آخر تحديث :الأربعاء-17 أبريل 2024-01:30ص

ملفات وتحقيقات


بعد تدفق السيول على دلتا أبين ومانتج عنها..شبكة ري دلتا أبين بين إسهامات الأمس ومعاناة اليوم

الخميس - 13 أغسطس 2020 - 09:40 م بتوقيت عدن

بعد تدفق السيول على دلتا أبين ومانتج عنها..شبكة ري  دلتا أبين  بين إسهامات الأمس ومعاناة اليوم

ابين (عدن الغد ) إستطلاع /نايف زين ناصر :

أمام  ماشهدته  منطقة دلتا أبين الزراعية  بمديريتا زنجبار وخنفر بمحافظة أبين من تدفق كميات كبيرة من السيول التي  منّ الله بها على أراضي منطقة الدلتا  زنجبار وخنفر  خلال الأيام والأسابيع الماضية  وما نتج عن  هذه السيول من ري جزء من  المساحات الزراعية في مديريتا  خنفر وزنجبار بجزء من هذه السيول  وكذا  ذهاب  الجزء الأكبر من هذه السيول   هباءاً إلى البحر وكذا ماسببته هذه السيول  من أضرار كجرف أراضي مزارعين  وأضرار طالت طرق وقنوات ري وجسور   وحتى طالت بعض القرى والتجمعات السكانية في المديريتان  وأضرار أخرى أمام كل هذا   أطلت  من الكثيرين عبر مواقع التواصل الإجتماعي وغيرها  مناشدات  بضرورة إعادة  الدور السابق للري وشبكة الري في دلتا أبين   وكذا وضع المعالجات ولو على مراحل للإستفادة من الكميات الكبيرة  التي تذهب للبحر كل عام وهذا العام تحديداً وذلك  خدمة للقطاع الزراعي الذي إشتهرت  به دلتا  أبين  منذ القدم كما  أطلت كذلك  مقارنات وأحاديث  وتناولات  تاريخية  و توثيقية  بين الواقع  البهي  والدور الكبير  لشبكة ري دلتا أبين واللجنة الزراعية  سابقاً   وبين الحاضر المؤلم والواقع المؤسف للري وشبكة ري دلتا أبين  حالياً  فإلى الحصيلة.

بدء استصلاح أراضي الدلتا

الأستاذ القدير منصور محمد العطوي  المطلع  بتاريخ منطقة الدلتا والمحطات التي مرت بها منذ حقبة  ستينيات القرن الماضي وماتلاها  إلى اليوم وكذا  إلمامه بتاريخ منطقة الدلتا (مديريتا زنجبار وخنفر حالياً) (سلطنتا الفضلي واليافعي سابقاً) خلال أريعينيات وخمسينات القرن الماضي  ومن واقع  إلمامه  وإطلاعه وعمله قبل عقود كمعلم  ومربي أجيال وكذا كمسؤول في  الإرشاد الزراعي بجعار تحدث قائلاً :

بعد إندلاع  الحرب العالمية الثانية ونهايتها  عام 1945م  وبما أفرزته من نتائج جديدة وبدء ظهور  حركة المد القومي في عدداً من الدول العربية  لجأت إظطرت بريطانيا كدولة عظمى لتسليم   بعض المستعمرات ومنها  الهند التي نالت إستقلالها  وبعد ذلك  مصر  والسودان  ونظراً لأن مصانع النسيج الإنجليزية في عدداً من المدن الإنجليزية كانت تعتمد على قطن مصر والسودان بدرجة أساسية ونتيجة لما سبق قامت  بريطانيا  بجلب عدداً من الخُبراء الإنجليز الذين نفذوا مشروع "القاش" في السودان ونقلهم إلى أبين لإستصلاح الأراضي البور في منطقتا "الفضلي واليافعي" السلطنتان الرئيسيتان في الأربعينات وحرصت  وركزت  بريطانيا  على زراعة القطن طويل التيلة في دلتا أبين نتيجة خصوبة أراضي الدلتا أما في لحج فحرصت  على  القطن قصير التيلة  وتولى إدارة المشروع في الدلتا   الإنجليزي  "كيفين توني" عبر تأسيس لجنة أو مجلس إدارة للمشروع  من ثمانية أعضاء (3) من الفضلي و (3) من اليافعي والضابط السياسي في المنطقة عضواً والمدير العام رئيساً لمجلس الإدارة   وتولى إدارة الفروع خبراء إنجليز  يساعد كل منهم موظف محلي حيث تم  تأسيس ما يلي:

الإدارة العامة وكانت  تتكون من مكتب المدير العام وقسم التوظيف وقسم حسابات المزارعين والعلاقات العامة وكذا إدارة بناء الإدارة العامة ومساكن الخبراء وإدارة النادي للضباط الإنجليز على سطح جبل خنفر بمدينة جعار  هذا في البداية  ثم إنشاء مساكن الخبراء تحت جبل خنفر بجعار  والمساعدين العرب والإدارات ومساكن متواضعة لحرس الإدارات والجسور مثل "حافة الحكومة" جعار والجسور ومحطة الكهرباء   وفي منطقة "حلمه" شمال مدينة الحصن بُنيت منازل للخبراء وبعض فروع الإدارات على قمة جبل "حلمه" وايضاً إدارة حفر الأعبار وقنوات الري بطول مئات الكيلومترات في طول وعرض المنطقة.

مشروع شبكة الدلتا مثّل دفعة كبيرة للزراعة

ويتابع الأستاذ القدير منصور العطوي حديثه عن تأسيس شبكة دلتا أبين  قائلاً :

شارك في الحفر لمشروع شبكة الدلتا أكثر من (2000)عامل  وكان يتم الحفر يدوياً بـــــ"المضرب والحجنة والزنبيل" وبإستخدام الأبقار  بإشراف الضابط الإنجليزي ذائع الصيت  هو الإنجليزي "هارتري" يساعده السيد عيدروس بن زين الوهطي الملقب "ديجول"  وطبعاً مشروع شبكة دلتا أبين  مثل دفعة كبيرة للزراعة والري  في مناطق الدلتا  لاسيما جعار وزنجبار و طبعاً  المناطق الزراعية  في الدلتا معروفة منذ القدم حتى قبل إنشاء شبكة الري  بأنها واحدة من أخصب الأراضي   و قبل أربعينيات القرن الماضي كانت الشبكة  عبارة  عن شبكة تقليدية  قديمة وبإقامة مشروع شبكة الري وتأسيس لجنة أبين الزراعية ومشروع السنت وزراعة وتصدير القطن طويل التيلة ذو الجودة العالمية إلى مصانع القطن في بريطانيا  حققت الدلتا نهضة زراعية وإقتصادية وتعليمية وثقافية وفي جوانب أخرى  لايختلف عليها إثنان وكانت مناطق الدلتا ورش عمل وخلايا نحل تعمل  نهاراً وليلاً  ونشير  أن  نازعة في جعار سميت  باسم الإنجليزي "هارتري" ويطلق عليها " العامة هارتلي" إلى اليوم وعُبر آخر يروي جزء من  أراضي منطقة الفضلي سمي باسم المشرف  عليه أثناء المشروع وهو  الإنجليزي ميكلان ويسمى إلى اليوم بــ"عبر ميكلان"  كما تم إقامة  إدارة بناء الجسور وقنوات الري لتصريف مياه الأعبار الرئيسية بأكثر من (500) عامل تحت إشراف الضابط الإنجليزي "دوين" يساعده المرحوم صالح فضل الصلاحي كما تم إقامة  إدارة بناء الورش والمستودعات ومحلج القطن ومعاصر بذرة القطن وصوامع الحبوب وفرن التبع بإشراف "كلافكس" وكذا إدارة أبحاث الكود والمختبرات الزراعية ومساكن الخبراء والفنيين وإستصلاح حقلي التجارب الزراعية في الكود وتحت جبل خنفر بمساحة(100) فدان لإجراء التجارب الزراعية على أكثر أصناف بذور القطن والحبوب والخضار والفواكه  للحصول على أجود انواع البذور والتوسع في زراعتها.

منظومة ومكونات الدلتا إنتهت اليوم

ويختتم الأستاذ منصور العطوي كلامه بالقول :

الحديث طويل ومتعدد الجوانب  عن شبكة ري دلتا أبين ولجنة أبين الزراعية والمقارنة بين الماضي الوضاء و الجميل والحاضر  المؤلم والمرير  وأنتقل الآن إلى موضوع السيول التي منّ الله بها على منطقة الدلتا بعد تدفق كميات كبيرة من السيول من واديي بنا وحسان  خلال الأيام والأسابيع الماضية  وتحديداً خلال شهري يوليو وأغسطس 2020م وطبعاً هذه السيول وأن كانت قد روت أراضي لم تروى من قبل حد علمي  وما واكب هذه السيول من أضرار وجرف لأراضٍ  زراعية وأضرار طالت بعض الطرق والتجمعات السكانية إلا أن  هناك حقيقة مرّه وهي أن هناك أراضي  زراعية للأسف لم تصلها مياه السيول الأخيرة   وذهبت كميات كبيرة   لايستهان بها من السيول إلى البحر وطبعاً تابعت وأتابع  بعض الجهود التي بذلت في مجال الري والزراعة  في الدلتا خلال الفترة الماضية إلى اليوم لكن الموضوع كبير ويجب أن نتحدث بصراحة ونقول أن  بنية الري التقليدي منظومته ومكوناته التي كانت قائمة منذ الأربعينات وماتلى ذلك  إلى حقبة بداية التسعينات هذه البنية والمنظومة  تدمرت و إنتهت .

 وأن كان من  كلمة حق وأمانة  نوجهها للسلطة المحلية في محافظة أبين والسلطتان المحليتان في مديريتا الدلتا خنفر وزنجبار وغيرها من الجهات المختصة فأنا أقول   أن أمام الجميع مسؤولية جسيمة لوضع لبنات حقيقية وأساسات أولية  لإعادة مجد دلتا أبين وشبكة الري  والزراعة في الدلتا  يجب على وجه السرعة تدارس  إنشاء لجنة زراعية  لانقول أنها ستقوم بما كانت تقوم لجنة أبين الزراعية ذائعة الصيت  لكن هذه اللجنة يجب أن تتشكل و تقف بشكل مسئول وحقيقي  على واقع الري والزراعة في الدلتا  ومعرفة مكامن الألم والتوجه لزرع الأمل  بوضع الرؤى والخطط والإهتمام بالري .

وتوفير جزء من منظومته السابقة  وتوفير الحد الأدنى من إحتياجات الري السيلي  وإصدار نشرة أو مجلة تهتم بالزراعة والري وتترجم للإنجليزية وإطلاع الكل على خصوصية ومميزات ومقومات الدلتا الاستثنائية نتمنى  وضع رؤى صحيحة بعيدة عن العشوائية والتخبط   فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة وخطوات  فشبكة الري لو تأهلت ولو بجزء مهم منها  و لو تمت  توجهات صحيحة في هذه الجوانب ستعود للدلتا إبتسامتها الجميلة و  ستكون  الزراعة  ثروة كبيرة للدلتا وللجنوب.

   مثلما كانت سابقاً وستنتعش مناطق الدلتا وستتوفر آلاف من فرص العمل للعاطلين  نتمنى أن يرى مشروع سد حسان  وملحقاته   النور لما من شأنه أن  يسهم في ري مساحات زراعية شاسعة في إطار الشبكة ونتمنى  إعادة تأهيل سد باتيس وملحقاته  بما يساعد في إستصلاح وري آلاف الافدنة وقد تابعت  جزء من جهود قيادة السلطة المحلية في مديريات خنفر ممثلة بالأخ الشيخ ناصر عبدالله المنصري مدير عام خنفر  وسعيه الحثيث وجهده الطيب هو وغيره   في النزولات الميدانية وتوجيه بعض المنظمات الدولية  وغيرها لجانب الزراعة والري وإعادة تأهيل الجزء المتضرر  من طريق باتيس كبث  في مديرية  خنفر وغيره  وننأشد بسرعة تأهيل هذا الجزء المتضرر المعرض للإنهيار في أي لحظة.

 وطبعاً  من  المعروف عن خنفر  كبر مساحتها وكثافة سكانها ومساحاتها الزراعية الكبيرة جداً  ونأمل في هذه الجزئية زيادة  توجيه عمل المنظمات الدولية  من قبل كل الجهات المختصة فيها وفي  أبين و زنجبار  للري والزراعة في  وإصلاح الطرق والجسور وطبعاً نعلم الواقع العام والظروف المعاشة لكن رغم كل هذا  ندعو للسعي الحثيث وبذل مايمكن بذله  بما يخدم الزراعة والري ولو على مراحل كما  ندعو في ظل التطور الإعلامي الهائل ومواقع التواصل الإجتماعي إلى زيادة التغطيات الإعلامية النوعية التوثيقية والهادفة  على الزراعة والري في دلتا أبين وإجراء تغطيات وإستطلاعات ولقاءات مكثفة ومتواصلة  مع المسئولين و المختصين و المطلعين والملمين بهذا الجانب الذي أعتبره أهم جانب في أبين ولنا أحاديث  أخرى قادمة و مهمة  ولكم تقديري.

إستصلاح أراضي الدلتا كان  له عدة أسباب

الأخ الأديب والشاعر والإعلامي والأكاديمي الأستاذ محمد ناصر العولقي الملم بتاريخ الدلتا   تحدث  عن  تاريخ مدينة جعار و لجنة أبين الزراعية ذائعة الصيت  المشتركة بين الفضلي واليافعي ( أبين بورت ) سابقاً  قائلاً :

يحتاج الحديث عن قصة لجنة أبين الزراعية  بمفرده الى مجلدات نظراً  لتشعبّه وإرتباطه بكثير من الأحداث المحيطة به سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً  وأمنياً وخلاف ذلك... إنّها قصة التاريخ الحقيقي لتأسيس مدينة جعار وتطورها الحضاري من كافة الجوانب وقصة النهضة التربوية والتعليمية والحضارية والتمدن بشكل عام في دلتا أبين غير أننا هنا سنحاول إضاءة العتبات الرئيسة في هذا التأريخ المجيد للجنة أبين الزراعية .

ففي الأربعينيات كانت المنطقة قد شهدت صراعات متوالية بين السلطنتين اليافعية والفضلية ونزاعات لا تنفك بينهما على الحدود وحاولت بريطانيا عبر ضباطها السياسيين التدخل مرات ومرات للحد من هذه النزاعات والصراعات المسلحة دون جدوى حتى أن أحدهم قال : ( لن تتوقف هذه القبائل عن الحرب في ما بينها حتى ينتهي آخر فرد منهم )   ثم فكرّت تفكيراً آخر جاء مواكباً لتطورات سياسية كانت تشهدها مناطق أخرى من المستعمرات البريطانية أهمها إستقلال الهند .

فجاءت فكرة إستصلاح الأراضي الزراعية في منطقة دلتا أبين وجعار وتأسيس نظام ري حديث فيها ليشكل من ناحية رابطاً إقتصادياً  بين السلطنتين وينظم ويقسم حصة كل سلطنة من عملية الري وهو السبب الجوهري للنزاع والصراع المتكرر بينهما ومن ناحية أخرى يؤمّن لمصانع النسيج في ليفربول ولانكشتر ببريطانيا ما تحتاجه من الذهب الأبيض ( القطن ) بعد خروج بريطانيا من الهند ومنحها إستقلالها .

فبدأت بريطانيا في بداية الأربعينيات من القرن الماضي عملية إستصلاح الأراضي الزراعية بواسطة البقر ولعل المبدع اللحجي الكبير أحمد فضل القمندان قد أشار الى هذا العمل في أغنيته الشهيرة ( يافل يا عود ) عندما قال في أحد مقاطعها :

شن المطر والسيل دفّر

والطين ساقي خاف يوفر

عاد البقر من شق ( خنفر  )

با جيبها

يا قلبي تصبّر.

ويتابع الأستاذ محمد العولقي  حديثه قائلاً :

كانت عملية ألإستصلاح في خنفر حينها هي نواة تشكيل ما أصبح يعرف ب ( لجنة أبين الزراعية المشتركة بين اليافعي والفضلي ) أو ( أبين بورت )  وكان المسؤول عن هذا العمل هو الضابط السياسي والمهندس الزراعي الإنجليزي براين هرتلي الذي أصبح لاحقا أول مدير عام تنفيذي للجنة أبين الزراعية  عند تأسيسها رسمياً  عام 1947 م وكان يسكن هو ومجموعة الإنجليز المصاحبة له في جبل خنفر.

 وأصبحت مرافق اللجنة كلها تقريباً في هذه البقعة أعلى جبل خنفر وأسفله من الناحيتين الشمالية والغربية .

وقد تأسست لجنة أبين رسمياً  عام 1947 م بقرار من حاكم عدن البريطاني وكانت مهمتها الأساسية هي رعاية وتشجيع وشراء وحلج وتسويق منتوج الذهب الأبيض ( القطن ) طويل التيلة الذي كانت زراعته ناجحة جداً  في المنطقة وكذلك مربحة جدا للمزارع وللجنة ولمنطقة دلتا أبين التي أصبحت خلال الخمسينيات والستينيات أغنى منطقة في محميات عدن الشرقية والغربية تقريباً  بفضل هذا المشروع الاقتصادي العملاق .

وقد لعبت لجنة أبين دوراً حضارياً كبيراً في المنطقة من خلال مشروع السنت الثقافي حيث كان يستقطع على كل مزارع سنت واحد من قيمة كل رطل قطن يبيعه للجنة ومن عوائد هذا المشروع بنيت المدارس والخدمات الأخرى في المنطقة وأبتعث الطلاب من السلطنتين اليافعية والفضلية الى الخارج وهناك إضاءات كثيرة ومهمة ترتبط بشبكة دلتا أبين ولجنة أبين الزراعية مثلما ذكرت سابقاً  وفي مايلي كشف بأسماء الإنجليز الذين تعاقبوا على إدارة لجنة أبين منذ تأسيسها عام 1947م حتى عشية الإستقلال عام1967م كما يلي وبالترتيب :

المستر هرتلي (من  1947م إلى 1949م ) - المستر كندن ( من 1949م إلى 1953م ) - المستر بينج (من  1953م إلى 1955م ) - المستر آبر ( من 1955م إلى 1959م ) المستر هرفين ( من 1959م إلى 1965م ) المستر شلدن ( من 1965م إلى 1967م ).

يجب إعادة الدور  السابق للري

وعن واقع دلتا أبين  بين ماضٍ مزدهر وحاضر  مؤلم وعن  شبكة الري اليوم مع تدفق مياه السيول في دلتا أبين والإضرار المترتبة  تحدث أيضاً  التربوي القدير  الأستاذ خالد البديلي متطرقاً لهذه المواضيع قائلاً:

شبكة الري القديمة وضعت على اسس علمية وعلى حساب مستوى السيول التي كانت  تتدفق على مر سنوات وقد  حددت نسب لكل قناة رئيسية وفرعية وكيف يتم تحويل السيول  عبر الجسور  والسدود التحويلية في الدلتا كما تم وضع عقم من الهيجة إلى الكود وهذه العقم لها أهمية كبيرة في السيطرة على السيول الكبيرة  لكن غالبية العقم أنتهت وأيضاً اليوم  لم يعد  يعمل بنظام الري كما كان سابقاً  ولا يتم توزيع مياه السيول حسب النسب المقررة مثلما كان سابقاً  إضافة إلى عدم صيانة قنوات الري وإتباع العشوائية وبعض الأساليب التي تلحق ضرر بقنوات الري عندما يقوم مزارعون اليوم بري أراضيهم ضاربين عرض الحائط بقانون الري المسمى  الرداعة .

وشيء مهم آخر هو أن لجنة أبين الزراعية وكذا إدارة  الري كانت تمتلك منظومة متكاملة ومكونات وإدارات وآليات وعمال ومهندسين وورش الخ وكل ماذكرناه إنتهى  وأمام تدفق مياه السيول اليوم  عبر شبكة الري في دلتا أبين منذ أيام واسأبيع  لايمنع من وضع الأفكار المجدية بل والكل يبارك مثل هذه الأفكار وعرضها للمختصين في مجال الري مع الأخذ برأي أهل الخبرة في هذا الجانب وهم أدرى بنظام الري وطبيعة المنطقة وتضاريسها وفي ظل  الوضع الحالي يتطلب تفعيل أدارة الري أولاً وعند وضع الحلول والمعالجات لشبكة الري في دلتا  أبين.

 يجب  الجلوس  مع أهل الخبرة في الري والزراعة في الدلتا  حيث لايزال هناك أشخاص على قيد الحياة من الذين عملوا في توزيع مياة السيول وتصريفها عبر قنوات الري الرئيسة والفرعية ثم الجلوس مع المهندسين الذين عملوا في مكتب الري وعاصروا أهل الخبرة مثل  الصرمة   ومحمد باعود  والمهندس محمد قاسم مفلح  والذي أعتبره حالياً الصندوق الأسود لشبكة الري فهو ايضاً عاصر أهل الخبرة وكذلك هناك الدكتور خضر بلم عطروش والذي كان مدير قسم الري في ادارة الزراعة بالثمانينيات لدرجة تحولت علاقتة في العمل الى علاقة شخصية بالمفتشين الزراعيين من الذين عاصروا بداية النهضة الزراعية وغيرهم.

ويتابع البديلي كلامه قائلاً :

يجب دراسة الوضع الحالي ووضع المعالجات بالجلوس مع مثل هذه الشخصيات فطبيعة دلتا أبين تختلف عن دلتا تبن  فالجيل القديم كانوا يسقوا كل الأراضي الزاعية قبل أن تقوم  بريطانيا بتأسيس شبكة الري  فكيف كان  يتم ذلك دون وجود سدود ولاقنوات منظمة مثل التي موجودة الآن وفي يقيني كل   مافي الامر  أنهم كانوا يعملوا بايديهم وبالفؤوس والحجن والأبقار .

 حيث يقوموا  أولاً بإستخدام أحجار كبيرة جداً لتغيير حركة السيل من جانب معين ثم يستخدمون قطع من أشجار الأثل والأراك ويضعون فوقها أكياس مملؤة بالتراب وبهذا يستطيعوا أن يوجهوا ويتحكموا بالسيول المتدفقة كما يريدون هذه الطرق والوسائل التي  كان  يستخدمها  الأولين مع الإستفادة طبعاً  من قوتهم البدنية والخبرة  وطبعاً لاننسى  النية الطيبة والإرادة  القوية في العمل مع الإرتباط الروحي الوثيق بالأرض وعلى ماسبق لا يمكن أن نضع حلول مشكلة الري طالما لم يتم الجلوس مع المختصين وخاصة الذين عاصروا عمال الري القدماء وكذلك الجلوس مع ما تبقى من اهل الخبرة الذين يعرفون طبيعة منطقة الدلتا في مديريتا الدلتا زنجبار وخنفر وطبعاً  لاننسى أن نشير ونضع مقارنة بين منظومة الري التي كانت قائمة للري وقبل ذلك للجنة أبين الزراعية حيث كانت تتوفر منظومة متكاملة من آليات وحراثات ومباني وإمكانيات كثيرة سخرت للري والزراعة كانت هناك مكونات متكاملة للري والزراعة بما فيها ورش صيانة ومحطة للآليات الزراعية ونظام إداري ومالي متكامل  وكل هذا تلاشى وتدمر اليوم  ومع هذا  ثمة حاجة للوقوف أمام إعادة شبكة ري دلتا أبين ولو على خطوات ومراحل فالزراعة في الدلتا ثروة كبيرة  وضخمة بإعتبار أن هناك واديان حبا الله بهما  مديريتا الدلتا  الأول وادي بنا غرباً والثاني وادي حسان شرقاً وأراضي شاسعة  تمتاز وتشتهر بخصوبتها.