آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:29ص

ملفات وتحقيقات


الحواشب في ثورة 14 أكتوبر سيرة نضالية عمليات قتالية(الحلقة الثانية)

الأحد - 18 أكتوبر 2020 - 02:59 م بتوقيت عدن

الحواشب في ثورة 14 أكتوبر سيرة نضالية عمليات قتالية(الحلقة الثانية)

(عدن الغد)خاص:

كتب/محمود بن ناصر الشيبي:

2) معلومات عامة 

3) وثائق (ندوة الثورة اليمنية" الانطلاقة ، التطور ، آفاق المستقبل") ثورة 14 أكتوبر ج2 ، ص93 .من مقال ياسين محمد عبيد  تم تصويره في نهاية الفصل العاشر ، وثيقة هامة.

وقد بدأ هؤلاء بشن العمليات السرية وقاموا بضرب قوات الاحتلال في كل من (دار المجباة) و (الملاح) و(القشعة) و (السوداء) وعندما واصلوا عملياتهم التقت معهم مجامع أخرى لتشاركهم الغزوات الليلية ، 00

من هنا أحس الاستعمار البريطاني بخطورة الموقف ، فحاول معرفة هذه الخلايا والعمليات وأرسل أعوانه وعملائه في كل مكان ، وتمكن من معرفة هذه العمليات ومن قائدها ، ولجأت بريطانيا إلى إرسال المساومين والوفود لكسب ود السيد محمد عبيد ومحاولة إغوائه بميزانية كبيرة ، وأن يعود للتدريس والقضاء والصلاح بين الناس ، وأن لا يشعل فتيل نار الثورة , وقد كان رد السيد محمد عبيد ((لا لقد اخترنا طريق الجهاد ومواصلة النضال وقد سمعت شروطهم جميعاً فإن أردتم عدم إشعال فتيل النار قبل قتلكم فعليكم الرحيل من هذا الوطن سلماً ، وإن أردتم غير ذلك فلا تلومون إلاّ أنفسكم والنضال قائم))4 . فما كان أماهم إلاّ محاولة اغتياله بأسرع وقت ممكن فقاموا بمطاردته هو ومن التف حوله من المناضلين  فانسحب إلى منطقة (الحاضنة) لقربها من جبال (صهيب) و (الزرق) في ردفان وتنقل بين مناطق الفكر والرقة ، ولكنهم لم يتوقفوا عن مطاردته ومن معه فلجأ هو ومن معه ، فاستخدمت ضده الطيران حتى أن بعض قنابل الطيران لم تزل موجودة إلى الآن ، وعندما رأى بأن الإمدادات التي كانت تصله هو وزملاءه قد قطعت من جراء الحصار الذي فرض من قبل الاستعمار على الجبال ، حتى منعوا الرعيان أن يتوجهوا بأغنامهم إلى تلك الجبال التي لجأ إليها ، وحتى لا يصل إليه أي مدد من ممتلكاته الخاصة فما كان أمامه إلا التحرك بمن معه من المجاميع من الـ 36 آنفي الذكر ، وكذلك المقاتلين الجدد الذين انضموا إليه بعد ذلك ، لم يكن أمامه إلاّ التحرك صوب المشائخ الذين معه ببنادق (جرمل أبو شمس) ، أما البقية فقد صرفت لهم أسلحة قديمة أسمها (صابة وهرتي) أبو حبة وعادوا لمواصلة المناوشات ولكن الذخائر لم تكن كافية للاستمرار فترة طويلة . وكانت معركة (قرن جدلجة) من أهم المعارك ، حيث تم فيها إسقاط هيلوكبتر ، وقام الثوار بعد ذلك بالانسحاب لأن البريطانيين سوف يقومون بتمشيط المنطقة جواً وبراً ، ولكنهم بالغدر سوف يطمئنون عندما لا يجدون أحداً سيذهبون للتأكد من الطائرة المحطمة وسوف يوضع لهم كميناً ليلحق بهم أكبر ضرر ممكن وقد يكون أكثر من معركة الأمس التي أسقطت فها الطائرة ، وبالفعل تحقق ما خطط له . 

إيقاف العمليات المسلحة :- 

هدأت المناوشات وهدأت  بريطانيا من المطاردة وبدأ المناضلون يشعرون بالأمان والعودة إلى القرى ويقومون بمزاولة أعمالهم في الفلاحة وبناء مساكن خاصة لهم وأسرهم وما كان هذا الهدوء إلاّ الذي يسبق العاصفة من قبل الاستعمار ، فلقد أعدوا العدة لمداهمة الشهيد محمد عبيد في قرية (دار الأشراف) لقتله أو أسره إن أمكن ، فحركوا له جيشاً مدعماً بالطيران والدبابات . فتحركوا ليلاً من العند والحبيلين ، وعندما علم السلطان فيصل بن سرور الحوشبي بذلك أرسل صالح مسعود لإبلاغ السيد محمد عبيد بسرعة الهرب هو وأسرته ومن معه حتى لا يقع بين أيدي قوات الاحتلال البريطاني ، وقطع (صالح مسعود) المسافات الطويلة جرياً حتى وصل بعد أذان الفجر وهو لا يستطيع أن يتكلم من الجهد والإرهاق وارتمى على الأرض وطلب الماء وكان يتمتم بكلمات لم تفهم من كثرة التعب الذي أصابه ، وبعد أخذ قسط من الراحة صاح بأعلى صوته أهربوا قوات الاستعمار قادمة إليكم اتركوا كل شيء وانجوا بأرواحكم ، لم يكن بعد ذلك إلاّ في حدود ساعات  معدودة إلاّ وطوقت الدبابات البريطانية القرية بكل معداتها العسكرية وبغطاء جوي وناري تابع للقوات البريطانية .. لقد وقعت ياسيد محمد عبيد وليس هناك داع للمقاومة فأنت محاصر من كل الجهات .. لكن سلم نفسك حتى تسلم أفراد أسرتك وأولادك ومن معك ، فحاول معظم المناضلين الذين كانوا موجودين معه عمل دروع بشرية حتى لا يتعرض لأذى ، فخرج برباطة جأشه كعادته مبتسماً يقول لمن حوله اهدؤوا فإن الله معنا ولعل الله أن يكتبنا في قوافل الشهداء .. وسوف تقوم كل القبائل بإشعال ثورة على مقتلي وإن نصرنا الله في هذا اليوم وتمكنا من الانسحاب فإنها صفعة قوية للقوات البريطانية فكل الأمور لصالحنا وأرسلوا له الميكروفون ليخاطبهم بسلامته .. وكان بين مد وجزر  يستدرجهم لبعض من الوقت حتى تهب القرى المجاورة ، فهب أبناء القرى المجاورة من كافة مناطق الحواشب وردفان والظنابر رجالاً وناس وأطفالاً بعض منهم بأسلحتهم ، والبعض الآخر مع النساء والصبيان بالفؤوس والحجارة وشكلوا طوقاً على قوات الإنجليز فأصبحوا محاصرين من كل مكان ، فقال لهم : " أنتم حاصرتمونا ولكنكم أصبحتم محاصرين فإن أردتم قتلي ومن معي لن ينجو منكم أحد " فنظروا إلى الخلف رأوا الجبال والوديان تهج بالقبائل يرددون الأهازيج الثورية وطلب الشهادة ، فما كان من قائد القوات المهاجمة إلا أن قال : نحن بوجهك ياسيد محمد عبيد ، أمن طريق خروجنا أشعرهم بعدم إطلاق النار حتى يتم انسحابنا ، قال لهم : ما تركنا هذه الفرصة تفوت من قتالكم أو أسركم بسبب النساء والأطفال وأطلب منكم الآن الاتصال لقواتكم الجوية بالانسحاب ، وعدم الضرب ويكون 

4) ياسين محمد عبيد صحيفة الجمهورية الثلاثاء  15شوال1429هـ الموافق 14/10/2008م العدد1224ص16

تأمين خروجكم بشكل انسيابي مع خروجنا نحن حتى لا تكرروا عدوانكم فكلما ابتعدنا عنكم بمسافة يتم الإفراج عن جزء منكم " وهكذا كان الانسحاب إلى قمم الجبال . وبعد هذه الحادثة توجه ليلاً إلى منطقتي (ماوية وجرانع) القريبة من تعز وانتقل ليلاً في الجبال الوعرة وكانت أول الضحايا ابنته (طفلة في السابعة من عمرها) ماتت إثر لدغة ثعبان وعندما قام رفاقه بمواساته وتعزيته ابتسم وقال : --((لله ما أعطى ولله ما أخذ ، وما هذه إلاّ تضحية بسيطة تقدم في سبيل الكفاح ، فليتوقع الجميع أن النضال ليس سهلاً وأننا سوف نواجه الكثير من المآسي والتضحيات حتى يتحقق النصر بإذن الله (وقابل في هذه الرحلة الشيخ محمد المغربي فانضم هو ورفاقه إلى قيادة السيد محمد عبيد بعد أن زوده بالأكل والشرب لمواصلة الرحيل معهم على غير هدى ولا يعرفون إلى أين وماذا ينتظرهم .. وعند دخول الحدود الشمالية تقدمت الشيوخ في المناطق التي كانت على الطريق بعد سماعهم بالقوات البريطانية التي عادت مذعورة بعد محاولتها أسر وقتل محمد عبيد بسيارته ومن معه ، وفي كل منطقة كان يمر بها يبدون استعدادهم الكامل لإعطائه منازل وأراض ، وأن يبقى عندهم ليتقاسموا لقمة العيش سوياً . وكان معه الشيخ علي لطف هريش ، والشيخ أحمد عواس ، وكان يقول ((لهم هذا من شيمكم وكرمكم ولكني أود أن أبقى قريباً من الحكومة في تعز لعل الله يهيئ لنا غوثاً أو مدّاً فرافقوه ،)) وكان يقابل بحفاوة في كل قرية يمر بها وكان يقول لمناضلين أنها بشارات خير وأظن هذه المرة بأن الفرج قادم حتى وصل إلى قرية تسمى (جرانع) بالقرب من (الجند) في (تعز) فخرج لاستقباله شيخ تلك المنطقة وكان على رأسهم الشيخ عبدالله محمد هاشم والشيخ محسن محمد هاشم والشيخ الشهيد عبدالجليل محمد هاشم ، وسلموه دار الشعب وجميع الأراضي الزراعية التي تحيط به وقالوا له هذا المنزل لك أنت وأسرتك وهذه الفرق التي تحيط بهذا المنزل لأصحابك ومكث عندهم قرابة ستة أشهر.