آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-02:19ص

دولية وعالمية


(شعبية متراجعة)..تأثير احتجاجات 30 يونيو على قناة "الجزيرة" في مصر

الأربعاء - 24 يوليه 2013 - 02:45 م بتوقيت عدن

(شعبية متراجعة)..تأثير احتجاجات 30 يونيو على قناة "الجزيرة" في مصر
استمرت تغطية الجزيرة المنحازة للتيار الإسلامي رغم الاحتجاجات الواسعة التي دعت إليها حركة "تمرد" في 30 يونيو الماضي، حيث ركزت القناة على مؤيدي الرئيس، وحاولت التقليل من أعداد المعارضين له في الميادين من خلال بث صور قديمة وزوايا معينة لميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية، توضح قلة عدد المتظاهرين مقارنة بالمؤيدين المعتصمين في ميدان "رابعة العدوية"، وانتقاد خطوة القوات المسلحة بعزل الرئيس السابق محمد مرسي استجابة لمطالب الشارع المصري، الأمر الذي دعا عددًا من مراسلي "الجزيرة مباشر مصر" في بني سويف وال

(عدن الغد)متابعات:

منذ تأسيسها عام 1996 أثارت قناة "الجزيرة" الإخبارية، ولا تزال، جدلا واسعًا حول ماهية الدور الذي تريده لنفسها بين الفضائيات العربية التي زاد عددها بشكل واضح، وكسر بعضها احتكار "الجزيرة" للمنتج الخبري والتغطية الحية للأحداث في المنطقة العربية. وكانت القناة قد اكتسبت اهتمامًا دوليًّا وعربيًّا في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 بسبب انفرادها بتغطية الحرب على أفغانستان على الهواء مباشرة من خلال مكتبها هناك، وبثها لشرائط فيديو للزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن وعدد من قادة التنظيم الآخرين.


ومنذ ذلك الحين حظيت "الجزيرة" بشعبية داخل الدول العربية سرعان ما تحولت إلى جدل حول توجهاتها، والمشروع الذي تتبناه، لا سيما في ظل التناقض الواضح بين حرصها على تغطية الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، وفي الوقت ذاته تعمدها إغفال تطورات أخرى تحدث في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي اعتبره بعض المراقبين تحيزًا وغيابًا للمهنية، فيما أشار البعض الآخر إلى أن القناة ما هي إلا أداة من أدوات السياسة الخارجية القطرية، ووسيلة للتعبير عن توجهاتها.

استقالات جماعية

مع بداية ثورة 25 يناير، أخذت قناة "الجزيرة" على عاتقها تغطية أحداث وتطورات الشارع المصري وتطلعاته لتغيير النظام، بشكل اعتُبر في وقتها انحيازًا لإرادة الشعب، وهو الموقف نفسه الذي اتسمت به تغطيتها للثورة في تونس والتي سبقت الثورة المصرية بأيام، كما عملت إدارة القناة على تخصيص قناة منفردة لتغطية التطورات المصرية هي قناة "الجزيرة مباشر مصر"، والتي استطاعت بالفعل نقل تطورات الشارع عن كثب، وبثت أهم تطوراته على مدار الساعة، قبل أن تتعرض للغلق أكثر من مرة من قبل السلطات المصرية، بحجة عدم وجود تراخيص لاستديو البث وللتصوير في عدة أماكن.

وبانتهاء المرحلة الانتقالية التي تبنت فيها القناة سياسة انتقاد المجلس العسكري بشكل لافت، وعقب صعود التيار الاسلامي إلى سدة الحكم وفي المقدمة منه جماعة الإخوان المسلمين، بدا واضحًا انحياز القناة لهذا التيار من خلال التركيز على استضافة من يمثلونه دون غيره من التيارات السياسية الأخرى التي لاقت بدورها انتقادات عدة من قبل ضيوف البرامج الحوارية ومذيعيها.

وقد استمرت هذه التغطية المنحازة للتيار الإسلامي رغم الاحتجاجات الواسعة التي دعت إليها حركة "تمرد" في 30 يونيو الماضي، حيث ركزت القناة على مؤيدي الرئيس، وحاولت التقليل من أعداد المعارضين له في الميادين من خلال بث صور قديمة وزوايا معينة لميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية، توضح قلة عدد المتظاهرين مقارنة بالمؤيدين المعتصمين في ميدان "رابعة العدوية"، وانتقاد خطوة القوات المسلحة بعزل الرئيس السابق محمد مرسي استجابة لمطالب الشارع المصري، الأمر الذي دعا عددًا من مراسلي "الجزيرة مباشر مصر" في بني سويف والمنيا والأقصر إلى الاستقالة على الهواء بسبب عدم مهنية القناة، واتباعها سياسة تضليلية للرأي العام، بعرضها وجهة نظر واحدة، وتغييب الأخرى الأكثر شعبية، وهو الموقف نفسه الذي تبناه اثنان من أبرز مذيعيها ومقدمي برامجها وهما كارم محمود وفاطمة نبيل. فيما أشارت قناة "الجزيرة" من جانبها إلى أن عددًا من المنتسبين لمكتب "الجزيرة مباشر مصر" قد تقدموا باستقالاتهم بسبب ضغوط مورست عليهم.

إضافة إلى ذلك، فقد أنتجت سياسة "الجزيرة" في تغطية الأحداث احتقانًا واضحًا لدى غالبية الإعلاميين المصريين، وهو ما انعكس في إصرار الإعلاميين المشاركين فى المؤتمر الصحفي المشترك للقوات المسلحة والشرطة الذي عقد عقب أحداث الحرس الجمهوري، على طرد طاقم قناة "الجزيرة" من المؤتمر، بسبب التغطية المنحازة من القناة لجماعة الإخوان، وتشويهها الحقائق من وجهة نظرهم.

ملاحظات على الأداء

في ضوء الجدل المثار حول أداء قناة "الجزيرة" والدور الذي تحاول أن تلعبه من خلال ترجيح كفة أحد أطراف الصراع السياسي في دولة ما على حساب الأطراف الأخرى، يمكن الإشارة إلى عدة نقاط مهمة في هذا الإطار، أهمها:

1-    أن قناة "الجزيرة" قد اكتسبت هذا القدر من الاهتمام، سواء كان بالنقد أو المدح، في ظل مناخ إعلامي عربي غير قادر على المنافسة الجادة؛ حيث كسرت "الجزيرة" القاعدة العربية المتبعة في تناولها لعدد من القضايا السياسية المهمة والحساسة، التي كان الإعلام الرسمي بمنأى عنها، ولهذا فإن أول من هاجمها هو الإعلام الرسمي؛ وذلك على الرغم من اتباعها سياسة التعتيم على بعض القضايا، وبصفة خاصة التي تخص قطر وباقي دول مجلس التعاون الخليجي.

2-    بات من الواضح أن القناة بمثابة أداة طورتها قطر فى إطار سياستها الطامحة إلى لعب دور مؤثر على المستوىين الإقليمى والعالمي، لتكون بمثابة "قوة ناعمة" في إطار المشروع السياسي القطري في بعض الأحيان، وكوسيلة ضغط على الخصوم في أحيان أخرى. إذ يرى مراقبون أن الهدف من وجود القناة ليس تجاريًّا رغم سعة انتشارها، وتعدد قنواتها، بل سياسيًّا من خلال السعي إلى توجيه المواطن العربي كيفما تريد قطر، كونها أداة بيد صانعي القرار القطري.

3-    من غير المتوقع أن تكون "الجزيرة" قادرة على لعب هذا الدور الذي تقوم به حاليًّا دون أن تكون لها شبكة متكاملة من التمويل والموارد من جهة، والكفاءة على مستوى الصناعة الإعلامية من جهة أخرى، إذ لا يخفى أن القناة قد أنشئت بمنحة من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق قدرها 150 مليون دولار.

وأخيرًا، فإنه يبدو واضحًا أن قناة الحزيرة، بأسلوب تعاملها مع 30 يونيو وما تلاه في مصر، قد فقدت الكثير من رصيدها لدى المصريين نتيجة رهن موقفها وأدائها بسياسة جماعة الإخوان المسلمين التي ثار عليها المصريون وطالبوا بإسقاط نظامها، ومن هنا ربما لا يكون من المستبعد أن تتكاثر وتتعمق دعوات مقاطعة قناة "الجزيرة" في مصر خلال الفترة القادمة.
 

عن/ المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية