفال يقول المولى سبحانه وتعالى " وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ﴿٧﴾ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴿٨﴾ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿٩﴾ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿١٠﴾ .

 

ويتابع المولى سبحانه وتعالى في سورة الأنفال:" إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴿١١﴾ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴿١٢﴾ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿١٣﴾ ذَٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ.

 

وتتوالى الآيات في حث المسلمين على قتال المشركين فيقول عز وجل" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴿١٥﴾ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿١٦﴾ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿١٧﴾ ذَٰلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴿١٨﴾ .

 

وفي السنة المطهرة روى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن جرير عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه- قال: لما كان يوم بدر نظر النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه وهم ثلاثمائة رجل وبضعة عشر رجلاً، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألفٌ وأكثر فاستقبل نبي الله القبلة ثم مدَّ يده وجعل يهتف بربه: "اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" .

 

ولما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجوم في غزوة بدر على كفار قريش قال: والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا، مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" .

 

ولقد أورد العلماء الدروس والعِبَر من غزوة بدر الكبرى وأبرزها أن الصبر مفتاح الفرج وأن مع العسر يسرًا، يقول سبحانه وتعالى للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ " ودرس في التقوى التي هي سبيل نصر المؤمنين وطريق الفلاح للمفلحين قال سبحانه وتعالى" بَلَىٰ إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴿١٢٥﴾.

 

كما أن التآلف والتعاطف والتكاتف والتناصر والتآزر سبيل نصر المؤمنين، وطريق عزة الأخيار والصالحين، فإن وجدت أهل الإسلام متعاطفين متراحمين فاعلم أن النصر حليفهم، وإن وجدتهم متقاطعين متباعدين متناحرين، وإن مزقتهم الجماعات والحزبيات والرايات والشعارات فادمع على الإسلام بين أهله.

 

وقد أكد عدد من علماء الدين أن هذه المناسبة الدينية العظيمة تأتي والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بحاجة ماسة اليوم لاستلهام الدروس والعبر منها وإعادة النظر في إعداد العدة لمواجهة أعداء الاسلام والتصدي للغزو الفكري الذي يصدره الإعداء لأمة الإسلام .

 

وحث العلماء على ضرورة إحياء مثل هذه المناسبات الدينية العظيمة بإقامة محاضرات وندوات وتوجيه العباد الى كل خير وتوعية المجتمع بأهمية الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس كما جاء في قوله تعالى " يأيها الذين أمنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم .. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وانفسكم ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون .. يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم " .

 

وأكدوا أهمية العمل في شتى مجالات الحياة وعدم التكاسل والتهاون في تأدية فروض الإسلام خاصة في أيام شهر رمضان الكريم إذ تحل البركة ويعظم فيه الأجر والثواب للعباد، ولا سيما الجهاد بالنفس والمال في سبيل إعلاء كلمة الله وإحقاق الحق .

 

*من يحيى عسكران