آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-09:40ص

دولية وعالمية


الاخوان الماسونيون.. قراءة في كتاب “سر المعبد”

الجمعة - 05 يوليه 2013 - 05:54 م بتوقيت عدن

الاخوان الماسونيون.. قراءة في كتاب “سر المعبد”
صورة غلاف الكتاب

شبكة اخبار المصري اليوم

بقلم- شيماء أحمد:

لست من معتادي قراءة الكتب اكثر من مرة ، لكن هذا الكتاب جذبني بشدة لقراءته مرتين بشغف ونهم، لم اعتاده من قبل في اقل من اسبوع، فالكتاب هو “سر المعبد”للكاتب ثروت الخرباوي . ليس الكثير منا يعرف الخرباوي ، فهو كان احد القيادات البارزة بجماعة الاخوان المسلمين وكان رئيس لجنة المهنيين بالجماعة، وهو محامى شهير .. مفكر و كاتب محترف .. انضم الى جماعة الاخوان المسلمين كمحب عام 1978 و انضم كعضو مسجل عام 1984 ، واختلف معهاعلى اثر قضية تقديم مختار نوح واخرين الى المحاكمات العسكرية عام 1999 .. فصلته الجماعة عام 2002 لخروجه عن مبدأ السمع والطاعة.

يسرد الكاتب في كتابه عصارة خبرته لاكثر من 24 عاما قضاها داخل الجماعة . ويتضح من الكتاب ان كاتبه مطلع قرأ الكثير من الكتب قبل كتابته هذا الكتاب ، ليس هذا فقط ويظهر ايضا ان الكاتب استغرق وقتا طويلا في كتابته. فالكتاب به كم كبير من الاستدلالات والاقتباسات من القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وكذلك من الفقهاء والائمة والشعراء ايضا . بالاضافة الي روايته عن بعض الاساطير التي وجدها مشابهة لاحوال اعضاء جماعة الاخوان. ولا اعرف ان كان حدسي صحيحا ام لا، فالكتاب مسطور بحكمة وحذر كبير استشعرت فيه صراع الكاتب مع حرصه علي عدم فضح اسرار الجماعة ورغبته في قول الحقيقة .

الا ان الكاتب كان بارعا في خطف انتباهي وإثارتي لدرجة انني انغمست في قراءة الكتاب حتي نهايته وحينما جاءت النهاية تمنيت الا ينتهي الكتاب وعند الصفحة الاخيرة خيل الي انه سيكون هناك صفحات اخري استمتع بقراءتها ، فاسلوبه بليغ بالغة العربية البسيطة ليست بالعامية وليست بالفصحي التي يصعب فهمها . كفانا حديثا عن اسلوب الكتابة واثارة الكاتب لقارئه. وكنت اود ان اكتب لكم كل ماجاء بالكتاب الا ان المقال لن يتسع ولكني ساحاول ان اركز علي اهم النقاط التي وردت به. 

تعالوا اسرد لكم بعض الحقائق التي قدمها الخرباوي عن التنظيم الغامص لجماعة الاخوان المسلمين او كما يسميها الخرباوي “الاخوان الماسونين” نسبة الي تسمية الشيخ الغزالي لهم، فقد وصف الغزالي، المرشد الثاني حسن الهضيبي وسيد قطب بانهم ماسونين في كتاب له وقال “ان سيد قطب كانت له صلات بالماسونين وكتب في صحفهم” .ويقول الكاتب انه قرا هذا الكتاب في بداية انضمامه الي جماعة الاخوان وشعر بالغضب الشديد لانه كان من محبي كتابات الغزالي وشاغف بجماعة الاخوان المسلمين، هذا علي الرغم من ان الامام الغزالي كان في احد الايام عضو بالجماعة . الا ان الكاتب عندما انخرط في العمل داخل الجماعة وعرف طرقها ودهاليزها، ايقن ان الشيخ الغزالي كان محقا فيما كتبه عن قطب وجماعة الاخوان المسلمين.

وأفرد الكاتب مساحات ليست بالقليلة عن وصف مشاعره في اكثر من جزء واصفا لحظة خروجه من الجماعة فانه قد حصل علي صك الحرية من التنظيم الاخواني وانها كانت اعظم لحظه في تاريخه لانه خرج من تنظيم اتضح انه سرابا . ويري ان الجماعة الاصلية واهدافها السامية قد سرقت علي يد حفنة من الدخلاء الذين لم يكونوا من الاخوان الاصليين ، وذكر منهم محمد مرسي “رئيس الجمهورية ” محمود عزت “عضو مكتب الارشاد” محمد بديع “المرشد العام” ، وان هؤلاء الدخلاء ضلوا الطريق ،المفترض انه مرسوم منذ سنوات عدة لتلك الجماعة، واصفا اياها بانها جماعة لا تعرف القلوب ولا تعترف بالمشاعر . يروي الكاتب قصته مع مجموعة من الشخصيات الاخوانية التي كانت سببا اساسيا في تركه للجماعة وسببت له صدمة ومنهم المستشار مأمون الهضيبي الذي كان يجله ويحترمه ويعجب بكتاباته الا انه اكتشف ان الكتب لا تعكس دائما شخصية كاتبها.

وافرد الكاتب فقرات طوية للمواقف المخزية الني واجهها من بعض اصدقائه بالجماعة عرف منها المنافق من الصادق، من الحبيب من العدو، وان الجماعة كانت تخترقها الجواسيس وانه مثلما كان هناك جواسيس داخل الجماعة تتجسس لصالح النظام كانت للجماعة ايضا جواسيس داخل النظام.

ويروي الكاتب اصعب زلزال هز جماعة الاخوان الا وهو اعتقال عدد كبير من قيادات الاخوان في قضية سميت بقضية النقابيين، وتم احالتهم لمحكمة عسكرية عامي 1995،1996 وكان من اهم القيادات المقبوض عليهم عصام العريان ، خيرت الشاطر ، عبدالمنعم ابو الفتوح ، عبد الحميد الغزالي ، لاشين ابو شنب ، جمعة امين، رشاد البيومي ، محمد حبيب ، محمود عزت ، مهدي عاكف ، ابراهيم الزعفراني ، سعد الحسيني ، حسن الجمل ، محي الزايط ، حلمي الحزار ، السيد النزيلي ، ابو العلا ماضي ، واخرون . وكان الدكتور محمد سليم العوا هو رئيس هيئة الدفاع عنهم ومعه مختار نوح . وحاول الدكتور العوا التدخل سياسيا للصلح بين الاخوان والنظام وكان هدفه من الوساطة ان يتيح للجماعة مساحة كبيرة في الحركة الدعوية، وطلب العوا مقابلة اللواء عمر سليمان مدير المخابرات السابق ، وبالفعل قابله ووافق سليمان علي اطلاق سراح اعضاء الاخوان المعتقلين ولكن في مقابل عدة شروط كان اهمها ان يمنع الاخوان من خوض اي انتخابات نقابية او برلمانية لمدة 5 سنوات علي ان يتيج لهم النظام مساحة للحركة والدعوة من خلال المساجد.

وكان هذا العرض مرضي للدكتور العوا، وقبل ان يغادر مكتب عمر سلميان قال له الاخير ان الاخوان لن يوافقوا علي هذا العرض .. مامون الهضيبي سيرفض بشدة . تعجب وقتها الدكتور العوا من كلام عمر سليمان، الا ان ما قاله سليمان كان صحيحا، وبالفعل رفض الهضيبي هذا الاتفاق.

وانتقد الكاتب مقولة ” الاسلام هو الحل” التي استخدمها مرشحوا الجماعة في الانتخابات البرلمانية عام 2005 ، والتي ارتأي انها تعني ان الشخص الذي يحمل هذا الشعار يملك الاسلام ولا يملكه المرشح المضاد له وان هذا غير لائق .

وبعدما انفصل وتخلص من اسر الجماعة عام 2002 ، قرر الخرباوي ان ينتقد ما لايعجبه من ممارسات الجماعة لكي تقوم بالتقييم الذاتي لنفسها وتقييم نهجها التي انحرفت به عن نهج حسن البنا ، ولكن مثل هذا القرار كان صعب ويحتاج الي دراسة، لذا اخذ الكاتب اراء الكثيرين من اصدقائه داخل الجماعة وخارجها ، وحينما اطمئن قلبه لذلك القرار ولقي تاييد كثيرا من بعض الاخوان وممن يؤيدون الجماعة والذين اكدوا له ان هذا القرار سيساعد في تحسين اداء الجماعة وارشادها ، وان هدف انتقاده للجماعة لا يختلف كثيرا عن هدف انتقاد الحزب الوطني لتقويمه او تحسين الاوضاع . بمجرد نشر الخرباوي اول مقال له في جريدة صوت الامة وكان رئيس تحريرها عادل حمودة ، ينتقد فيه سياسة الاخوان وانخراطها الشديد في الحياة السياسية بالاضافة الي انحرافها عن الهدف المنشود. كان اول من رد علي هذا الانتقاد هم من ايدوا قراره وشجعوه من اعضاء الاخوان ، وكان هذا بمثابة صدمة كبيرة له.

اهتم الكاتب في جزء كبير من الكتاب حيث ورد ذكره في اكثر من 4 فصول بالكتاب ، بحكاية شاب كان يدعي ” شكري مصطفي” فهو ممن امنوا وولعوا بشخصيوا سيد قطب ودخل السجن عام 1965 في قضية الانضمام لتنظيم سيد قطب. تطرف شكري مصطفي في افكاره واعجابه بسيد قطب الا انه اعتقد انه سيكون المهدي المنتظر الذي سيقود دولة الخلافة الاسلامية وسيدخل في عهده الاسلام العالم العربي ، وبدا هذا الشاب في تنفيذ افكاره الدخيلة علي اهل السنة والجماعة من خلال تشكيل جماعة متطرفة تؤيده اراؤه وتبايعه علي الجهاد والسمع والطاعة له . كان من الصعب في فترة حكم السادات تشكيل جمعية شرعية او دعوية ولكنه اسس جمعية ” جماعة المسملين” وهي المتعارف عليها باسم “جماعة التكفير والهجرة”، ونظرا لصعوبة الظهور علنا وتنفيذ افكارها، انضم هذا الشاب الي جماعة الاخوان المسلمين ،مع العلم انهم كانوا يعرفون انه متطرف في اراءه وانه من اصحاب فكرة الحاكمية والجاهلية ، اي تكفير اي شخص يعارضهم ،  فضلا عن ان هذا الشاب مضي في تكوين جيشه الخاص من المنساقين والمتطرفين له . وظل الكاتب يحكي عنه عدد من المواقف والروايات الي انه وضع نهاية القصة بان هذا الشاب تم اعدامه في قضية قتل الشيخ الذهبي وزير الاوقاف عام 1977.

ومن بين الشخصيات التي افرد لها ايضا مساحات في كتابة شخصية العميد حسنين والذي كان متصوفا ، ساخطا علي الاخوان ، ورافضا لمنهجهم وتدخلهم في السياسة وطمعهم في الدنيا. واكتشف الكاتب في النهاية في عزاء هذا الرجل انه من كان احد اعضاء الاخوان ، وان الجماعة تركته ان يكون له علاقة بالكاتب ، واستشف الكاتب ان الجماعة يمكنها ان تستخدم الصوفية كغطاء لتنفيذ ماتريد فهي تستخدم اي شئ لتحقيق اهدافها حتي لو كان متعارضا مع يقينها والحقائق المؤمنة بها وهذا اعمالا لمقولة الضرورات تبيح المحظورات او ” الغاية تبرر الوسيلة” فهؤلاء هم الاخوان وهذه هي طريقتهم المثلي التي يؤمنون انها الافضل في تنفيذ مبتغاهم .

فالجماعة لا تري الا نفسها لا تقبل من ينتقدها ، ولهذا وصفهم ” بالشيفونية ” فالشوفيني هو لا يري الا نفسه وقومه وجماعته وتنظيمه وحزبه ، لا يلتفت الي الاخرين ولايسمع نقدهم. ووصف الجماعة بانها جماعة دعوية ضلت طريقها الي السياسة ، زعمت انها تريد ان تصلح السياسة بالدين فافسدت دينها بالسياسة ، ولكن اين هي جماعة الاخوان المسلمين من الدعوة؟!

وزاد الكاتب في وصفه باللجماعة بانها ” ماسيو اخواكية ” وهو مصطلح سياسي جديد يعني انها جماعة تضم الخليط من الماسونية والاخوان والامريكية . فجماعة الاخوان المسلمين هي جماعة ” المسملين فقط” ومن دونهم هم الخوارج وكفار وليسوا مسلمين . فهم شعب الله المختار وانهم مخلصوا هذا العصر من الكفر والالحاد وهم المسئولون ايضا عن نشر الاسلام وفتح مصر.

سيطرت علي الجماعة بعض الدخلاء والمتطرفين من انصار سيد قطب وكان علي راسهم المرشد مصطفي مشهور ، والذي كان له العديد من الاراء المتشددة منها “  عدم جواز دخول الاقباط الي الجيش لانه سيكون مشكوكا في ولائهم وانه لابد من ذلك يجب ان نلزمهم بسداد الجزية” . وكانت للجماعة العديد من الفتاوي والاحاديث الموضوعة التي تتداولها لتقنع بيها منساقيها الذين عموا ابصارهم وصموا اذانهم عن الحقيقة وتركوا عقولهم لتفكر لهم الجماعة . ومن اكثر الفتاوي التي استخدمتها الجماعة وبالغت فيها هي عدم جواز الترحم علي الاقباط و اهل الكتاب، فكان لهم هجوم عنيف علي الدكتور يوسف القرضاوي الذي كان احد افراد الجماعة ، فانتقدوه وسخروا منه عندما ترحم علي بابا الفاتيكان بعد موته. فتاوي الاخوان لا تنضب ابدا ، بالاضافة الي ترويج احاديث موضوعة المهم انها تتفق مع رؤيتهم ومنها ، ” المرء يحشر مع من يحب” .

وبطبيعة الحال فالكتاب يتناول اسرار الاخوان فكان لابد ان يفرد مساحات كبيرة في كل فصوله الي تاريخ الجماعة منذ نشأتها علي يد حسن البنا ، فقال ان هدف البنا من انشاء الجماعة لانه ٌبهر بالتجربة السعودية ، حين سيطر عبدالعزيز ال سعود علي شبه الجزيرة العربية واقام دولة السعودية بجيش الاخوان وحكمهم بالفكر الوهابي . ووضع البنا هذا النموذج نصب عينيه لن يحيد عنه ابدا حتي اصبح شغله الشاغل . وفكر في تنفيذ افكار علي ارض الواقع من خلال جيش من الرجال علي غرار الجيش الوهابي الذي فتح السعودية ويكون هو خليفة الدولة الاسلامية التي ستقام في مصر . وفكر في ان يكون لديه قاعدة كبيرة من الرجال يطيعون ما يؤمرون وكانت وسيلته لجمع اكبر عدد من الرجال بانه خطب في المقاهي وكانت بدايته مدينة الاسماعيلية وما اجمل ان تتحدث باسم الدين لكي تجد اتباعا كثيرين.

وشرح الكاتب في كتابه بداية علاقة الجماعة بامريكا والتي توثقت منذ عام 2005  بفضل مساعي عدد من الاخوان بامريكا ولكي تصل الجماعة لتاييد الولايات المتحدة اعترفت بموجود اسرائيل ككيان فاعل في المنطقة ،  ووعدت الجماعة امريكا بانها ستحترم المعاهدات الدولية . في المقابل وعدتهم امريكا بانها ستمارس ضغوط علي النظام ” نظام مبارك” بالموافقة علي انشاء الاخوان حزب لهم خلال عام.

وخلال رحلة بحث الكاتب عن الحقيقة بعد انفصاله عن جماعة الظلام والتكبيل باغلال القمع ، تكشفت له العديد من الحقائق الا وهو ان الجماعة كانت تعد جيشها في الحفاء حتي انها كانت تخفي علي كثير من اعضاء الجماعة انفسهم انها تعد ” قسم الوحدات” وهو اخطر الاقسام بالجماعة فهو جيش الاخوان وهو الذي سيحمل السلاح ويفتح الدولة الاسلامية التي سيقودونها . وقامت الجماعة بتفعيل هذا الجيش قبل الثورة بقليل لايمانها بانه سياتي اليوم لكي يقوم بدوره المكتوب والمرسوم له .

مهما حاولت ان اكتب عنما رواه الكاتب في كتابه لن يعطي الكاتب حقه ، فقد عج الكتاب بالكثير من الحقائق والكثير من الروايات عن جماعة الاخوان المسلمين . فقد تصدقها كلها او تكذبها كلها. ولكنني صدقتها كلها فمقارنتي بما في الكتاب وما رايت خلال عام من حكم الاخوان يجعلني اصدقه واؤمن به.

ولكنني لدي بعض الملاحظات القليلة علي المقال انني احسست من المقال ان لإخوان هم من أثر على الجيش للوقوف مع الثورة، وان الجماعة تنبأت بالثورة وكانت جاهزة لها . ونظر لان المقال لن يتسع ما اريد ان اقوله عن الكتاب او اذكر كل ماوضعه الكاتب من نتاج تجربة طويلة باحثا فيها عن الحقيقة ، فانني انصحكم جميعا بقراءته للتعرف عن قرب علي الجماعة التي تحكم مصر والذي سيستضيفكم الكاتب فيها الي زيارة داخل مساراتها المتعرجة المظلمة.