آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-01:53م

ملفات وتحقيقات


تقرير يتناول معلومات سرية مسربة تكشفها مذكرات الرئيس السابق علي عبدالله صالح

الأحد - 18 أكتوبر 2020 - 05:39 م بتوقيت عدن

تقرير يتناول معلومات سرية مسربة تكشفها مذكرات الرئيس السابق علي عبدالله صالح

(عدن الغد)خاص:

مذكرات (الراقص على رؤوس الثعابين).. هل تكشف الأوراق أم تخلطها؟!
هل ستشمل مذكراته السلبيات أم سيكتفي بذكر الإيجابيات؟!
هل يذكر صالح التفاصيل الحقيقية لاغتيال الرئيس الحمدي؟!
هل يكشف الأسرار المخفية في تحقيق الوحدة اليمنية؟!
سالمين والحمدي وناصر مهدوا للوحدة.. فهل يجحد دورهم؟!
كيف سيتناول حروبه ضد الحوثيين وتحالفه فيما بعد معهم؟!
هل دون صالح اللحظات الأخيرة قبل مقتله؟!
قصتي مع الثعابين!

تقرير / محمد حسين الدباء:

يقال إنه "عندما يشعر الإنسان بدنو نهايته وقرب الموت منه فإن شريط حياته يمر أمام عينيه بإيجابياته وسلبياته".. بعد ثلاثة عقود من العمل السياسي قال: "أعددت مجلدين من مذكراتي، وبصدد إعداد المجلد الثالث، وهي تتضمن حقائق صعبة ومرة، لكنها لن ترى النور إلا حينما أذهب إلى ربي".. بهذه الكلمات كشف الرئيس الراحل علي عبدالله صالح تدوينه لمذكراته.
وكان قد أوضح قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام- أحد المقربين من صالح- في وقت سابق أن الرئيس الراحل قال في لقاء مع عدد محدود من قيادات حزبه: إنه "بصدد صياغة مذكراته على أن يكون المشروع الأول هو إصدار الجزء الأول من مذكراته لتشمل رحلته وصولا إلى خروجه من الرئاسة، على أن يبقى الجزء الثاني مفتوحا حتى خروجه من المشهد السياسي تماما".
وذكرت مصادر مؤتمرية أن صالح يميل إلى تسمية مذكراته بعنوان (قصتي مع الثعابين)، مؤكدة أن هذه التسمية متسقة مع ما ظل يردده طيلة سنوات من أن حكم اليمن أشبه بـ"الرقص فوق رؤوس الثعابين".
وأكد مقربون من صالح أنه المح إلى أنه لا يريد أن تكون مذكراته نمطية على غرار أغلب زعماء العالم العربي الذين لا يكشفون عن شيء ويتناولون مذكراتهم بصيغة بروتوكولية وبأسلوب دبلوماسي، وإنما يريد أن يكشف الأوراق بدون تحفظ وخصوصا أسرار مراكز القوى التي ارتبطت بسنوات حكمه وانقلبت عليه.
فيما تساءل مؤرخون بحسب قول صالح عن أنه "يريد أن يكشف الأوراق دون تحفظ"، هل يذكر صالح تفاصيل حادثة اغتيال الحمدي؟!، وهل يكشف الخفايا الحقيقية للوحدة اليمنية، وكيف سيتناول حروبه ضد الحوثيين وتحالفه فيما بعد معهم؟!، وهل ستشمل مذكراته السلبيات التي رافقت حكمه أم سيكتفي بذكر الإيجابيات؟!.
فيما أكد مؤرخون بعد لقاءات متعددة مع مقربين من صالح أن المذكرات ستسلط الضوء عن دور حلفائه بالأمس الذين باتوا خصومه وتسببوا في نهاية حكمه، وفي مقدمتهم زعماء قبيلة حاشد من أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والجنرال علي محسن صالح الأحمر، مشيرين إلى أن المذكرات ستكشف الوجه الآخر من الحكاية.
وأضافوا أن مذكرات صالح ستتناول قصته مع السياسة وستغفل حياته الاجتماعية، طفولته وعمله في سوق المخلاص بصنعاء القديمة وعمله في مقهى شعبي عام 1958م قبل قيام ثورة 26 سبتمبر بأربع سنوات، أي قبل وصوله إلى سدة الحكم بعشرين عاما.
كما أكد الصحفي محمد عبده الشجاع أن "هناك (ثلاث نسخ) فقط من المذكرات نسخة لدى الرئيس علي عبدالله صالح في منزله مع وثائق مهمة (أصول)- يرجح أن يكون قد تم الاستيلاء عليها كاملة من قبل الحوثيين عند اقتحام منزله- والنسخة الثانية لا يٌعرف مكانها، أما النسخة الثالثة، فهي بين يدي العميد علي حسن الشاطر، مدير دائرة التوجيه المعنوي ورئيس تحرير صحيفة (26 سبتمبر)".
من جانبه قال الكاتب السياسي سام الغباري: "إن صالح سرد في 12 شريطا أغلب مذكراته وسلمها لعبدالولي الشميري"، متسائلا: هل يعمل الشميري على التسجيلات ليخرجها على شكل مذكرات للعلن؟!.
وتساءل مؤرخون "هل يأتي اليوم الذي ستباع فيه مذكرات صالح (قصتي مع الثعابين) في المكتبات"، مؤكدين أنه حينها سوف يكون اليمنيون مع فصول جديدة من الجدل والاستشهاد، والتحليل، والاستقراء، والتأمل، والإنكار والإقرار بما حمله المحتوى من معلومات، وأحداث على كل الأصعدة، ليظل هذا الرجل محل تباينات أمام أجيال ربما لم تولد بعد!.

صالح واغتيال الرئيس الحمدي
تعد حادثة اغتيال إبراهيم الحمدي رئيس الجمهورية العربية اليمنية السيناريو الذي غير الوجه السياسي لليمن، فقد أكد مؤرخون أن الدوافع الكامنة وراء الاغتيال مبادرة الحمدي الدبلوماسية الشجاعة الرامية إلى اتمام الوحدة مع اليمن الجنوبي، فضلا عن تطلعه إلى بناء اقتصاد وطني قوي.
وقد تناولت تقارير دبلوماسية أميركية وبريطانية حادثة اغتيال الحمدي، وتم نشرها في الصحافة بعد تنحي صالح عن الحكم، وقد أشارت تلك التقارير لاتهامات علنية تجاه صالح وبعض قيادات الصف الأول في حادثة اغتيال الحمدي.
من جانبه أنكر صالح- في لقاءات- لعب أي دور في عملية الاغتيال، وألقى اللوم على عملاء مأجورين لقوى خارجية، وقد هدد صالح- قُبيل اغتياله في ديسمبر 2017 على أيدي القوات الحوثية- بأنه سيكشف عن معلومات تتصل بالعديد من الجرائم، التي جرت باليمن في الماضي ومنها اغتيال الحمدي.
وبهده التصريحات أكد مؤرخون أن صالح سيحاول في مذكراته تبرئة نفسه من اغتيال الحمدي، بينما أكد جمال المليكي الذي أمضى سنوات يتتبع عن كثب المصادر والأدلة المتصلة بقصة الاغتيال، وأخرجها في فيلم وثائقي يحمل عنوان (الغداء الأخير)، تورط صالح في عملية اغتيال الحمدي، حيث تضمن الفيلم أكثر من عشر مقابلات مع مسؤولين يمنيين سابقين، بمن فيهم عبدالله الحكيمي المتحدث باسم المجلس الرئاسي لحكومة الحمدي، إلى جانب إجراء مقابلات مع حراس الرئيس الحمدي نفسه، الذين كانوا برفقته يوم الاغتيال، كما تضمن الفيلم تصويرا فنيا يحاكي ما جرى بمنزل الغشمي، باعتباره المكان الذي شوهد فيه الحمدي آخر مرة برفقة الغشمي وصالح، حيث تجدر الإشارة إلى أن صالح نفسه كان يسكن في منزل مجاور تربطه حديقة خلفية مشتركة مع منزل الغشمي.
وقال محللون إن صالح قبيل مقتله هدد بالكشف عن معلومات تتصل بالعديد من الجرائم، التي جرت باليمن ومنها اغتيال الحمدي، مشيرين إلى أن المعلومات التي ذكرها صالح في تصريحات غير مرة منها أن الحمدي حد من النفوذ السياسي للقبائل في اليمن، وتهميشه للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ تجمع قبائل حاشد، وأحد أهم رجالات السعودية في اليمن، في إشارة منه لضلوع حسين الأحمر في مقتل الحمدي.
وعرض جمال المليكي في فيلمه الوثائقي تصريحا مسجلا لعلي عبدالله صالح عن اغتيال الحمدي، كان قد تم بثه داخل اليمن قبل اغتيال صالح، ويقول صالح فيه: "الحمدي قتله السعوديون وتآمروا عليه، وأنه أشرف على قتله الملحق العسكري السعودي صالح الهديان"، فهل يؤكد صالح اتهامه هذا في مذكراته أم أن اتهامه جاء نكاية بالسعودية التي تقود التحالف العربي ضده وشركائه الحوثيين؟!".
بينما جاء في تقرير السفارة الأميركية بصنعاء أنها أصبحت قادرة على التأكيد كتابيا أن الرئيس الحمدي اغتيل بأيدي ضباط مقربين منه، وسمى التقرير الضباط المنفذين: قائد لواء المجد في تعز علي عبدالله صالح، قائد اللواء السادس مدرع في صنعاء أحمد فرج، وقائد قوات الاحتياط حمود قطينة، واستدرك التقرير أن مصادر استبدلت الاسمين الأخيرين بغيرهما، لكن علي عبدالله صالح ظل اسمه ثابتا في كل الروايات من المصادر كافة.
وأوضح التقرير أن مصادر أبلغت السفارة أن الكابتن محمد الآنسي، سكرتير الغشمي، كان إلى جانب صالح عند تنفيذ الجريمة، وبعد هذه التأكيدات بضلوع في اغتيال الحمدي، فهل يقول صالح الحقيقة في مذكراته؟!.

صالح والوحدة اليمنية
قبل ثلاثين عاما وتحديدا في 22 مايو 1990 وقع علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية، وعلي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي في اليمن الجنوبي اتفاق الوحدة اليمنية، ثم رفع علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض علم الوحدة بعدن في مشهد تاريخي.
وأكد مؤرخون أن صالح منذ انتصاره في حرب صيف 1994 وهو يتغنى بإنجازه الوحدوي في كل المناسبات والاحتفالات، مشيرين إلى أن صالح سيفرد حيزا كبيرا من مذكراته لهذا الإنجاز، مضيفين أنه من هوسه بهذا الإنجاز ألغى دور علي سالم البيض في التوقيع على الوحدة، كما همش دور الرؤساء السابقين في التمهيد للوحدة ومنهم إبراهيم الحمدي وسالمين وعلي ناصر محمد، مؤكدين أن هوسه أوصله إلى أن مسح صورة علي سالم البيض هو يرفع العلم معه في كتاب الوطنية المقرر لمرحلة التعليم الأساسي.
وأشار مؤرخون إلى أن صالح طلب من الرئيس على ناصر محمد مغادرة صنعاء بحسب شرط علي سالم البيض ليصبح علي ناصر محمد أحد مؤسسي الوحدة اليمنية خارج حسابات توقيع الوحدة وكأن صالح والبيض أرادا هذا، فهل ينصف صالح من مهدوا للوحدة اليمنية، وهم الحمدي وسالمين وعلي ناصر محمد في مذكراته ويبرز دور كل واحد منهم، أم تغلب عليه نزعته النرجسية كونه من حقق الوحدة؟!.
وقال المستشار الرئاسي السابق ووزير الخارجية الأسبق، سالم صالح محمد، إن الرئيس علي عبدالله صالح كان معارضا لتوحيد شطري اليمن في إطار كونفدرالي، ويطالب بوحدة اندماجية، مؤكدا أن صالح والبيض اتفقا على الوحدة في (نفق جولد مور)، مشيرا إلى أن البيض قال للجنة المركزية للحزب أنه اتفق مع صالح على وحدة اندماجية.
وتساءل مؤرخون هل سيسرد صالح تفاصيل الوحدة الكونفدرالية والوحدة الاندماجية وأيهما كان أفضل للشطرين، أما سيكتفي بذكر ذكائه السياسي في تغيير موقف البيض من وحدة كونفدرالية إلى وحدة اندماجية؟!.

صالح وتحالفه مع الحوثي
يعد الرئيس علي عبدالله صالح (جوكر التحالفات المتناقضة) فقد تلاعب بكل القوى السياسية وأتي بكل المتناقضات، وكان آخرها تحالفه مع الحوثيين الذين كان يقاتلهم قبلا خلال ستة حروب.
وقد كشف أحمد الصوفي، السكرتير الصحفي لصالح السر وراء تحالف صالح مع الحوثيين وقال: "كان صالح يبحث عن همزة وصل تربطه بأطراف اللعبة السياسية وتحديدا المملكة".
وأكد محللون أن ضمير صالح استيقظ قبل 48 ساعة من مقتله، عندما عرى وفضح مشروع ولاية الفقيه في اليمن وما سببه من أضرار للشعب اليمني والذي كلفه حياته أيضا، حيث كشف محامي صالح عن آخر حوار دار بين صالح وعناصر من جماعة الحوثيين قبل أن يقتلوه بلحظات، وقال: إن "صالح كان يستبعد إقدام الحوثيين على اغتياله، لكنه كان شجاعا عندما واجه لحظة غدرهم به".
وتساءل مؤرخون كيف يمكن لصالح أن يسرد في مذكراته حروبه الست ضد الحوثيين من جهة وتحالفه معهم من جهة أخرى، متعجبين من الكيفية التي سيكتب بها هل سيعترف أنه أخطأ عندما حاربهم أم سيعترف أنه أخطأ حين حالفهم!، ليظل هذا التساؤل محيرا حتى تخرج تلك المذكرات للنور.
ويبقى أحد الأسئلة معلقا بعد مقتله: هل دون صالح اللحظات الأخيرة قبل مقتله بعدما أحس بغدر الحوثيين لتضاف إلى مذكراته؟!.