آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:18م

ملفات وتحقيقات


ما سبب احتلال البريطانيين "جزيرة كمران " .. وماذا منع الألمان من دخول البحر الأحمر ؟

السبت - 15 أغسطس 2020 - 02:41 م بتوقيت عدن

ما سبب احتلال البريطانيين "جزيرة كمران " .. وماذا منع الألمان من دخول البحر الأحمر ؟

عدن(عدن الغد)خاص:

متابعة وترتيب / الخضر عبدالله:

تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها اللالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة ) للرئيس علي ناصر محمد .

وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .

وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .

حيث يذكر لنا في مذكراته عن وقائع وأحداث وتغيرات المت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م ) حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات نسردها في أثناء السطور وإليكم ما جاء فيها ..

ما حقيقة سجن محمد علي باشا في جزيرة كمران

وحول احتلال برطانيا لجزيرة كمران ومنع الألمان من دخول البحر الأحمر هو حديث سيادة الرئيس علي ناصر لنا في هذا العدد حيث قال :" احتلّ البريطانيون الجزيرة للمرة الثانية عام 1915م نظراً لأهميتها الاستراتيجية(1) ، ولمنع وصول الإمدادات التركية إلى اليمن ومنع الألمان من دخول البحر الأحمر، ولاستخدامها قاعدةً لمراقبة الموانئ المجاورة، ويقال إنه سُجن في هذه الجزيرة باني مصر الحديثة محمد علي باشا، وجدّدها الملك فاروق.
الجوّ جميل، والطقس رائع. امتلأ صدري بنسيم البحر العليل وبدفء أبناء جزيرة كمران السمر ذوي النفوس الطيبة والأفئدة الرقيقة والقلوب الليّنة. الطيبة، نبع الصدق، النبل، الكرم، الأخلاق. صفات تميِّز أبناء هذه الجزيرة وسُكان تهامة، فهم من الذين ينطبق عليهم حديث الرسول "صلّى الله عليه و سلم" إنهم ألين قلوباً وأرقّ أفئدة.

منع اصطياد الغزلان بالجزيرة لهذا السبب ؟

ويسترسل بالقول :" ومقارنةً بجزيرة "ميون" التي كنّا قادمين منها، تتميز جزيرة "كمران" بالحركة والنشاط الزراعي، وتعيش فيها طائفة من الحيوانات البرية كالغزلان وحمر الوحش، ويغلب على حياة السكان طابع الألفة والتقارب. لكن الأمر الذي أحزنني جداً، أنني وجدتُ رؤوس غزلان على أطباق الطعام التي قدموها إلينا بالإضافة إلى رؤوس خراف، ربما مبالغةً في تكريمنا. وقد قيل لي إنّ آلاف الغزلان وحمر الوحش كانت تعيش في الجزيرة، وكانت محميّة، حيث كان الضابط البريطاني يمنع اصطيادها، وتكاثرت إلى أن وصلت إلى أكثر من 15000 غزال، لكن بعد رحيله أخذت تتعرض للقتل والإبادة من قبل الأهالي بلا رحمة. وقد تألمتُ كثيراً لذلك، وأمرتُ بمنع اصطيادها حمايةً لهذه الثروة الحيوانية بعد أن رأيتُ كيف يلاحقونها بسيارات "لاند روفر"، وهي تركض هنا وهناك مذعورةً قبل أن تسقط برصاص البنادق.

حمار الوحش والغزلان بالجزيرة من سبب انقراضها ؟


ويشير في الحديث :" وبأسف شديد، فإنني عندما عدتُ لزيارة الجزيرة مرةً أخرى في شباط/ فبراير عام 1997م، لم يكن قد بقي فيها غزال أو حمار وحشي واحد، إذ انقرضت جميعها على أيدي القناصين، ولم أجد أثراً للأرشيف الذي تركته تركيا وبريطانيا، وكذلك أرشيف الجبهة القومية الذي يحتوي على كثير من الوثائق المهمة التي كان يجب الحفاظ عليها.
تقع جزيرة كمران على بعد 200 ميل شماليّ جزيرة بريم (ميون)، وتتحكم برأس الكثيب وشبه جزيرة الصليف، وتبعد عن الصليف مسافة 6 كيلومترات على الساحل اليمني المطل على البحر الأحمر. وقد احتلتها بريطانيا عام 1915 م بعد التهديد الذي شكله دخول تركيا الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا. وبمقتضى "معاهدة لوزان" التي وُقِّعت عام 1923م، انتهت بنحو قاطع سيادة تركيا عليها وعلى غيرها من جزر البحر الأحمر، وكانت تحكمها الإمبراطورية العثمانية التي تنازلت عنها للدول المتحالفة، على أن تقرِّر مصيرَ هذه الجزر الأطرافُ المعنية بالأمر، كما قضت المادة السادسة عشرة من المعاهدة، دون أن يجري في الواقع تحديد تلك الدول المعنية، الأمر الذي ترك السيادة على هذه الجزر موضع تنافس بين الدول الاستعمارية، رغم أنّ معاهدة "لوزان" أشارت إلى إشراف بريطانيا مؤقتاً على الجزر، لغرض استخدامها محجراً صحيّاً للحجاج الذين يتوجهون إلى ميناء "المدينة" شمالاً. غير أنّ لندن انتهكت المعاهدة عام 1949م حين أعلنت أنّ هذه الجزر جزء من ممتلكاتها الإمبراطورية. واستمرت الحال حتى الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر 1967م، حيث آلت سيادتها إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية. وكانت زيارتي لها بمثابة تدشين لعهد السيادة اليمنية الجنوبية على الجزر.

لهذه الأسباب تم البحث عن الأوضاع السياسية والعسكرية

واثناء وصوله إلى الجزيرة يواصل ويقول :" فور وصولنا إلى الجزيرة صباح الخامس عشر من كانون الأول/ ديسمبر، اتجهنا صوب دار الشعب، تلك الدار التي كان يحلّ فيها الحاكم البريطاني، لنرتاح ونُعدّ برنامج العمل. وفي المساء عقدنا اجتماعاً مع المسؤولين في الجزيرة، بحثنا فيه الأوضاع السياسية والعسكرية ومتطلبات الجزيرة من الخدمات العاجلة. وفي صباح اليوم الثاني قمتُ مع فريق العمل بزيارة تفقدية لعدد من قرى الجزيرة. وما زلتُ أتذكر أنّ امرأة قروية كادت تشارف على الموت جراء نزف تتعرض له من ولادة عسيرة، فقام المساعد الصحي والممرض اللذان كانا في قوام الفريق بواجب الإسعاف الفوري لها، وأنقذاها من الموت المحقَّق، وقد تساءلتُ في نفسي:
ويضيف بالقول :" كم من أبناء الجزيرة مروا بمثل هذه الحالات، فقضوا نحبهم بسبب غياب الخدمات الصحية، ولم يجدوا من ينقذهم؟
اتخذنا، في هذه الأثناء، قراراً بالشروع في توسيع الخدمات الصحية في الجزيرة دون إبطاء، وإعادة بناء محطة تقطير المياه التي توفّر مياه الشرب الصحية للمواطنين وتشغيلها، وكان البريطانيون قد هدموا تلك المحطة وعرضوا محتوياتها وأنقاضها للبيع، قبل أن يرحلوا عن الجزيرة. وكنا قد قررنا أيضاً بناء مدرسة لتعليم الأطفال.


ويختتم حديثه بهذه الحلقة قائلاً :" وفي ختام تلك الزيارة، عقد الوفد اجتماعاً مسائياً بهدف تقويم الجولة بصورة عامة، وإيجاد السبل الكفيلة بمعالجة مشكلات هذه الأجزاء من بلادنا اليمنية، والتخفيف من معاناة سكانها. وتوصلنا إلى اقتراح أولي يقضي باعتماد تقسيم إداري، تكون بموجبه جزيرة "ميون" عاصمة لمحافظة الجزر، لأهمية موقعها الاستراتيجي.
وفي مساء اليوم التالي، 17 كانون الأول/ ديسمبر، أقامت القيادة المحلية للجبهة القومية مهرجاناً جماهيرياً في جزيرة كمران، ألقيتُ فيه كلمة تناولت أهمية تطوير الجزيرة والنهوض بها، باعتبار أنّ هذا من مهمات الثورة إنمائياً ووطنياً. وأشرتُ إلى أنّ عملية التطوير والإنهاض لا يمكن أن تتحقق دون مشاركة أبناء الجزيرة فيها.


---------------------------------------------
هوامش /

1- إنها جزيرة كمران التي تبعد عن سواحل اليمن الغربية بحوالي ستة كيلو مترات من بعض أجزائها فيما تقترب من الساحل اليمني من جهات أخرى وتعد كذلك من أكبر الجزر اليمنية من حيث مساحتها التي تقدر بـ101كم2 فيما يصل عدد سكانها نحو 11 ألف نسمة حيث تحتضن الجزيرة عددا من القرى المأهولة مثل فراع ويمن ومكرام . وقد أتى اهتمام المؤرخين نتيجة لأهمية الجزيرة الإستراتيجية التي كانت بحسب العديد من المؤرخين من أكثر المناطق اليمنية التي تعرضت للاحتلال إذ احتلها البرتغاليون عام 1513م قبل أن يدخلها المماليك في العام 1515م ، ليعود البرتغاليون لاحتلالها مرة أخرى في العام 1517م بقيادة لوب سوليز وقد احتلتها بريطانيا للمرة الأولى في العام 1867م قبل أن يطردهم منها العثمانيون عام 1882م ليؤسسوا فيها محجراً صحياً للحجاج حتى عادت بريطانيا لاحتلالها مجدداً في الحرب العالمية الأولى عام 1915م، حيث عينت مندوباً لإدارتها بالرغم من أنها لم تعلن ضمها لملكيتها. وعلى الرغم من ذلك تعد الجزيرة إحدى أهم المحميات الطبيعية التي تضم عددا من الأشجار والطيور النادرة والغابات الخضراء العائمة على الماء وتشتهر الجزيرة بوجود عدد كبير من أشجار المنجروف وأشجار الدوم والنخيل والأعشاب والشعب البحرية ، والإسفنج وقنافذ البحر والسلاحف والشعاب المرجانية. كما يوجد في الجزيرة العديد من الحيوانات مثل الجمال والغزلان والكثير من أنواع الطيور المهاجرة وتؤكد المعلومات الرسمية البريطانية أن الجزيرة كان فيها حوالي 20 ألف غزال في نهاية الستينيات.. ومن أجمل الأماكن الطبيعية التي تزخر بها الجزيرة الواحات الخضراء للعديد من أنواع الأشجار كما هو الحال في الوادي الذي يطلق عليه "حديقة باريس".كما تعد الجزيرة إحدى أهم مناطق الجذب السياحي حيث يقصدها السياح من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة وممارسة عدد من الرياضات المائية مثل السباحة والصيد والغوص.