يرى بعض السياسيين والمراقبين أنّ مزاعم دعم الاقتصاد اليمني التي
يتبناها محافظ شبوة بن عديو، ومن وراه الحكومة اليمنية، وعبر شخصيات
حكومية موالية لها، ما هي إلا "قميص عثمان"، الذي تطالب به الحكومة وبن
عديو.
وتهدف تلك المزاعم إلى تثبيت موطئ قدم تركية وقطرية في شواطئ بحر العرب
عبر السيطرة على أهم منشأة في البلاد والمنطقة المحيطة بها من سواحل أبين
وشبوة الاستراتيجية.
كما يشير هؤلاء المراقبون إلى أن هذه هي غاية وهدف الدوحة وأنقرة، في ظل
تنافسهما وصراعاتهما مع المنافس الإماراتي اللدود، في المنطقة اليمنية،
في ظل صراع المحاور والاستقطابات الخارجية.
وما يعُزّز هذا الرأي، ضبط القوات الموالية للإمارات عمليات التهريب
المتكررة للأسلحة التركية إلى سواحل محافظتي شبوة وأبين، طيلة الشهور
الماضية، ويعتقد أنّها تصل من السواحل الصومالية المقابلة، حيث تمتلك
تركيا هناك قاعدة عسكرية استراتيجية.
وهو ما ذكرته مصادر إعلامية تابعة لقوات الدعم والإسناد بمحافظة أبين،
قيامها بإفشال صفقة تهريب أسلحة في منطقة "أحور" بمحافظة أبين المجاورة
لشبوة، كانت على متن سفينة "زعيمة" ينتظر تسلّمها عناصر مسلحة في محافظة
شبوة، وعلى علاقة مباشرة بالسلطات المحلية وقيادتها هناك، قبل أن تشتبك
معهم قوات الدعم والإسناد.
وهو ما يتبناه إعلاميون وقياديون في المجلس الانتقالي الجنوبي، الموالي
للإمارات، حيث تتفق تصريحات عدد كبير وتؤكد أن شبوة وثرواتها أصبحتا في
خطرٍ محدقٍ عبر سعي بن عديو إلى تسليم المحافظة ومقدراتها وموانئها
للموالين إلى قطر وتركيا.
وهي اتهامات صريحة من مناهضي بن عديو، الذين يشيرون إلى تورطه في محاولات
جعل شواطئ شبوة منصة لتوغل تركي وقطري إلى اليمن، خاصة وأن الدولتين
تسعيان إلى إيجاد موطئ قدم لهما بالقرب من المنطقة الجنوبية، بحسب
الموالين للإمارات.
وهو ما أشار إليه المقدم محمد سالم البوحر، قائد النخبة الشبوانية، الذي
حمّل محافظ شبوة محمد صالح عديو مسؤلية تدمير النسيج الاجتماعي الشبواني
من خلال فتح أبواب المحافظة على مصراعيها لمليشيات الاصلاح واحتضان
الإرهابيين، حد وصفه.
كما كشف البوحر في برنامج (الصحافة تقول) من قناة (الغد المشرق) قبل
أيام، في ردٍ على تصريحات بن عديو التلفزيونية، عن مخطط "إخواني حوثي"
برعاية المحافظ بن عديو يستهدف ثروات شبوة، وتسليمها لقوى معارضة للتحالف
العربي.
وأكد البوحر أن إعلان المحافظ الحرب على النخبة الشبوانية؛ يأتي بسبب
قيام النخبة بقطع دابر الأعمال الإرهابية في المحافظة، وأعمال التهريب
التي يتبناها بن عديو وإعادة الأمن والاستقرار إلى شبوة.
كما كشف البوحر في سياق حديثه عن علاقة المحافظ بن عديو بوصول طائرات دون
طيار تركية عبر ميناء قنا، ولقاءاته بمسؤول تركي جهاراً نهاراً، بحسب
قوله.
كما لفت إلى توصيل المعدات والأسلحة المهربة، ومنها الطائرات التي تم
تفجيرها في شقرة، كما اتهم البوحر عددا من القادة العسكريين التابعين
للحكومة اليمنية باستلام المعدات والأسلحة، في جبهة شقرة التي تسيطر
عليها القوات الحكومية.
بالإضافة إلى اتهاماته بعداء السلطة المحلية في شبوة للتحالف العربي،
وموالاتها لقطر وتركيا، والعمل لصالح تنفيذ أجندات الدوحة وأنقرة في
الجنوب، وفقاً لتصريحاته.
هل ستنسحب الإمارات من بلحاف؟يرى متابعون سياسيون أن انسحاب الإمارات من بلحاف غير وارد حالياً، رغم
مطالبات بن عديو النارية، وذلك وفقاً لاعتبارات عديدة.
أهم تلك الاعتبارات علاقة الإمارات الوثيقة- حتى الآن- بالمجلس الانتقالي
الجنوبي، بالإضافة إلى تداخل لاعبين دوليين في شأن تصدير النفط والغاز
اليمني، وهم شركاء تاريخيين في هذا المجال.
ويأتي ذلك بسبب حصول فرنسا على نصيب الأسد من منشأة بلحاف الغازية،
والإمارات هي التي تقوم بحماية مصالح عدد من الدول المؤثرة في المنطقة،
بحسب متابعين.
كما أن المواجهة بين أنقرة والدوحة من جهة، وبين الرياض وأبوظبي تحتم
بقاء القوات الإماراتية والتحالف العربي في هذا الموقع الاستراتيجي
الهام، حتى وإن استمر تعطيل تصدير النفط والغاز من الموانئ اليمنية.
وهو الأمر الذي من المرجّح، ألا تقبل به أبوظبي ولا حليفتها باريس، كما
لا ننسى أن الأخيرة تخوض حرباً من نوعٍ آخر مع تركيا على ضفاف البحر
الأبيض المتوسط، جنوب شرق أوروبا.